الدكتور خيام الزعبي
منذ أكثر من عشر سنوات من الحروب والمؤامرات كانت أمريكا المتربصة بسورية صاحبة الحضور الأبرز فيها والمدبر والممول لمعاركها والمستفيد الأول من نتائجها، فكانت فاعل ومؤثر في الحرب السورية، كونها تمارس تأثيراً قوياً على الجماعات المسلحة، إذ تزودها بالمال والسلاح والصواريخ المضادة للدبابات، وإلى جانب دعمها لهذه الجماعات، تحاول بسط نفوذها في سورية عبر قنوات غير معلنة، إذ تدعم جماعات معارضة أخرى تعمل تحت واجهات إسلامية، وذلك عبر توفير التدريب والسلاح لها.
اللافت هنا ، في بداية الحرب على سورية، عندما سيطرت داعش وأخواتها على حقول النفط في سورية، كان يُنقل النفط إلى تركيا بواسطة صهاريج، فحينها، كما تشهد وسائل الإعلام، تاجرت به عائلة الرئيس التركي. أما في الوقت الحالي، فتم عزل تركيا عن حقول النفط وأصبحت أمريكا تنهب النفط السوري بشكل يومي بالتواطؤ مع قسد المدعومة من أمريكا، وإخراجها عبر معبر الوليد غير الشرعي إلى العراق، ومن ثم بيعه والمتاجرة به.
على الرغم من التصريحات المزدوجة للرئيس الأمريكي بايدن بشأن انسحاب القوات الأمريكية من سورية، فإن هذه القوات في الواقع لن تغادر هذا البلد طواعية فقد اتجهت واشنطن، بكل وضوح إلى الاستيلاء على حقول النفط السورية والاحتفاظ بالسيطرة عليها وسط مخاوف من أن يسيطر عليها الجيش السوري نفسه الذي عزز وجوده مؤخرا هناك.
على الجانب الأخر، تعاني سورية أزمة كبيرة في المشتقات النفطية كالغاز والمازوت والبنزين، والمواطن بأمس الحاجة لنفط بلاده، بينما تصر أمريكا على سرقته من حقول النفط الواقعة على الضفة اليمنى للفرات، أو حقول بمحيط الرقة السورية، وينقل بصهاريج إلى العرق.
وتزامنا مع هذه المستجدات الأخيرة، تتمسك واشنطن بالسيطرة على مناطق معينة في سورية، لضمان استمرار سرقة نفطها والتحكم بالممرات البرية في شرق سورية لذلك يحاول الرئيس بايدن تبرير سرقته للنفط، بذريعة حمايته من داعش، بينما بايدن نفسه أعلن في أكثر من مرة انتهاء الحرب مع داعش وان أمريكا انتصرت عليه، حتى انها أعلنت تصفية زعيمه أبو بكر البغدادي، وهو ما يؤكد انتفاء ذريعة بقاء القوات الأمريكية في سورية لإدارة الحقول في شمال شرق سورية، لذلك من الواضح أن هذا التخبط في سياسات بايدن الخارجية ليس بالأمر الجديد، كما أن هذه السياسة لوضع اليد على نفط دولة عربية هي جزء من سياسة أمريكا العدوانية. كما ترى واشنطن في تواجدها شرق سورية ورقة يمكن أن تستخدمها لتأمين مصالحها ومصالح ذيلها “إسرائيل” في أي تسوية للأزمة السورية مستقبلاً، بعد أن فقدت كل أوراقها هناك بفضل صمود الجيش العربي السوري.
وعلى نفس المنوال، إن استمرار الاحتلال الأمريكي والإبقاء على حالة النهب والسرقة للنفط السوري، هو الماكنة التي ستسرع في تشكل وتكوين المقاومة الشعبية السورية الوطنية، ليجد الأمريكي نفسه أمام حرب عصابات يعجز أمامها عن تحقيق أهدافه الاحتلالية، وبذلك لن يكون هناك موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب السوري ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان الذين يرابطون للدفاع عن بلدهم الغالي على قلوبهم “سورية”.
الكلمة هنا هي للتاريخ، وكلمة التاريخ انه لا مفر من هزيمة الاحتلال الأمريكي طال الزمان أو قصر، فالمحللون والخبراء السياسيون والعسكريون السوريون يجمعون على أمر واحد هو أن أمريكا ليس بمقدورها مهما فعلت أن تلحق الهزيمة بالمقاومة الشعبية السورية، وليس أمامها من خيار إلا أن ترحل عن سورية، لأنها لم تعرف قدر سورية ولم تدرك مكانتها الإقليمية والدولية التي تحرق كل من يريد الإقتراب منها، فسورية لن تعود إلى الوراء مهما حاول الواهمون لأن أبناءها قادرون على تخطي هذا المرحلة بكل قوة وعزيمة.
وأختم بالقول: إن العدوان الذي تقوده واشنطن وعملاؤها لهو أقوى دليل على الحقد الذي يملأ صدور تلك العصابة التي تقتل السوريين وتسرق نفطهم وتحتل أراضيهم وتدعم انقسامها، وبوقاحة لا مثيل لها تتحدث عن دعم الشعب السوري.
كاتب سوري
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم