| زهير المحمد
يشوب واقع تربية الدواجن في سورية نوع من الغموض والتخبط ، ويرثي الكثير من المربين ما آلت إليه حالهم وحال القطاع المتردي، الذي كان على مدار سنوات طويلة في مقدمة القطاعات المنتجة والمدرة للأرباح الخيالية.
وعلى الرغم من الارتفاع الكبير بأسعار الفروج والبيض في الأسواق إلا أن هذا الأمر لا يراه الكثير من المربين أنه دليل ملموس على أن القطاع مازال يدر أرباحاً، وإنما هو أمر طبيعي ونتيجة حتمية لارتفاع تكاليف الإنتاج التي لم تترك لهم هامش ربح في البيدر، في حين أن المعنيين في “الزراعة” يؤكدون أن تقديم الدعم لقطاع الدواجن لم ينقطع وأنه مستمر، أما المواطنون فهم على حيرة من أمرهم فمن يصدقون؟ لا سيما أن طعم لحم الفروج قد نسيته النسبة العظمى منهم حتى إن أكل البيض بات مكلفاً جداً ويحتاج إلى ألف حساب؟!
صعوبات لا تنتهي
ويلخص عدد من مربي الدواجن بمحافظة ريف دمشق بحديثهم ل”تشرين” الصعوبات الكبيرة، التي يتعرضون لها في هذه الأيام، وفي مقدمتها ارتفاع أسعار الأعلاف، لاسيما مادة “الصويا ” التي بات سعر الطن منها في الأسواق يزيد على 8 ملايين ليرة، وارتفاع سعر المازوت المخصص لتدفئة “الفوج”، ناهيك عن ارتفاع أسعار الأدوية ومعاينة الأطباء البيطريين، وسعر الصوص، مشيرين إلى أن الكثير من أصحاب المداجن أغلقوا مداجنهم نتيجة لخسائرهم المتتالية.
الأعلاف والمازوت تشكلان 85 % من تكاليف الإنتاج
جردة حساب
بدوره أكد عضو لجنة مربي الدواجن شعبان محفوض في تصريح خاص ل”تشرين” أن مربي الدواجن في سورية يتعرضون لخسائر مالية كبيرة جدا بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وخاصة مادتي الأعلاف والمازوت اللتين تشكلان 85 بالمئة من التكاليف، مشيراً إلى وجود شطط بأسعار علف الصويا في الأسواق، إذ وصل سعر الطن إلى نحو 8 ملايين ونصف مليون ليرة، مؤكداً أن مربي الدواجن منذ نحو أربعة أشهر لم يحصلوا على حبة واحدة من الصويا في الدورات العلفية.
الذرة البلدية غير مفضلة
وأشار محفوض إلى عدم تفضيل مربي الدواجن لاستخدام الذرة الصفراء البلدية كعلف للدواجن وإنما يفضلون المستوردة، لعدم وجود فرق كبير بالسعر، كما أن الذرة البلدية غير قابلة للتخزين لمدة طويلة، عدا أن هنالك كميات كبيرة منها غير صالحة كعلف لكونها تعرضت للرطوبة، وذلك بسبب عدم وجود مجففات.
المربون يفضلون الذرة المستوردة على المحلية لهذه الأسباب..
وقال محفوض: كما أن هناك ارتفاعاُ كبيراً بتكاليف تدفئة الفروج، حيث إن سعر طن الحطب (نوع وسط) يتجاوز 900 ألف ليرة، في حين أن سعر طن بيرين الزيتون وصل إلى مليون و800 ألف ليرة، أما سعر المازوت فحدث ولا حرج.
نظرة متشائمة
وكشف محفوض أن هناك عدداً كبيراً من مربي الدواجن أغلقوا مداجنهم بسبب الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم، وحسب محفوض فإن كل كيلو غرام من الفروج بالوقت الراهن، في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج ومحدودية الدعم، تقابله خسارة للمربي.
وتوقع محفوض أنه في حال استمرت الحال على ما هي عليه سيصبح عدد المداجن بعدد أصابع اليد الواحدة، متوقعا مزيداً من ارتفاع سعر كيلو الفروج في العام المقبل في حال لم يتم وضع حلول مناسبة واستبدال العلف المستورد بعلف محلي والعمل على تجفيف الذرة الصفراء .
الدعم مستمر
بدوره أوضح مدير عام مؤسسة الأعلاف عبد الكريم شباط ل”تشرين” أن ارتفاع تكاليف الإنتاج لا يقتصر على مربي الثروة الحيوانية في سورية، فهناك ارتفاع عالمي بأسعار الأعلاف بكل أصنافها، مؤكدا أنه بالرغم من هذا الغلاء العالمي مازالت مؤسسة الأعلاف تقدم الدعم لمربي الثروة الحيوانية في سورية وبأسعار مدعومة، مقدراً أن قيمة ذلك الدعم خلال السنة الحالية وصلت إلى ما يتجاوز 200 مليار ليرة، منها نحو 80 مليار ليرة لمربي الدواجن.
