بهدف التعريف بمفهوم الصناعات الإبداعية والبحث في مجالاتها ومقومات نجاحها وأهميتها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية أطلقت وزارة الثقافة اليوم بالتعاون مع الهيئة العليا للبحث العلمي والجامعة الافتراضية السورية أعمال مؤتمر الصناعات الإبداعية بمكتبة الأسد الوطنية بدمشق، والذي يستمر لمدة يومين.
وناقشت الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان “تطور مفهوم الصناعات الإبداعية” وأدارتها الباحثة رشا برهوم من برنامج التراث الحي في الأمانة السورية للتنمية محاور عدة وهي التعريف بالمصطلح وتحديد العمل به وفق المتطلبات الوطنية السورية ونشأة وتطور الصناعات الإبداعية ومستلزماتها، وأهمية الصناعات الإبداعية “ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً”.
الباحث إياد مرشد مدير عام مكتبة الأسد الوطنية لفت في محوره إلى الأهمية الكبيرة التي تمثلها الصناعات الإبداعية على الصعيد العالمي من حيث الدخل القومي ونسب التوظيف العالية واستقطاب الكفاءات في مجال الفنون والثقافة وكل مجالات الإبداع، مؤكداً أن هذه الصناعات لا تقتصر على الصناعات الثقافية فقط وإنما تشمل الإعلام والتخطيط العمراني.
وبين الدكتور عمار النهار الأستاذ في جامعة دمشق في محوره أن معنى الصناعات الإبداعية هو معنى عملي وديناميكي يمكن من خلاله أن نتوجه إلى قضايا إيجابية تتعلق بتفعيل الإبداع في المجتمع بهدف تفعيل الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يؤدي إلى تفعيل التنمية، موضحاً أن هذا الأمر ينعكس إيجاباً على المجتمع وبالوقت نفسه يهدف إلى رعاية المبدعين وتوفير الوظائف عن طريق الصناعة الإبداعية، فالأرباح التي تأتي من هذه الصناعات تجاوزت البلايين في عدد من البلدان.
وحول أهمية الصناعات الإبداعية ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً أشارت الدكتورة مانيا سويد عبر برنامج “السكايب اون لاين” من الإمارات إلى أن الإبداع في المجالات الفنية مثل المسرح والسينما والأدب يهدف إلى نشر الوعي الثقافي وتصحيح المفاهيم التي تسود المجتمع، ويعتبر سلعة حقيقية في تطوير هذه الثقافات بالاتكاء على الركيزة الأساسية وهي الاقتصاد.
وتطرقت الجلسة الثانية التي أدارها الصحفي زياد غصن إلى “دور الصناعات الإبداعية في دعم الاقتصاد الوطني” من ناحية الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للاستثمار في الصناعات الإبداعية، حيث قدم في هذا المحور رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون علي عنيز لمحة موجزة عن اللجنة التي تنظم شأن الأشخاص والشركات الذين يعملون في إنتاج وصناعة الإبداع السوري سواء كان تلفزيونياً أو سينمائياً وما يدخل بهذه الصناعات من رؤوس أموال تضاهي الصناعات الثقيلة، مبيناً أن اللجنة هي تحت مظلة غرفة صناعة دمشق وريفها.
وفي محور (ضرورة تحقيق التكامل بين الصناعات الإبداعية والأسواق المستهلكة لها) استعرض مدير تحرير مجلة التراث الشعبي الباحث خالد فياض المشكلات التي تتعرض لها عملية صناعة الحرف السورية العريقة من نقص المواد الأولية، والعزوف عن شراء هذه المنتجات وهجرة الحرفيين وعدم توفر وسائل الطاقة وعدم وجود أسواق عرض للمنتجات وغيرها من المشكلات.
وتحدثت مديرة المهن السياحية بوزارة السياحة راما الشيخ عن أهمية الصناعات الإبداعية في الاقتصاد وفي التجارة العالمية والربط بين هذه الصناعات والأسواق الاستهلاكية لها والنتائج المتوقعة منها وتحديداً في القطاع السياحي.
وفي محور (دور الصناعات الإبداعية في تحقيق التنمية المستدامة) قدمت الأستاذة الجامعية الدكتورة ناتاليا عطفة عبر برنامج “السكايب” شرحاً مستفيضاً عن مفهوم المدن الإبداعية ودورها في تحقيق الاستدامة، لافتة إلى أن المدن تمتلك القدرة على أن تصبح قوة كاملة للتغيير والتعامل مع النمو الاقتصادي المستدام والتنمية والازدهار، وهذا يعزز التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية العميقة مع توفير البنية والقاعدة الأساسية للتغيير والابتكار المحلي والعالمي.
الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور أحمد صالح أوضح أن استراتيجية تعزيز الاقتصاد الإبداعي لا بد أن تحدد بإطار زمني ووضع خطة شاملة في سياق التنمية الشاملة والتكامل مع استراتيجية التحول الرقمي والتنسيق مع النظم التعليمية والسياسات الثقافية وغيرها.
وركزت مداخلات عدد من الحضور حول أهمية هذه الصناعة في تحقيق التنمية بمجالات عدة والكشف عن الطاقات السورية المبدعة وضرورة وضع استراتيجيات لتحقيق استدامة لهذه الصناعة والعمل على استمراريتها وتعزيز دورها في المجتمع وتذليل الصعوبات التي تعترض تطورها والعمل بتشاركية مع المؤسسات ذات الصلة لتعزيز هذا النوع من الصناعة.
وفي تصريحات للإعلاميين قال وزير الصناعة زياد صباغ: “إن المؤتمر يسلط الضوء على فكرة جديدة.. وهو ضرورة في ظل الظروف الراهنة لإظهار الفكر الإبداعي من أجل تطوير ما هو قائم”، مشيراً إلى أن الإنسان هو غاية الحياة و منطلقها لترميم ما دمره الإرهاب خلال سنوات الحرب والانطلاق ببناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة.
وحول العلاقة بين الصناعات الإبداعية والبحث العلمي قال مدير عام الهيئة العليا للبحث العلمي الدكتور مجد الجمالي: “البحث العلمي هو حالة إبداعية، وبالنظر لأي مقال بحثي نجد الأصالة والإبداع والفكرة المبتكرة فيه، ودائماً لا ينشر أي بحث دون وجود إبداع وفكرة جديدة فيه، فالإبداع يشمل العديد من المجالات، كذلك البحث العلمي في كل المجالات الصناعية والطاقية والتنموية والاجتماعية والثقافية”.
سيرياهوم نيوز 4-سانا