| خالد عرنوس
لم ينته العرس العالمي للعبة الشعبية الأولى في عالم الرياضة فمازال في المونديال القطري 2022 أربع مباريات أو لنقل أربع قمم يتحدد على أثرها البطل الجديد للعالم، وبالتأكيد سيكون هناك خائبون فيما تبقى من البطولة الثانية والعشرين، لكن خيبتهم وقعها أقل من أولئك الذين سقطوا مبكراً أو غابوا أو أفل نجمهم فيما بعد فها هو اللاروخا الإسباني الفريق المرشح للمنافسة على اللقب أخفق وغادر من أول أدوار الإقصاء وفي أكبر مفاجأة خلال ثماني مواجهات شهدها دور الستة عشر، وإذا كان خروج الآخرين من هذا الدور متوقعاً فإن قسوة الطريقة ألقت بظلالها على المنتخب السويسري وبشكل أقل الكوري الجنوبي الذي كان مدربه أول المستقيلين من الفرق الثمانية المهزومة في هذا الدور.
وحملت أولى مباريات ربع النهائي إبعاد ثالث الكبار بل المرشح الأكبر للظفر باللقب ونعني هنا منتخب السامبا البرازيلي الذي خذلته ركلات الترجيح أمام الناري الكرواتي بعد ماراثون كان نيمار ورفاقه الأخطر خلاله إلا أن العقدة لاحقت البرازيل ونجمه الأعلى الذي يبدو أنه لن يكتب له المجد بالوصول إلى ما فعله سحرة السامبا التاريخيون، ولم تنته الليلة بالطبع إلا والهولنديون خارج المونديال بالطريقة ذاتها التي أقصت البرازيل فكان نهاية حلم تحول إلى كابوس بالنسبة لبعض اللاعبين وخاصة المدرب الأكبر في البطولة فان غال.
الحلم والكابوس
التوقعات التي سبقت البطولة رجحت كفة المنتخب البرازيلي للعودة إلى منصات التتويج واعتبر الكثيرون أن وضع النجمة السادسة على القميص الذهبي للسيليساو مسألة وقت لا أكثر وحتى وقت متأخر من لقاء الناري الكرواتي لم يكن أحد يشك في هذا الأمر رغم وصول المواجهة إلى الأوقات الإضافية إلا أن هدفاً متأخراً من رفاق مودريتش أعاد الأمور إلى كفة التعادل ليصبح المصير معلقاً بركلات الأعصاب الترجيحية والتي حولت الحلم البرازيلي إلى كابوس، فقد تألق الحارس الكرواتي مجدداً فتصدى لكرة رودريغو على حين ارتدت كرة ماركينيوس من القائم لتمنح بطاقة نصف النهائي للفريق الكرواتي في حين توقفت مسيرة السيليساو عند دور الثمانية للمرة الرابعة في آخر خمس مشاركات.
طبعاً الخروج البرازيلي لم ولن يمر مرور الكرام فها هو المدرب أدينور ليوناردو باتشي «تيتي» يعلن استقالته من تدريب المنتخب عقب إخفاقه ببلوغ دور الأربعة للمرة الثانية على التوالي، على حين يعد خيبة كبيرة لهذا المدرب الذي رشحه الكثيرون ليكون صاحب المجد السادس في تاريخ البرازيل، أما أكبر الخائبين على أرض الملعب فهو النجم الأول للسيليساو نيمار والذي يبلغ من العمر 30 عاماً وسيكون في الرابعة والثلاثين عند البطولة القادمة أي إنه ربما لعب المونديال الأخير وبقيت في قلبه غصة عدم التتويج بلقبه بل أخفق بخوض النهائي ولو لمرة واحدة على عكس زميله ميسي الذي خسر نهائي 2014 وأمامه فرصة للتعويض، على حين زميله الآخر في سان جيرمان كليان مبابي نجح بالفوز بكأس العالم قبل أربع سنوات.
نيمار الذي ملأت دموعه عشب استاد المدينة التعليمية عقب انتهاء الحلم كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق نصف الحلم عندما سجل هدف فريقه بالمرمى الكرواتي وجاء بطريقة أكثر من رائعة وبه عادل الملك بيليه بعدد الأهداف الدولية (77 هدفاً)، وقد صرح بأول رد فعل بعد الخروج بأنه لا يضمن العودة مجدداً إلى المنتخب ملمحاً لاعتزاله اللعب دولياً.
