| بقلم:باسل علي الخطيب
ولأنكم تعاطفتم إلى ذاك الحد مع ذاك الفيديو، وشاركتموه مع كل ذاك الكم من العواطف الجياشة، هاهي بعض الأمكم واوجاعكم، نخطها كما هي، من دون بوتكس أو فيلر، من دون فلاتر، نخطها بإخراج سيء، نخطها بلغة أقرب ماتكون إلى الوحشية…..
ولأنكم على كل تلك الدرجة من الانسانية، و هذه أوجاعكم، تفضلوا وتفاعلوا مع المنشور، تفضلوا وشاركوه، ولكن اعلم انكم لن تجرؤوا……
نعم، لقد ضاقت إلى الحد الذي ضاقت معها الصدور، بعد أن اضمحلت الأمال، وماتت الأحلام، وما عاد هناك من أحد مستعد لسماع أي حديث – مهما كان منطقياً – عن أسباب هذه الضائقة، الكل يريد الحلول، ملت الناس اللجان والوعود والخطط والتصريحات والشروحات، زهقت الناس من المربعات والمثلثات والدوائر، ضاجت الناس من الحديث عن الحرب الكونية، وحروب الجيل الرابع، وسيء الذكر تسيزر، لم تعد مفردات الوطن والصمود و المنعطفات التاريخية والظروف الدقيقة، تشكل رافعةً لتلك الأرواح المتعبة والمنكسرة….
ولكن أليس هذا حقهم؟؟!!!…. فذاك الذي يتلقي العصي ليس كمن يحصيها……
وأولئك الذين في مواقع القرار، من مسؤولين أو رفاق – إلا من رحم ربي- تراهم لايكادوا يقدموا أي مساندة للدولة في مواجهة هذه الضائقة، بل يزيدون أغلب الأحيان الأمور سوءاً، إما بسبب ترددهم، أو عدم كفاءتهم، أو فسادهم، أو قلة حيلتهم……و كلها سواسية….
أما عن تلك المصداقية فحدث ولا حرج، فهؤلاء قد فقدوها منذ زمن، ألم نعش سوية انتخابات الإدارة المحلية السابقة؟ ترى أي مصداقية بقيت عندهم، أو أبقوها للحزب من خلفهم؟؟… فكيف لهم أن يخاطبوا الناس ليشرحوا لهم، ومن تراه سيصدقهم، هذا إن اجادوا المخاطبة، فهم إن خاطبوا الناس لايخاطبوهم إلا بتلك اللغة إياها، يخاطبوهم بكل استعلاء واستغباء، علماً أن أغلبهم لايكاد يستطيع تركيب جملة مفيدة، أو جملة غير مفيدة……
لطالما قلت سابقاً، أن حامل الفكرة اهم من الفكرة ذاتها، ولو كان هؤلاء، وخاصة من هم في موقع سياسي، وليس خدمي، لو كانوا ذو حيثية شعبية، لو كانوا ذو مصداقية، لو كانوا ذو كاريزما، لو كانوا ذو ثقافة أبعد ولو قليلاً من تلك المنطلقات النظرية إياها، لكان خطابهم في أوقات الأزمات هذه مسموعاً، ولكانوا استطاعوا ولو بالكلام تهدئة وطمأنة النفوس، ولكان حديثهم عن الصمود والوطن والمستقبل مقنعاً…..
لو أنهم كانوا ذو مصداقية لكان يمكنهم مخاطبة الناس، أنهم منهم ولهم، ولكن من تراه من هؤلاء الذين يعانون مستعد ليسمع ولو جملة من أفواه من ذكرتهم اعلاه؟؟!!!…
وعلى سيرة المصداقية، أتحداكم أن تجيبوا على هذا السؤال، هل نفذتم ولو توجيه واحد من توجيهات السيد الرئيس، فيما خص الشفافية، العمل على التقرب من الناس، اجتراح الحلول للمشاكل، وغيرها الكثير فيما خص تحسين ظروف حياة الناس و التخفيف من معاناتهم؟؟!!!…
المشاكل تتفاقم والمعاناة تزداد، فأين الحل، وهل هناك من حل؟؟!!… فحتى الحلول الإسعافية قد اخفقوا إياهم في ايجادها، فنحن ماعدنا نتكلم عن الحلول الطويلة الأمد….
