مع إصرار الإدارة التركية، على المضي في مسار التقارب مع دمشق، أظهر استبيان تركي أن أغلبية الأتراك يؤيدون هذا التقارب، في وقت تمكنت فيه أنقرة من لجم اعتراض مرتزقتها، التي انتقلت الأخيرة من مرحلة مناقشة احتمال حدوث هذا التقارب إلى مرحلة مناقشة مصيرها بعد حدوثه، والقبول بالأمر الواقع. جاء ذلك وسط أنباء بأن تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي، بدأ طرح إمكانية الانسحاب من مناطق عدة في ريف إدلب، على خطوط التماس مع مواقع الجيش العربي السوري.
وذكرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية، أن أغلبية الأتراك يوافقون على مبادرة تسوية العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وذكرت الصحيفة أن مؤسسة «MetroPoll» للدراسات الاجتماعية نشرت نتائج استبيان جديد للرأي العام التركي، أظهر أن نسبة المؤيدين لتنظيم لقاء، سيكون الأول منذ أكثر من 11 عامًا، بين الرئيس بشار الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان بلغت 59 بالمئة.
وأوضحت الصحيفة، أن محاولات العديد من الدول لترتيب تسوية مع الحكومة السورية تشكل تحديا لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، فواشنطن، تمارس منذ فترة طويلة ضغوطاً اقتصادية ودبلوماسية على دمشق.
في الأثناء، نقلت تقارير إعلامية عن عدد من المختصين والخبراء الأتراك أن مسار التقارب السوري- التركي يتسارع تسارعاً لافتاً، وأن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات عدة، بالتزامن مع الإجراءات التركية الرامية إلى احتواء ما تسمى «المعارضة» سواء كانت العسكرية المتمثلة بما يسمى «الجيش الوطني»، أم السياسية المتمثلة بـما يسمى «الائتلاف» و«الحكومة المؤقتة»، والتي أعلن «رئيسها» المدعو عبد الرحمن مصطفى أن اجتماع موسكو الثلاثي يعدّ خطوةً مهمّة نحو الحل السياسي للأزمة السوريّة، معتبراً أن «المحادثات بين دمشق وأنقرة تصب في مصلحة الشعب السوري و«المعارضة».
وأكدت التقارير، أن المشكلة الحقيقية في تقارب أنقرة مع دمشق، تكمن في تنظيم «النصرة» الذي يتخذ مما تسمى «هيئة تحرير الشام» واجهة له ومتزعمها المدعو أبو محمد الجولاني الذي أعلن مسبقاً أنه يرفض التقارب السوري- التركي بالمطلق، ودعا «الجيش الوطني» إلى التعاون مع «الهيئة»، في تصريح اعتبره محللون أنه محاولة لخلق واقع عسكري جديد يهدف إلى عرقلة هذا التقارب.
ونقلت التقارير عن مصادر ميدانية، أن ضباطاً من الجيش والاستخبارات التركيَين عقدوا ثلاثة اجتماعات مع «الهيئة» في الأيام القليلة الماضية، مشيرة إلى أن الجولاني أعاد تعهّده بتأمين الطريق الدولية «M4»، وعدم المساس بالنقاط التركية»، مضيفة إن «الوفد التركي تلقّى مجموعة من الأسئلة التي يريد الجولاني الإجابة عنها، ومن بينها إمكانية إدخاله وتنظيمه في مسار الحل السياسي، من دون أن يتلقى أي رد عليها.
وأشارت المصادر أن ثمة خياراً ثانياً أمام «الهيئة» وهو الانسحاب من إدلب إلى مناطق ريف حلب الشمالي، التي زرعت مؤخراً فيها موطئ قدم لها، موضحة أن الجولاني يستعدّ للمرحلة المقبلة، والتي قد تتضمّن الانسحاب من مناطق عدة في ريف إدلب، على خطوط التماس مع مواقع سيطرة الجيش العربي السوري، مقابل التوسّع أكثر في ريف حلب.
وذكرت التقارير أن ملفّ إدلب يعدّ من بين الملفّات التي لا تحتمل تجاهلاً أو تأجيلاً، بالنظر إلى ما يمثّله من أولوية بالنسبة لدمشق وموسكو، وحتى أنقرة التي تسعى إلى استثمار التقارب مع سورية اقتصادياً عبر إعادة تفعيل خطوط تصديرها المعطَّلة إلى سورية وعبرها إلى دول الخليج العربية، موضحة أن ذلك يتطلّب تأميناً للطرق الرئيسة، ومن بينها طريق «M4» بفروعه كافة، سواء القسم الذي يقع جزء منه على خطوط التماس مع مواقع انتشار ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» في شمال شرق سورية، أو الجزء الغربي منه، الممتدّ من حلب إلى اللاذقية، والذي تسيطر الحكومة السورية على معظمه، باستثناء جيب صغير تنتشر بمحاذاته نقاط عسكرية تركية عدة، إلى جانب مقرّات للـ«هيئة».
وأكدت التقارير أنه خلال الأسبوع الماضي، ظهرت تحركات جدّية من جيش الاحتلال التركي للتمهيد لفتح هذا الجزء من الطريق، عبر عمليات تمشيط مستمرّة لمحاوره، إضافة إلى دفع ثلاثة مقرات تابعة لـ«الجولاني» إلى الانسحاب من محاذاته.
سيرياهوم نيوز1-الوطن