صناعة الثريات في دمشق التي تعود إلى أكثر من مئة عام ومهارة الحرفيين العاملين بها وإجادتهم لهذه الصناعة تعكس حرصهم على إرضاء أذواق مقتنيها كتحفة تظهر انسجاماً وعراقة في التصاميم وتبرز روح وحضارة سورية وفنونها ومهارة حرفييها الذين استطاعوا تطوير هذه الصناعة ودمج عراقة الماضي مع التطور من خلال دمج الصدف والنحاس لأول مرة داخل ثريا نحاسية لتكون تحفة فنية أبدعها شيوخ كار حاضنة دمر للحرف التراثية.
الحرفي السوري الماهر أنجز أول ثريا نحاسية ملبسة بالصدف ليثبت أن هذه المهنة التراثية مطواعة للتغيير والتطور وأنه قادر على الإبداع ومجاراة روح العصر واستخدام تقنياته لتطوير التراث.
معدن لين وحنون بتلك الكلمات وصف شيخ الكار عدنان تنبكجي معدن النحاس الذي رافقه طيلة مسيرته في مهنة صناعة الثريات العريقة التي يعود تاريخها إلى أكثر من مئة عام حين دخلت الكهرباء إلى مدينة دمشق وأصبح الناس يستبدلون الفوانيس القديمة بالمصابيح وخاصة في دور العبادة والقصور والبيوت الدمشقية الكبيرة.
عمر حرفة صناعة الثريات النحاسية حديث نسبياً مقارنة بأخواتها من الحرف القديمة وفق تنبكجي إلا أن ذلك مكنها من الاستفادة من الزخارف والأيقونات الخاصة بتلك الحرف إضافة إلى أن الحاضنة مكنتهم من إبداع حرف ونماذج جديدة كالدمج الذي قام به تنبكجي مع محمد كجك (شيخ كار في الفنون اليدوية التراثية) حيث قاما معاً بتنزيل الصدف على الثريات النحاسية في عمل يحدث لأول مرة في سورية ولاقى استحساناً وإقبالاً من الناس.
ورغم جمال وبريق معدن النحاس إلا أن أحد عيوبه أنه يتأكسد نتيجة تعرضه للأوكسجين ومع تطور المهنة أضيفت مادة اللكر لتشكل طبقة تعزل النحاس عن الهواء وتزيد في عمره إضافة إلى أن تلبيس القطعة بالمحلول اللوني المطلوب يعطيها المزيد من التألق والجمال وفق تنبكجي الذي أكد أن تطور المهنة ساعدهم في زيادة عدد الألوان التي يمكن تلبيسها من لون وحيد إلى أكثر من اثني عشر لوناً جديداً.
الثريات وفق تنبكجي تنقسم إلى قسم يدوي تراثي يعتمد على العمل اليدوي مئة بالمئة بداية من خرق النحاس وتفريغه وطرقه وسكبه وقسم آخر تصل نسبة العمل اليدوي فيه إلى ثمانين بالمئة وبالتالي لا يزال ضمن قائمة الحرف التراثية.
أما عن مراحل العمل فأخبرنا تنبكجي أنها تبدأ بالرسم اليدوي للقطع أو استخدام التكنولوجيا الحديثة والطباعة ثلاثية الأبعاد ومن ثم مرحلة سكب قطع الثريا أو الشمعدان لتذهب إلى ورشة التصنيع حيث تثقب الأماكن المخصصة لتحميل الكريستال ومن ثم تأتي مرحلتا الجلخ والتنجيل ومن ثم تلبيسه بالمحلول الذهبي أو الفضي أو البرونز.
ورأى تنبكجي أن المشاركة في المعارض الداخلية والخارجية تعتبر من العوامل المهمة التي تساعد شيخ الكار على الاستمرارية والتطور لافتاً إلى أن سورية كان لها دائماً حضور مميز في المعارض حيث نال المركز الأول باسم سورية في معارض عدة منها أقيمت في بيروت وموسكو والجزائر إضافة إلى تكريم في أبخازيا.
وأكد تنبكجي أن أكثر ما يدعو إلى الفخر أن الجناح السوري دائما ما يكون مكتظاً بالزوار الذين يستمتعون برؤية تنزيل الصدف والحفر على النحاس بشكل مباشر.
ورغم التطور التقني والمنافسة الشديدة بين الصناعة الآلية واليدوية لا تزال القطع اليدوية التراثية السورية تحظى بمكانة مميزة في العالم أجمع وفق تنبكجي الذي أشار إلى أن وجوده في حاضنة دمر المركزية للحرف التراثية سيمكنه من تعليم هذه المهنة لأجيال من الشباب في سبيل المحافظة عليها وتطويرها.
طارق السيد
سيرياهوم نيوز 5 – سانا