“الأعلاف” : الدعم مستمر لمربي الثروة الحيوانية وقيمة دعم الدواجن تتجاوز 80 مليار ليرة
ولفت شباط إلى أنه خلال عام 2022 وزعت المؤسسة على مربي الدواجن في سورية 60 ألف طن من الذرة الصفراء و 25 ألف طن من مادة الصويا، مشيرا إلى أن كميات الأعلاف التي بيعت لمربي الثروة الحيوانية في سورية وبأسعار مدعومة وصلت خلال العام الحالي إلى ما يزيد على 425 ألف طن بمبلغ وصل إلى نحو 580 مليار ليرة، في حين أن قيمتها إن لم نحسب الدعم ينبغي أن تكون نحو 900 مليار ليرة.
وأضاف: استمرت المؤسسة خلال العطلة الرسمية الطويلة بتأمين الأعلاف للمربين، إذ تم توزيع ما يزيد على 12.5 ألف طن من المواد العلفية التي بلغت قيمتها نحو 16 مليار ليرة.
الذرة بأسعار منافسة ولكن!
وأكد شباط توفر مادة الذرة الصفراء المحلية في الأسواق وبأسعار منافسة، علما أن مربي الدواجن استجروا كميات كبيرة من المادة من المزارعين مباشرة بسعر يتراوح بين 1700 و 1800 ليرة لكل كيلو غرام، مشيرا إلى أن المؤسسة استجرت أيضا من مزارعي الذرة كميات كبيرة ، وتم توزيعها على القطاع العام كالمؤسسة العامة للدواجن.
وفيما يتعلق بشكاوى مربي الدواجن من وجود تعفن بمادة الذرة الصفراء وعدم تفضيلهم الذرة المحلية واتجاههم نحو المستوردة، أوضح شباط أن مادة الذرة لا تخزن لوقت طويل، منوها إلى أهمية أن يتشارك القطاع الخاص بتأمين مجففات الذرة، فالقطاع العام لا يمكنه تأمين تلك المجففات بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية الجائرة، علما أن المجففات غير متوفرة حاليا لدى القطاع العام، فالذي كان موجودا منها تعرض للتخريب والسرقة من قبل التنظيمات الإرهابية.
شباط: لماذا يستمر المربون بتربية الدواجن إذا كانوا يخسرون؟!
دعوة للاستثمار
وقال شباط: نأمل بوجود مبادرات من القطاع الخاص بتأمين مجففات الذرة، علما أنه في حال تأمينها فإنها تدر أرباحا طائلة على من يستثمر بهذا المجال.
ولفت شباط إلى أنه بفضل التشجيع والدعم المقدم لمزارعي الذرة الصفراء تم إنتاج نحو 500 ألف طن من الذرة الصفراء نتج عنها كذلك ما يقارب مليونا ونصف مليون طن من المخلفات التي استخدمت بشكل سريع كعلف للثروة الحيوانية، مقدرا أن الكميات المنتجة من الذرة وفرت على الخزينة العامة من القطع الأجنبي نحو 500 مليون دولار، مجددا تمنيه من القطاع الخاص بأن يساهم في الاستثمار بمجففات الذرة، إضافة لتأمين “مكنات السلاج” التي تصنع من مخلفات الذرة مواد علفية ذات قيمة غذائية عالية للثروة الحيوانية، لافتا إلى أنه في حال استخدام هذه المكنات يمكن أن نصنع أعلافا بمخلفات الذرة وبالإمكان تخزينها لفترات طويلة.
ونفى شباط ما يسوقه مربو الدواجن من أنهم يخسرون عن كل كيلو غرام من الفروج آلاف الليرات، متسائلا إن كان الأمر كذلك فلماذا يستمرون في تربية الدواجن؟! مجددا تأكيده أن قطاع الثروة الحيوانية وبالأخص الدواجن يتلقى دعما كبيرا لضمان استمرار القطاع .
لنا كلمة
ونحن نقول إن الأسعار المتصاعدة للحوم الدواجن وأسعار البيض في الأسواق لا تسر الخاطر ولا الجيب، وباتت بعيدة كل البعد عن متناول الكثير من المواطنين، وهناك حلقة مفقودة بين تصريحات لجنة مربي الدواجن والمعنيين في “الزراعة”، وما يهمنا أكثر هو الحفاظ على قطاع الدواجن وإعادته، كما كان سابقا وعلى مدار السنوات الطويلة الماضية، قطاعا يرفد السوق المحلية بما لذ وطاب وبأسعار مقبولة تناسب الدخل، كما أننا سنهمس في أذن المعنيين في وزارة الزراعة ونقول: “جهودكم بتشجيع زراعة الذرة الصفراء مشكورة، ولكن ألم يكن بالإمكان والأولى وقبل الحشد لزراعة الذرة الصفراء تهيئة الأجواء مع القطاع الخاص لتأمين المجففات للإنتاج الهائل من الذرة الصفراء، فلغة الأرقام لا تهمنا بقدر اهتمامنا بالنتائج؟!”.
سيرياهوم نيوز3 – تشرين