| بقلم:أنس جودة
إجراءات رفع الدعم، وخصخصة بعض القطاعات، وتخفيض أعداد البطالة المقنعة بين موظفي الدولة، وغيرها من سياسات كان يعتبر الخوض فيها قبل الحرب خيانة ويتم اتهام كل من ينادي بها بمحاولة تدمير إرث دولة الرعاية التي ساوت بين الجميع وأمنت الغذاء والتعليم والصحة بالمجان. الأمر الذي سبب في ذلك الوقت صراعاً بين أجنحة الدولة والتيارات الفكرية والسياسية والاقتصادية فيها أدى لخسارة فرصة هائلة لتطوير البلاد كانت نتيجتها الحالة المزرية التي نعيشها الآن، واليوم يتم القيام بما يشبه تلك السياسات جهاراً نهاراً تحت ضغط الواقع الداخلي والخارجي بدون تخطيط وبدون رؤية واضحة لشكل اقتصاد البلاد وبدون اجراءات الحماية الاجتماعية التي كان ضمن برنامج “الخونة” في تلك الأيام.
ليس الموضوع دفاعاً عن سياسات سابقة لها مالها وعليها وماعليها، ولكنها مجرد مقارنة بين القيام باصلاحات ضرورية وأساسية للاستمرار بناء على خطة هادئة وواعية سابقة على حدوث الكارثة وبين القيام بها تحت ضغط المصيبة والحصار والفساد، هي مقارنة بين فتح مساحات الحوار وبين التخوين والأصوات العالية الفارغة التي تمنع أي شخص من طرح فكرة تحت إرهاب سيف التخوين…
لدينا اليوم ملفات داخلية مستحقة إذا ماطلنا بها وأجلناها سنزيد من أثر الكارثة الوطنية على الجميع، ماذا نفعل بقطاع الصحة؟؟ هل يمكن خصخصته وايقاف الهدر الهائل فيه؟ وهل مايقدم اليوم يعتبر مناسباً للحاجات الانسانية؟ وكيف يمكن ضمان حق الجميع بالحصول على الطبابة وماهو دور التأمين؟؟
قطاع التعليم ، الكارثة الكبرى عى الأجيال بين مدارس لايوجد بها حتى مقاعد للدراسة وبين أحلام البيسبول، كيف يمكن الحديث عن خروج الدولة ممثلة بالوزارات المختصة من دور شركات الاعمار والبناء ودور المطابع والتوظيف إلى دور المشرف الحقيقي على العملية التربوية والتعليمية، وكيف يمكن ضمان حق الجميع بالتعليم؟؟؟
هذه أمثلة عن قطاعات أساسية هناك غيرها الكثير بحاجة لإعادة نظر عميقة وثورية في طريقة إدارة البلاد والخروج من التفسير الضيق والقاتل لعدالة التوزيع والمساواة الشكلية إلى المنطق الأوسع للعدالة وإتاحة الفرص والمنافسة.
بدون جراة وخطة بالطرح سنبقى نلوك مصطلحات خشبية لامعنى لها والواضح بعد هذه السنين أن الموضوع لايتعلق بمبادئ ورؤى بل بمصالح لفئات ضيقة تريد إبقاء سيطرتها على قطاعات المجتمع حتى نصل إلى مرحلة يتحلل فيها المجتمع ولايبقي من “إرث” الدولة إلا نماذج الفساد المعمم العابر لكل شيء.
(سيرياهوم نيوز1-صفحة الكاتب)