الطواحين تتوقف
على المقلب الآخر قدم المنتخبان الأرجنتيني والهولندي مباراة كبيرة آلت إلى الترجيح وقد ابتسمت لراقصي التانغو ليستمر حلم ليونيل ميسي الجميل وتوقفت الطواحين عن الدوران فسكت المدرب لويس فان غال عن الكلام وخرج بخفي حنين مع منتخب بلاده الذي أخفق للمرة الثانية تحت قيادته ببلوغ نهائي المونديال والمرة الأولى كانت كذلك أمام الأرجنتين في نصف نهائي 2014 عندما أنهى البطولة ثالثاً، وهاهو ابن الـ71 عاماً يترك منصبه كمدير فني للمنتخب الهولندي بعد 20 مباراة في ولايته الثانية، والطريف أنه لم يخسر خلالها مسجلاً 14 فوزاً و6 تعادلات.
ولم يكن المدافع فيرجيل فان دايك الذي يصنف كأحد أفضل قلوب الدفاع في العالم أقل خيبة من البرازيلي نيمار وخاصة أنه خاض المونديال الأول بتاريخه ولن يكون قادراً على العودة إلى البطولة القادمة على الأغلب ذلك أنه يبلغ من العمر 31 عاماً، وزاد في حزن لاعب ليفربول أنه أهدر ركلة الترجيح الأولى في الليلة الأهم ما يعني أنه مسؤول بشكل أو آخر عن خروج فريقه.
اللاروخا وتوابع الزلزال
منذ تأهله إلى النهائيات العالمية قبل عام من موعدها وكل الترشيحات تنصب المنتخب الإسباني للمنافسة على اللقب ولم تتغير التوقعات مع الأيام، بل تعززت قبل المونديال بعد تأهله إلى نصف نهائي دوري الأمم بنسخته الثالثة منتزعاً صدارة مجموعته من لشبونة بفوزه على جاره البرتغالي، وما أن دخل البطولة حتى تأكدت كل التوقعات خاصة بعد سباعية كوستاريكا التاريخية والتي كشفت الأيام أنها كانت خادعة وحدثت لظروف خاصة بالمباراة ولاسيما أن الفريق الإسباني لم يترجم أفضليته أمام المانشافت الألماني خلال الشوط الأول واكتفى بالتعادل، وجاءت المواجهة الثالثة أمام الساموراي الياباني لتكون الفخ الذي سقط به لويس إنريكه ونجومه، فكانت الخسارة بطريقة الخطف رسالة تحذيرية للمدرب من أن الاستحواذ والسيطرة لن تجلبا الفوز دائماً والدليل أن اليابانيين فازوا بأقل نسبة استحواذ في تاريخ البطولة، وعليه كان يجب على إنريكة العنيد إجراء تجارب احترازية على طريقة اللعب أمام المنافس القادم.
ولم يكن ذلك المنافس سوى المنتخب المغربي الشقيق الجار على الضفة الأخرى من مضيق جبل طارق والذي حمل معه إلى استاد المدينة التعليمية معنويات هائلة بعدما نجح بصدارة مجموعته على حساب منتخبين أوروبيين مرشحين للمنافسة كذلك وإن بنسبة أقل قليلاً من اللاروخا، ومتسلحاً بتشجيع جماهيري عريض وكذلك بمدرب ولاعبين مقتنعين بأن خسارتهم لن تكون كارثة، فكانت الموقعة التي امتدت لأوقات إضافية لأسباب عديدة، منها عدم مقدرة الإسبان على فك شيفرة الدفاع المغربي وتألق الحارسين في التصدي لبعض الكرات الخطيرة وفي التمديد لم يختلف الأمر كثيراً ومعها النتيجة ليلجأ الفريقان إلى ركلات الترجيح وهنا خانت الأعصاب لاعبي إسبانيا على حين كان التوفيق حليف المغاربة الذين تفوقوا ففازوا كاتبين نهاية الحلم الإسباني باللقب العالمي وتأجيله لأربع سنوات قادمة على الأقل.
ضحايا المونديال
وإذا كان المدير الرياضي للاتحاد الألماني أوليفر بيرهوف دفع ثمن خروج المانشافت من الدور الأول مع التأكيد على بقاء المدير الفني هانز فليك فإن الاتحاد الإسباني وجد أنه لابد أن يكون المدرب لويس إنريكه صاحب المسؤولية الأولى عن الإحباط الذي أصاب بلاد الثيران وبالتالي ارتأى إنهاء عقده وتعويضه بالمدرب لويس دي لافونتي ابن الحادية والستين من العمر وخبير الفئات السنية، وقد عمل لافونتي مدرباً للمنتخبات الإسبانية الصغيرة منذ عام 2013 ونال بعض الألقاب وآخرها حصوله على الميدالية الفضية لدورة طوكيو للألعاب الأولمبية.
ولم يقتصر الأمر على إنريكه فقد قرر الاتحاد عدم التجديد للمدير الرياضي للمنتخب الإسباني خوسيه مولينا الذي ينتهي عقده نهاية الشهر الحالي وتعويضه بألبرت لوكي وعين معه فرنسيس هيرنانديز كمعاون.
وإذا كان الخروج المهين للاروخا أطاح بالمدرب فإن خروج المنتخب الكوري الجنوبي من دور الستة عشر أدى إلى استقالة مدربه البرتغالي باولو بنيتو من منصبه بعد أربع سنوات على قيادته لمحاربي التايغوك نجح خلالها بالتتويج لبطولة جنوب شرق آسيا عام 2019 وبلغ معه الدور الثاني في المونديال الحالي وقاده خلال هذه الفترة بـ57 مباراة فاز بـ35 منها مقابل 13 تعادلاً و9 هزائم ولم يعلن الاتحاد الكوري عن بديله بعد.
وكان المدرب الأرجنتيني جيراردو مارتينو أعلن رحيله عن منتخب المكسيك مع نهاية الدور الأول عقب الإخفاق بتجاوز الدور الأول وهي المرة الأولى للتريكولور منذ عام 1994 التي تتوقف مسيرته مع نهاية دور المجموعات، وكان مارتينو تسلم المهمة مطلع عام 2019 وخاض منتخب المكسيك 66 مباراة تحت قيادته ففاز بـ42 منها وتعادل بـ12 مباراة وخسر مثلها.
أمر طبيعي
وإذا كان الخروج المكسيكي لم يشكل مفاجأة كبرى فإن خروج نظيره البلجيكي من الدور الأول جاء مدوياً، لأن فريق الشياطين الحمر دخل البطولة مرشحاً للمنافسة على اللقب، لكنه أخفق رقمياً وسقط فنياً، فلم يظهر بالمستوى والأداء المنتظر ما جعل مدربه الإسباني يعلن نهاية مشواره معه بعد ست سنوات نجح خلالها باحتلال المركز الثالث في مونديال 2018 كأفضل إنجاز في تاريخ الكرة البلجيكية لكنه أخفق بإعادة الكرّة علماً أنه خرج من ربع نهائي يورو 2021 وبلغ نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية في نسخته الثانية.
أما أول المدربين المقالين أو المستقيلين فكان البرتغالي كارلوس كيروش الذي قاد منتخب إيران في البطولة وهي فترته الثانية مع أسود شيران ولم تتجاوز ثلاثة شهور عندما استدعي على عجل ليخلف الكرواتي دراغان سكوشيتش، وعلى الرغم من تسجيله الفوز على ويلز بهدفين وهو الفوز الثالث لإيران في تاريخ مشاركاته إلا أنه أخفق بتجاوز الدور الأول في مشاركته السادسة.
وكان المدرب الغاني أوتوا دو أعلن انتهاء مهمته مع منتخب بلاد النجوم السوداء عقب مغادرة المونديال من الدور الأول بالحلول بالمركز الأخير وأوتوادو كان يعمل مدرباً مساعداً في بورسيا دورتموند الألماني قبل أن يتم استدعاؤه ليقود غانا إلى النهائيات العالمية، وها هو يعود إلى منصبه في النادي الألماني بعد 9 أشهر، وذلك أنه مرتبط بعقد مازال يمتد حتى صيف 2024 وقد صرح أنه قد يعود لتدريب النجوم بعدها.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن