الرئيسية » تحت المجهر » الصين في السنوات الثلاثين المقبلة

الصين في السنوات الثلاثين المقبلة

حسن صعب

يتحدث الكتاب عماذا ستكون عليه الصين بعد ثلاثين عاماً أخرى. وقد شاركت في تأليفه مجموعة من الخبراء الصينيين والأميركيين والأوروبيين.

 

*الكتاب: الصين في السنوات الثلاثين المقبلة

 

*تأليف: وو جينغ ليان، يوي كه بينغ، مايكل هدسون وآخرون.

 

*ترجمة ونشر: مؤسسة الفكر العربي – بيروت.

 

لقد أقرّت أخيراً العديد من مراكز الدراسات والبحث ووسائل الإعلام الكبرى في الولايات المتحدة والغرب بأن الصين باتت قريبة من تبوّء قمّة الاقتصاد العالمي، وهي الآن بمستوى التنافس الحاسم مع الاقتصاد الأميركي المهيمن، ضمن ما صار يُعرف بتوازن القطبين العالميين، وتتقدّم بسرعة مخيفة إلى الأمام في كلّ المجالات.

 

إن نهوض الأمّة الصينية هو حلمٌ يراود الشعب الصيني منذ مائتي سنة. ومحاولات تحقيقه تكرّرت خلال تلك المرحلة مرّات عدة؛ كانت تُمنى مرّة بالفشل، وأخرى بنصف الفشل/ نصف النجاح. لكن هذا الشعب كان يفيد في كلّ مرّة من تجاربه إلى أن أفضت تجربته الأخيرة، التي بدأت منذ نحو ثلاثين سنة، إلى نجاح تام جعل الصين، هذه الدولة الأمّة، في طليعة دول العالم.

 

هذا الكتاب يتحدث عن تلك التجربة، وماذا ستكون عليه الصين بعد ثلاثين عاماً أخرى. وقد شاركت في تأليفه مجموعة من الخبراء الصينيين والأميركيين والأوروبيين.

 

تحت عنوان (الإصلاح الصيني يدخل المرحلة الأكثر خطورة)، يقول وو جينغ ليان (الصين) إن التجارب أثبتت على مرّ السنين أن الإصلاح إن لم يكن كاملاً، فإنه عندما يبلغ مرحلة معيّنة، تتشكّل في الغالب جماعات مصالح جديدة. وعند تحطيم الهيكل القديم، تصبح جماعات المصالح قوّة مهمة تعرقل تقدّم الإصلاح. ولا يمكن القضاء على العيوب الناجمة عن عدم إكمال الإصلاح، بما في ذلك الفساد والفئات الريعية والظلم الاجتماعي، إلاّ بالمزيد من تعميق الإصلاح.

ويضيف: لذا، نقول إن الإصلاح دخل منطقة المياه العميقة، وسيسير بسرعة أكبر، حيث يواجه الاقتصاد الصيني تحديات هائلة، بعدما حقّق إنجازات عظيمة. وإذا لم يتحقق تعديل استراتيجية الإصلاح في الوقت المناسب، سوف تظهر احتكاكات عنيفة بين الجزء الواقع “خارج النظام” والذي أصبح بالفعل نشِطاً، وبين الجزء الواقع “داخل النظام” ولا يزال مقيّداً بأغلال النظام التقليدي للاقتصاد الوطني؛ كما ظهرت ثغرات كثيرة في النظام الاقتصادي. وستواجه التنمية المستقرة للاقتصاد الوطني مخاطر كثيرة.

 

ولكن يأمل الكاتب أن يستمر التقدم الصيني القائم على أساس استكمال عملية الإصلاح بكلّ ثبات، وإكمال نظام اقتصاد السوق الاشتراكي، وتحسينه بلا انقطاع، وإظهار الدور القاعدي للسوق في توزيع الموارد بصورة مستفيضة، على حد تعبير الجماعة القيادية الصينية في آذار / مارس 2006.

 

نظرة استشرافية

تحت عنوان (نظرة استشرافية إلى السنوات الثلاثين المقبلة)، يتحدث لي داو كوي (الصين) عن تحقيق الصين لثلاثة إنجازات تاريخية عظيمة، في السنوات الثلاثين المنصرمة، في مجال الإصلاح والانفتاح. وأوّل هذه الإنجازات كانت معدّل النمو الاقتصادي وارتفاع مستوى معيشة الشعب، وثانيها تشكّل نظام اقتصادي حديث يتخذ آلية السوق أساساً له؛ وتمثّل الإنجاز الثالث في تجذّر ثقافة الإصلاح في قلوب الصينيين.

 

لكن في المقابل، يعرض الكاتب لثلاثة تحديات أمام التنمية المستدامة في الصين، وهي: تحرير العقل أو الفكر؛ والمشاركة الشعبية في الإدارة السياسية والاجتماعية، والتنمية المتناغمة؛ وتحديد استراتيجية التنمية في الدولة النامية الكبيرة.

 

السنوات الثلاثون المقبلة

تحت عنوان (السنوات الثلاثون المقبلة: الأُمنية والفخ)،يقول بان وي (الصين) إن الصينيين يأملون أن تصبح بلادهم في سبعينيات القرن الحالي مجدداً أقوى وأغنى دولة في العالم، تماماً مثلما حدث في تاريخ الصين، خلال فترتي حكم الأسرتين الإمبراطوريتين: هان وتانغ.

 

لكن ذلك ليس إلاّ “أمنيات” و”رغبات من جانب واحد”؛ فالصين، مثل الدول الكبيرة في العصر الحديث، مُعرّضة لمواجهة العواصف والأزمات، قبل أن تصل إلى يوم تحقيق “النهوض العظيم للأمّة الصينية”.

 

أما الفخّ الأكثر خطورة، والذي قد تقع فيه الصين خلال العقود الثلاثة القادمة، فهو: تنتشر حالياً داخل الصين وخارجها دعوة لـ”تغريب” النظام السياسي الصيني. وتعني هذه الدعوة، أوّلاً، أن تتخلّى الصين عن إيمانها بالديمقراطية، وفقاً لمفهوم “وضع الشعب في المقام الأوّل”، وأن تؤمن بدلاً من ذلك بالديمقراطية الغربية”، وسياسة صراع جماعات المصالح.

خصائص النموذج الصيني

تحت عنوان (خصائص النموذج الصيني: التحديات والآفاق)، يعدّد وانغ هوي ياو (الصين) التحديات التي تواجه “النموذج الصيني”، وبعضها ملحٌّ وخطير.

 

ويقول إنه في العقود الثلاثة الماضية قادت الصين أروع ثورة اقتصادية في تاريخ البشرية، بنمو اقتصادي متوسطه السنوي 10٪، وغيّرت مستوى وأسلوب معيشة ربع سكان العالم، وشكّلت أسلوب تغيير فريداً في بابه. لذا، غدا البحث في مزايا وعيوب أسلوب التنمية الاجتماعية الصينية، وإسهاماتها العالمية، والتحديات التي تواجهها، موضع دراسات بالغة الأهمية لدى وسائل الإعلام الرئيسة وأجهزة البحوث ومؤسسات الفكر والرأي.

 

ويمكن تقسيم “النموذج الصيني” إلى النموذج الصيني الاقتصادي والنموذج الصيني السياسي والنموذج الصيني الثقافي. وتلخيصاً لخصائصه، من أجل مواجهة التحديات بشكل أفضل، يجب أن يكون “النموذج الصيني” المستقبلي نمطاً منفتحاً دائماً، ونمطاً عالمياً عاماً، لا يرفض أي خبرة متقدمة للبشرية، ولا تجارب النجاحات الأخرى، والوسائل الأخرى.

 

الصين والسنوات الثلاثون المقبلة

تحت عنوان (الصين والسنوات الثلاثون المقبلة)، يقول مايكل هدسون (أميركا)، ضمن مقالة موسّعة، إن الفترة الزمنية التي بدأت العام 1945 قد انتهت العام 2010، وأن العالم انقسم إلى منطقتي عِملة قويتين متنافستين: المنطقة الأولى، ومركزها الدولار الأميركي، يترنح اقتصادها تحت وطأة الديون المتزايدة في العقود الثلاثة الماضية؛ والمنطقة الثانية هي منطقة “غير الدولار الأميركي” الساعية إلى فصل اقتصادها الذاتي عن منطقة “الدولار الأميركي” التي طالما مارست الاعتداءات المالية والمغامرات العسكرية؛ ومركز منطقة “غير الدولار الأميركي” هو الصين والدول المجاورة لها في آسيا، وروسيا والبرازيل وتركيا، وكذلك إيران وفنزويلا المنتجتان للنفط.

 

ويتابع هدسون: سيعتمد هيكل النظام العالمي المستقبلي على كيفية تقسيم النظام القديم. لن تعتمد تنمية الصين في العقود الثلاثة المقبلة على سياساتها الداخلية فقط، وإنما ستعتمد أيضاً على الأحداث والسياسات في مناطق العالم الأخرى، وستتأثر إلى حد كبير بتدهور الدول الغربية المثقلة بالديون وخصخصتها. هذه الدول الغربية سوف تجعل الشعوب تفقد ثقتها فيها، على نحوٍ متزايد، وسيزداد غضب الشعوب عليها، لأن ساسة هذه الدول يُلقون بمسؤولية الانكماش المالي والتدهور الاقتصادي على بلدان أخرى.

ويقدّر هدسون أن أمام الصين طريقين: الأول هو الاستقطاب المالي لليبرالية الجديدة الغربية، وهو طريق عبودية الديون، والامتيازات الإقطاعية الجديدة والانكماش المالي. والطريق الآخر هو جعل الأسعار والدخول تتفق مع تكلفة الإنتاج التي تحتاج إليها التكنولوجيا بخفض مصروفات المالية والفئة الريعية إلى أدنى حد لها، بواسطة تحصيل الضريبة التصاعدية المفروضة على الريع الاقتصادي ومراقبة الأسعار.

 

الديمقراطية في الصين

تحت عنوان (الديمقراطية في الصين: تحديات أم فرص)، يقول يوي كه بينغ (الصين)، إنه بعد صدور كتابه (الديمقراطية شيء جيّد)، ثار نقاش واسع حول الديمقراطية في الأوساط النظرية الصينية، ليوضح رأيه بأن الديمقراطية هي قيمة عامة لكلّ البشرية، وهي ذات عوامل مشتركة. ولكن لأن تحقيق الديمقراطية يتطلب ظروفاً اقتصادية وسياسية وثقافية، وهذه الظروف متباينة في الدول المختلفة، أو في الفترات المختلفة في الدولة الواحدة، تتميز الديمقراطية في مختلف دول العالم بخصائصها الذاتية، كثُرت أم قلّت.

 

ويضيف: الديمقراطية هي في آنٍ معاً فرصة وتحدٍ للصين. بعد أكثر من ثلاثين سنة من الإصلاح والانفتاح، وصلت السياسة الديمقراطية الصينية، والتنمية السياسية الصينية، إلى مرحلة مهمة أخرى: إذا تمسكت الصين بالفرص، لتقوم بإصلاحات اختراقية في المجالات الرئيسة والعلاقات الرئيسة، فإنها بذلك ستعزّز التقدم السياسي الصيني، ليتطور بخطوات واسعة.

 

نظام عالمي لتجاوز الهيمنة

تحت عنوان (نظام سياسي واقتصادي وثقافي عالمي لتجاوز الهيمنة)، يتحدث تشنغ إن فو (الصين) عن عدم التوازن في توزيع الثروة العالمية وعدم التوازن في التنمية بين الجنوب والشمال، وعن الأزمة المالية والاقتصادية الغربية، التي تُعلن مرة أخرى فشل الرأسمالية الحرّة (الليبرالية)، وتُهيّئ ظروفاً مناسبة لإصلاح النظام العالمي وإعادة هيكلته.

 

ويستنتج الباحث أن الأزمة في الغرب، هذه المرة، ليست أزمة مالية فقط، أو بسبب مشكلة أداء، أو عدم وجود ثقة كافية، بل ظهرت هذه الأزمة بسبب التناقضات الأساسية للرأسمالية.

 

ولذا، هو يدعو إلى أن تحلّ الاشتراكية العالمية محلّ الرأسمالية العالمية تدريجياً؛ مع ملاحظته أن الاشتراكية الصينية الخصائص لم تتعرّض لأزمة اقتصادية. فعلى الرغم من أن الاقتصاد الصيني متأثر بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية، فإنه يواصل النمو بعد اتخاذ الإجراءات القوية المناسبة.

 

وتجاه هذا الواقع، لا بدّ أن تعزّز الدول النامية التعاون فيما بينها، من أجل حماية مصالح العاملين فيها، وفي العالم، بصورة أفضل.

إنذار صيني مبكر

تحت عنوان (إنذار صيني مبكر: 123 تريليون دولار في العام 2040)، يتوقع روبرت فوغل (الولايات المتحدة الأميركية)، أنه في العام 2040 سيصل إجمالي الناتج المحلي للصين إلى 123 تريليون دولار أميركي، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف إجمالي الناتج المحلي الأميركي في العام 2000. وسيصل متوسط دخل الفرد الصيني، في ذلك الوقت، إلى 85 ألف دولار أميركي؛ ومن المتوقع أن يكون أكثر من ضعف متوسط دخل الفرد في الاتحاد الأوروبي في العام 2040، وأكثر بكثير من متوسط دخل الفرد في الهند واليابان.

 

ويتابع: وعلى الرغم من أن الصين لا يمكن لها أن تتجاوز مستوى الولايات المتحدة الأميركية في ترتيب مستوى نصيب الفرد من الناتج المحلي، فإنني أتوقع أن تحتل الصين 40٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي بعد ثلاثين سنة، بينما سيكون نصيب الولايات المتحدة الأميركية 14٪، والاتحاد الأوروبي 5٪. هذا هو الاتجاه السائد في الاقتصاد العالمي.

 

التجارة الدولية الصينية

تحت عنوان (التجارة الدولية الصينية)، تحدثت تشن ون لينغ ويان شاو جيون (الصين)، عن التجارة الدولية التي تُعدّ محرّك نمو الاقتصاد العالمي، والمشاركة في توزيع الأعمال العالمية والتجارة الدولية كطريق لا بدّ أن تسلكه الدول النامية التي تحقّق نجاحاً في التنمية الاقتصادية.

 

لقد كانت إحدى الثمار المهمة لسياسة الإصلاح والانفتاح الصينية، أن الصين حقّقت تطوراً سريعاً في التجارة الدولية، فارتفعت من المركز الثاني والثلاثين بين دول العالم، في الاستيراد والتصدير، العام 1978، إلى المركز الثاني، العام 2009؛ وارتفعت إلى المركز الأول بين دول العالم، في مجال التصدير.

 

لكن الصين لم تصبح بعد قوّة تجارية، لأنها تعاني من مشكلات تكلفة الموارد الباهظة، وتكلفة البيئة، وتكلفة الرعاية الاجتماعية للأيدي العاملة. وفي مجال توزيع الأعمال العالمية، لا تزال الصين في الفئتين الوسطى والدنيا، في مجال الصناعات والخدمات والقيمة والتكامل، ولا تستطيع تغيير الوضع الاقتصادي العالمي في حال ظهور تعديله، لفترة قصيرة، واتجاه العولمة الاقتصادية، لفترة طويلة.

 

الزراعة الصينية

تحت عنوان (الزراعة الصينية في القرن الحادي والعشرين)، يعرض هانس هيرن (الولايات المتحدة)، لأبرز التحديات المستقبلية أمام الصين في مجال الزراعة، ومنها:

 

-الإنتاجية الزراعية ونوعيتها ونظام الأطعمة.

 

-الفقر واليد العاملة في الريف وكسب الرزق.

 

-البيئة والعلوم والتكنولوجيا.

 

ومن ثمّ يعدّد الكاتب طرق مواجهة الحكومة الصينية لهذه التحديات، وأهمها:

-زيادة الإنتاج الزراعي والإنتاجية الزراعية.

 

-تخفيف الفقر وتعزيز الرعاية الاجتماعية في الأرياف.

 

-الاهتمام بتحديات التغيّر البيئي، وبالغابات والتربة وموارد المياه.

 

-الحدّ من تقلّص مساحات الغابات والمروج.

 

– حلّ مشكلة تقليل مساحة الأراضي والاستيلاء على الأراضي.

 

-معالجة استخدام موارد المياه عشوائياً.

 

-معالجة مشكلة ضعف النظام الإيكولوجي.

 

-تعديل المناخ والتكيّف مع تغيّر المناخ.

 

-الحفاظ على التنوّع البيولوجي.

 

الاحتباس الحراري العالمي

تحت عنوان (الاحتباس الحراري العالمي: خفض الانبعاثات الكربونية ليس حلاً)، يبحث بيورن لومبورغ (مملكة الدنمارك)، في أزمة التغيّر المناخي العالمي، ودور الصين، في السنوات الثلاثين المقبلة في مواجهة هذه الأزمة.

 

يقول لومبورغ: في السنوات الثلاثين المقبلة، ليس ثمة احتمال كبير في أن يشكّل تغيّر المناخ تهديداً رئيساً للصين؛ إذ تُبيّن النماذج المناخية أن الصين ستستفيد من الاحتباس الحراري، طوال فترة تمتد، على الأقل، حتى نهاية القرن الجاري، حيث سيزيد الجو الدافئ مردود الإنتاج الزراعي ويجعل الناس يتمتعون بصحّة أفضل.

 

لكن الاحتباس الحراري سيجلب مشكلات للمناطق الأخرى؛ وستشتدّ هذه المشكلات أكثر فأكثر، ما يستوجب مجابهة جادّة.

 

في السنوات العشرين الماضية، حاولت دول العالم مواجهة الاحتباس الحراري، فكانت النتيجة عدم تحقيق أي تقدّم تقريباً. اجتمع قادة الدول الغنيّة في العام 1992 وفي العام 1997، بهدف خفض الانبعاثات، وكانت النتيجة ازدياد كميّاتها. وفي السنوات الأخيرة تم توقيع اتفاقية باريس للمناخ وتعهدت الدول الصناعية وبينها الصين بخفض الانبعاثات الكربونية.

 

لذا، يدعو لومبورغ إلى التعلّم من الأخطاء؛ فلا يكفي أن نعرف أن خفض كمية الطاقة الأحفورية يُخفض كمية الانبعاثات، بل علينا أن نعرف أيضاً أنه يجب زيادة التمويل بكمية كبيرة في مجال اكتشاف التكنولوجيا البديلة لضمان الاستعداد الناجح في مواجهة الصعوبات.

الطاقة النظيفة

في الإطار عينه، وتحت عنوان (الطاقة النظيفة، محرّك أخضر قوي للاقتصاد الصيني)، يشير كريستوفر فلافين (الولايات المتحدة) وما هاي بينغ (الصين)، إلى تحقيق الصين تنمية اقتصادية سريعة في السنوات الثلاثين الماضية، حيث أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ومع دخولها مرحلة كثافة الطاقة اللازمة لتطوير الصناعة والإنشاءات الأساسية، ازداد استهلاك الصين للطاقة ليبلغ ضعف ما كان عليه في العام 2000.

 

وتحتاج الصين لتطوير مسيرة التصنيع فيها، إلى اتخاذ إجراءات مهمة لتخفيف درجة كثافة الطاقة، وزيادة استخدام مصادر الطاقة غير الأحفورية. لقد دخلت الصين في مرحلة الانتقال الأخضر، السريع والموفّق، وبخاصة في مجال الطاقة النظيفة. والتحسين النشيط الذي قامت به في تنمية الطاقة المتجددة والاقتصاد في استهلاك الطاقة له تأثير مهم وطويل المدى على التنمية المستدامة العالمية.

 

التحديث الأخضر الصيني

تحت عنوان (التحديث الصيني: الجيل الثالث والتصوّر الأخضر)، يتحدث هو آن قانغ (الصين) عن “استراتيجية الخطوات الثلاث” للتحديث الأخضر الصيني، والتي قدّمها في أحد التقارير؛ الخطوة الأولى، أن تنجز الصين في العام 2020 ليس بناء المجتمع الرغيد على نحوٍ شاملٍ فقط، بل أن تحقّق أيضاً فصل النمو الاقتصادي عن الانبعاثات الكربونية؛ والخطوة الثانية، في العام 2030، أن تحاول الصين تقليل إجمالي كمية انبعاثات غاز الدفيئة بحجم كبير، لتبلغ مستوى العام 2005. والخطوة الثالثة، في العام 2050، ستكون الصين قد وصلت إلى مستوى الدول المتقدمة، وستظل كمية الانبعاثات الكربونية فيها مستمرة في الهبوط بحجم كبير تماشياً مع العالم، لتصل إلى نصف الكمية التي كانت عليها في سنة 1990.

 

التنمية الخضراء

تحت عنوان (التنمية الخضراء والاختراقات التكنولوجية)، يقول لي وو وي (الصين)، إن أي حديث عن التنمية الخضراء بعيداً عن السوق العالمية والتكنولوجيا في العالم لا معنى له؛ بالإضافة إلى ذلك، فإن جوهر التنمية الخضراء هو رفع مستوى معيشة الناس في حدود قدرة تحمّل البيئة، وهو ما يعني أن التنمية الخضراء مثل الأنواع الأخرى للتنمية الاقتصادية، تحتاج إلى احترام بعض القواعد المعيّنة، بينما لا تزال البيئة النظامية لعمل هذه القواعد هي آلية عمل اقتصاد السوق وعمل القوانين والمجتمعات في مختلف الأمم والدول.

 

ولكن يختلف وضع الصين عن وضع الدول الأخرى: تعداد السكان كبير، مساحة الحقول الزراعية قليلة، والموارد ليست وافرة. فكيف يمكن للصين، في هذه الحالة، أن تحقّق التنمية الخضراء؟ ينبغي لها أن تغيّر مفهوم الناس التقليدي للاستهلاك إلى الاستهلاك المنخفض الكربون. والأهم من ذلك، هو تحقيق الاختراق التكنولوجي، إذ لا بدّ أن تمتلك الصين تكنولوجيا محورية خاصة بها.

الصين والعالم

تحت عنوان (القرن الحادي والعشرون: الصين والعالم)، يقول تومي كوه (سنغافورة)، إن الصين باتت حقاً وفعلاً ثاني أكبر اقتصاد في العالم؛ فإذا لم يظهر أي تغيّر هائل محلّي غير متوقع، أو لم تنشأ أي بيئة خارجية معادية للصين، في السنوات العشرين أو الثلاثين المقبلة، فإنه يمكن للصين أن تحافظ على نمو اقتصادي بنسبة تفوق 7٪، وأن تلحق بالولايات المتحدة الأميركية، على صعيد حجم الاقتصاد.

 

هويّة الصين

أخيراً، وتحت عنوان (هويّة الصين: معضلة ظهرت مؤخراً)، يلاحظ غوستاف غيريرتس (بلجيكا)، أن للصين هوية مزدوجة: فهي ترى، من جهة أولى، أنها دولة نامية تعرّضت لعدوان الإمبريالية في الماضي؛ ولذا، يحقّ لها أن تحصل على مزيد من التفهم والدعم. كما ترى، من جهة ثانية، أنها دولة ناهضة ناشئة، تعيد بناء مجد الأُسر الإمبراطورية الصينية القديمة خطوة خطوة. ولذلك تتمنى أن تُعامل باحترام، وعلى قَدَم المساواة مع الدول الكبرى.

 

ولذا، يولي القادة الصينيون اهتماماً كبيراً لتعزيز الحوكمة العالمية، سواء بحسب “طبعتها الحالية” أم بحسب طبعة بديلة تتّفق أكثر مع رغبة الصين.

 

سيرياهوم نيوز1-الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حلفاء كييف يستعدون للأسوأ: «التنازل» عن الأراضي حتمي؟

ريم هاني       لم يعلن أي من الرئيسين، الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أو الروسي فلاديمير بوتين، عن شروطهما التفصيلية لإنهاء الحرب في أوكرانيا ...