خذوا علماً….
نحن والد الصبي ووالدته، وإن تخلى أغلب مسؤولينا عن مسؤولياتهم، علينا أن نتكفل بها، فالخراب إن توسع، لن يطال إلا حياتنا ومستقبلنا، و نحن من سيدفع الثمن على كل الاحوال….
أول العلاج هو الوعي ثم الوعي، فالجنون لن يجر إلا المزيد من الجنون، والخراب لن يجر إلا المزيد من الخراب….
نحن كمن يقف وظهره إلى ذاك الحائط، ولنتذكر دائما نحن من سيدفع ثمن أي فوضى، يحب أن نكون أكثر مسؤولية من بعض مسؤولينا ورفاقنا، ونصبر فوق صبرنا صبراً آخر، فلا حل آخر في الافق….
لا نملك ترف الخيارات المتعددة، ليس لنا إلا تلك الروح نواجه بها كل هذه الاعاصير، ماعاد يفيد التفكير، أنه لماذا علينا أن نتحمل لوحدنا ومسؤولينا يعيشون في النعيم، هذه قربة مثقوبة، لايفيد النفخ فيها بعد الان، لأن كل صراخنا لن يغير في عقليتهم شيئاً، وقد نضطر أن نصرخ أكثر إن جنحنا بصراخنا إلى أمكنة اخرى….
لم تعد القضية هذا التراب او تلك الاشجار، صارت القضية مستقبل اولادنا وشبابنا، أن تبقي لهم بعض بلدنا حتى يعيدوا بعض إعماره…..
أذكر أنه وفي خمسينات القرن الماضي، قد فُرض حصار غربي على الصين الشعبية، و كان من جملته منع تصدير السكر، طلب ماوتسي تونغ من شعبه أن يقتصدوا في السكر مع الشاي، و كما تعرفون، شرب الشاي من التقاليد الصينية الأساسية حتى تاريخه، فمن يضع ملعقتين، ليضع ملعقة، ومن يضع ملعقة، ليضع نصف ملعقة، ومن يضع نصف ملعقة، يستطيع الاستغناء عن السكر في الشاي، لبى الشعب النداء، كانت النتيجة، أنه صار عند الصين الدولة، وبعد ستة اشهر وفرة في السكر من نتاجها المحلي….
اعود واكرر، نحن أبو الصبي وأمه، وظهرنا إياه الى الحائط، و مامن حل آخر في الأفق، عضضنا على الجرح مرات ومرات، وقدرنا أن نعضض عليه مرات آخرى، ستقولون لي، لقد تعبنا، لقد تعبنا حتى مل التعب منا، لقد صبرنا حتى مل الصبر منا…. وانا كذلك تعبت، الست واحداً منكم؟… نعم تعبت، نعم تعبنا…
ولكن….هل تعرفون كيف كانت العرب تعرف الأحصنة أيها اصيل أو غير اصيل، عندما تختلط مع بعضها؟؟…كانوا يجمعون كل الأحصنة ويوسعونها ضرباً وإهانةً على مدى ايام، ويجوعونها ولايقدمون لها الماء، بعد عدة أيام يقوم من كان قد ضربها وجوعها بتقديم الطعام والشراب لها، فمن يهرع منها ويأكل ويشرب، يعرفونه أنه غير أصيل، ومن يستنكف عن الطعام والشراب، يعرفونها أنها أصيلة….
قدرنا أن نبقى تلك الأصايل، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا…..
هذه قناعتي، وهذه حياتي، ولكم الخيار …
سيرياهوم نيوز ٣-خاص بالموقع)