نجح العراق أو لم ينجح في تنظيم افتتاح بطولة “خليجي 25” في البصرة الجمعة، هذا سُؤالٌ لا تستطيع وحدها الجماهير الكويتيّة الغاضب بعضها الإجابة عليه، فما حصل مع الوفد الكويتي في أماكن كبار الشخصيّات، والاعتداء عليه، قد لا يُعبّر عن مشاهد الاحتفال اللافتة التي شاهدها الخليجيون والعرب عبر الشّاشات والحاضرين في ملعب “جذع النخلة”، فالصورة تكلّمت عن افتتاح وصفه مُعلّقون بالمُبهر، يليق بالعراقيين، ورغم ما مر به بلدهم ويمر، من أزمات، وحروب، وحصار.
الأمر يتعلّق حصرًا بفشل أمني ما، وفي زاوية ما، أدّى لتعرّض الوفد الكويتي لاعتداء، ثمّة من يُريد الإيقاع بين البلدين، فالعلاقات بينهما في تحسّن، وثمّة رغبة في طي صفحة الماضي، و”الغزو” العراقي للكويت، أطراف غير مدعوّة هي من خلطت الأوراق بدخولها مكان كبار الشخصيّات، وأرادت إغضاب الكويتيين، ولكن تبقى تساؤلات مُوجّهة للأمن العراقي، حول أسباب فشله أو الجهة المُستفيدة من فشله في السّيطرة على الجماهير، لدرجة عدم القدرة على تأمين حماية الوفد الكويتي، ما يُعيد السّماح لأصحاب فرضيّة بأن العراق غير آمن، إيجاد الثغرات، والتأثير على مُجريات ما تبّقى من بطولة كأس الخليج في البصرة العراقيّة، أو الحديث عن احتلاله وتبعيّته لدول إقليميّة.
العراقيّون من جهتهم وعلى منصّاتهم، سارعوا لمُحاولة تهدئة الغضب الكويتي، والذي تجلّى بإعراب الاتحاد الكويتي لكرة القدم عن “استيائه الشديد” من سُوء التنظيم، وما نتج عنه من تدافع جماهيري، وازدحام شديد، حيث نشر نشطاء عراقيّون مشاهد عديدة للترحيب بمُشجّعين كويتيين، وحالة البهجة التي اعتلت وجوه العراقيين، حين شاهدوا الإعلام الكويتي حاضر للتغطية على أراضي مُحافظتهم البصرة، في حين لفت نشطاء عرب للكرم العراقي، وفتح بيوت البصريين للضّيوف القادمين لكأس الخليج في البصرة.
الثّابت في كل ما حصل، بأن العراق الرسمي حرص على عدم المساس بالوفد الكويتي وتعريض سلامته للخطر، فمُغادرة وفد الكويت جاءت بناءً على توصيات أمنيّة عراقيّة ووزير الرياضة العراقي، وأساساً رئيس اللجنة الأولمبيّة الشيخ فهد ناصر صباح الأحمد، ووفق ما ذكرت صُحف محليّة كويتيّة، تعذّر دخوله الملعب بعد حدوث فوضى أمنيّة وهو ممثل أمير الكويت، الأمر الذي دفع رئيس وأعضاء الاتحاد الكويتي لكرة القدم مُغادرة الملعب، ليتوجّه وفد الكويت إلى المطار، ويعود لبلاده.
هذه الحادثة المُثيرة لعلامات الاستفهام، حصلت حصرًا مع الوفد الكويتي، ما يطرح تساؤلات خلف الجهة التي سعت لخلق مثل هذه البلبلة تحديدًا مع الكويت على أرض العراق، التي تبعها حالة تراشق إعلامي على المنصّات الخليجيّة، فإذا كان العراق فشل في تأمين الافتتاح كُليّاً، وكان ثمّة مخاطر أمنيّة بالفعل، لماذا لم يُغادر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جاني إنفاتينو الملعب، والذي حضر هو الآخر افتتاح النسخة 25 من بطولة كأس الخليج العربي.
ولافت أن الافتتاح حضره أيضاً كل من رؤساء الاتحادات القطري، والفلسطيني، والبحريني، ولم يُسجّل أيّ من هؤلاء بيانات “سُوء تنظيم واستياء شديد” على طريقة بيان الاتحاد الكويتي لكرة القدم، ما يدفع البعض لربط ما حصل، بخلفيّات الماضي السّيء بين العراق، والكويت، أو مُحاولة طرف حاقد الاستثمار فيه.
ويُسَجّل للكويت الرسمي، ورغم الاستياء ممّا حصل مع وفدها في البصرة، استمرار مُشاركة مُنتخبها في كأس الخليج، حيث أكّد الاتحاد الكويتي بأنه حفاظاً على مكانة وأهميّة البطولة، ودعماً للإخوة الأشقّاء، فإن مُنتخب الكويت سيستمر في المُشاركة بفعاليّات البطولة مع تأكيدات اللجان العراقيّة بتوافر كافّة وسائل الأمن والسّلامة التي تتطلّبها استمرار المُشاركة”.
رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم أكّد في مُحاولةٍ للتهدئة، بأن ما حدث من أُمورٍ تنظيميّة، دفعت الوفد الكويتي للمُغادرة، لن يُؤثّر على متانة العلاقات مع الكويت، فيما قدّم رئيس الاتحاد عدنان درجال الاعتذار للوفد الكويتي.
الرياضة عادةً ما تكون مدخلاً للمُصالحات السياسيّة، كما حصل في مونديال قطر، حين التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان بالأحضان، ولكن ما حصل في البصرة، كان مُعاكساً، ولعلّه طغى على البهجة التي استبشرت بمقدم الكويتيين إلى أرض العراقيين.
وتوقّف نشطاء عراقيّون، عند مقطع فيديو مُتداول لعضو مجلس إدارة الاتحاد الكويتي لكرة القدم عبد العزيز السمحان، وهو يقول في تصريح صحافي، بأن العراقيين خلال التدافع الذي حصل “شقّوا جيب دشداشتي، وباقوا بوكي” أيّ سرقوا محفظته، وهو تصريح عدّه عراقيّون تصعيديّاً، وتحريضيّاً، ولم يتماش مع موقف الاتحاد الكويتي الرسمي الذي انتقد سُوء التنظيم، ولم يتطرّق لأي تفاصيل، أو ينشر مقاطع فيديو.
ووسط حالة جدل مُستمرّة على المنصّات، وصل فيها المُتفاعلون مع واقعة مُغادرة الوفد الكويتي إلى أكثر من 14 ألف تغريدة على منصّة “تويتر”، وتراشق من جهة، وتهدئة من جهة أخرى، طالبت أصوات بعدم التهجّم على الشعبين العراقي، والكويتي، تحت وسم لا للفتن، والاستفادة من هذه الفُرصة الرياضيّة بالمُصالحة، والود، والتقارب، فيما أعاد البعض التذكير بحادثة سُقوط الحاجز الزجاجي للملعب خلال تنظيم الكويت لخليجي 23، وأسقط عددًا من المُصابين من الجمهور العُماني، ولم يتحدّث في حينها أحد عن سُوء تنظيم، وفشل الكويت في إنجاح البطولة.
ويُعوّل بكُل الأحوال الجميع على مباريات بطولة خليجي 25 في إعادة أجواء البهجة والروح الرياضيّة، وخاصّةً أن منتخب الكويت لم ينسحب من البطولة، فيما لم يصدر عن دول الخليج حتى كتابة هذه السطور، بيان يتضامن مع الكويت، ويُدين سُوء التنظيم العراقي بحسب التوصيف الكويتي.
سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم