آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » إستراتيجية الصبر الإيرانية.. كيف نجحت طهران في التعامل مع قضايا الداخل والخارج؟

إستراتيجية الصبر الإيرانية.. كيف نجحت طهران في التعامل مع قضايا الداخل والخارج؟

عبد الله شمس الدين

يقول السفير الإيراني في لبنان حول الوضع الداخلي الإيراني إن “طهران تعاملت مع الوضع بصبر وهدوء، لأنها كانت تعلم أن الذين خرجوا إلى الشارع ليسوا كلهم سيئين”.

 

عناوين خمسة طغت على لقاء السفير الإيراني في لبنان، مجتبى أماني، مجموعةً من الصحافيين اللبنانيين في مقر السفارة الإيرانية، لكن الصبر كان مفتاح كل هذه العناوين لديه. إنها إستراتيجية جاهد السفير الإيراني في شرحها باللغة العربية، والتأكيد أن إيران تعتمدها في مقاربتها وتعاملها مع القضايا الداخلية والخارجية.

 

يقول السّفير الإيراني، رداً على سؤال عن الوضع الداخلي في إيران بعد الاحتجاجات الأخيرة، إن “طهران تعاملت مع الوضع بصبر وهدوء، لأنها كانت تعلم أن الذين خرجوا إلى الشارع ليسوا كلهم سيئين، ولا يريدون جميعاً إسقاط الدولة والنظام، وبالتالي نجحت سياسة الصبر هذه في فرز هؤلاء المحتجين وتوجيه ضربة في الداخل إلى أولئك الذين ارتبطوا بالخارج، ونفذوا عمليات قتل ضد المواطنين ورجال الشرطة وقوات الأمن، وتوجيه ضربة في الخارج أيضاً ضد المجموعات المسلحة الانفصالية، ولا سيما في كردستان العراق”.

 

السفير أماني: هكذا تقزمت آمال الدول والأنظمة المعادية لإيران

يشير السفير أماني إلى ضخامة الهجمة الإعلامية التي اعتمدتها كل من الولايات المتحدة والسعودية و”إسرائيل” ومن انضوى في محورهم خلال الأشهر الماضية، لافتاً مثلاً إلى أنّ كل الذين يتحدثون اللغة الفارسية في العالم عددهم لا يتجاوز 150 مليون شخص. ومع ذلك، تم إنشاء أكثر من 150 محطة إعلامية باللغة الفارسية موجهة ضد إيران، وتم رصد أكثر من 150 ألف حساب تم إنشاؤها حديثاً في منصات “تويتر” و”إنستغرام”، وجميعها كانت تعمل ضد إيران.

 

لكنَّ سياسة الصبر التي اختتمت بالحزم انتهت إلى تراجع أعداء إيران عن أهدافهم، من إسقاط النظام إلى حل شعبة في الشرطة كانت مهمّتها الحفاظ على الآداب العامة. هكذا تقزّمت آمال الدول والأنظمة المعادية لإيران من إسقاط النظام إلى حل شعبة للآداب.

 

أماني: قمة لدول جوار العراق في عمّان قد تشهد عودة المحادثات الإيرانية السعودية

الصّبر أيضاً كان سلاح إيران في مفاوضات الملفّ النووي. يردّ السفير الإيراني على من يتهم إيران بأنها هي التي عطّلت الاتفاق في لحظاته الأخيرة، بالقول إنها تعاونت إلى أقصى حدود، لكنها اكتشفت أخيراً أن واشنطن تريد منها كل شيء في مقابل إلغاء العقوبات.

 

وعندما أقول كل شيء، والكلام للسفير الإيراني، فهذا يعني التخلي عن كل الحلفاء في سوريا وفلسطين ولبنان واليمن، وحتى روسيا وفنزويلا. لم يعد الموضوع فقط موضوعاً نووياً، بمعنى آخر التخلي عن دورها الإقليمي والدولي والتقوقع داخل إيران، وهذا ما لا يمكن أن تقبل الجمهورية الإسلامية به، يضيف.

 

الأمر عينه في المحادثات الإيرانية السعودية. يقول السفير أماني إن المحادثات السابقة التي حصلت في العاصمة العراقية بغداد كانت تتوقف عند الخلاف على الأولويات، فالسعودية تريد تدخلاً إيرانياً في اليمن يحدّ من قوة حكومة صنعاء وأنصار الله، فيما يصر الإيرانيون على أنَّ الأساس هو تنظيم العلاقات بين السعودية وإيران من خلال إعادة فتح السفارات في كلا البلدين أولاً، ومن ثم السعي للمساعدة في القضايا الإقليمية، مشيراً إلى أن قمة إقليمية حول العراق ستُعقد في عمان في 20 كانون الأول/ديسمبر الحالي، وقد تشهد لقاءً ثنائياً بين ممثلي إيران والسعودية، وتكون منطلقاً لعودة المحادثات الثنائية.

 

أماني: نؤيد انتخاب رئيس للبنان بأسرع وقت ولدينا ثقة بحلفائنا ولا نتدخل فيهم

في ملف الرئاسة اللبنانية، كان السفير أماني واضحاً، وقال: “نحن نؤيد انتخاب رئيس جمهورية للبنان في أسرع وقت ممكن”.

 

ورداً على سؤال آخر، أجاب: “اختلافنا عن السعودية في التعاطي مع هذا الملف هو أن لدى إيران حلفاء أقوياء، وهم أخبر منها بملف الرئاسة، وهي تثق بهم، وبالتالي لا تتدخل فيمن يختارون، يكفي أن يصل رئيس لا يكون معادياً لإيران”.

 

أماني: في لبنان من لا يجرؤ على مخالفة القرار الأميركي

أما في ملف الهبة الإيرانية، فكان السفير أماني واضحاً: “قدمنا الهبة بهدف تخفيف المعاناة عن كلّ اللبنانيين، وليس فئة دون أخرى، وأرسلنا مذكرة التعاون إلى المعنيين في الحكومة اللبنانية لتوقيعها، لكن لم يصلنا أيّ جواب. للأسف، هناك تعقيدات كثيرة حالت دون أن يستفيد الشعب اللبناني من هذه الهبة، لكن من الواضح أن القرار أميركي، وهناك مسؤولون لبنانيون لا يجرؤون على مخالفة القرار الأميركي، حتى لو كان على حساب الشعب اللبناني”.

 

الصبر. هذه الكلمة تردَّدت كثيراً في لقائنا مع السفير الإيراني في بيروت. مع الحلفاء والأصدقاء أيضاً تستخدم طهران الصبر. يتحدّث أماني عن كيفية تعامل السعودية مع حلفائها، ويضرب مثلاً ما حصل مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وكيفية تعامل طهران مع حلفائها، ويضرب مثلاً حركة “حماس” التي وقفت في الأزمة السورية ضد خيارات طهران. ومع ذلك، تعاملت معها بصبر، ولم تقطع علاقاتها بها أو تصنفها في خانة الأعداء، بل استخدمت معها سلاح الصبر، وهو السلاح الذي أوصل إلى النتيجة المرجوة في عودة “حماس” إلى موقعها الطبيعي.

 

إنما للصبر حدود. يختم السفير الإيراني: “صحيح أن صبرنا طويل، وأن الصبر قد يملّ من صبرنا، لكننا عندما نحسم قرارنا، فإنه يكون قاطعاً جازماً وحاسماً”.

 

سيرياهوم نيوز1-الميادين

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رفض الابادة الصهيونية رغم الضغوط ومحاولات القمع: الجبهة الطلابية مستمرّة في جامعات أميركا

    رفض الابادة الصهيونية رغم الضغوط ومحاولات القمع: الجبهة الطلابية مستمرّة في جامعات أميركا   مدفوعة بمشاهد الموت والدمار الآتية من غزة والمنتشرة على ...