حسين سمور
عاصفة كبيرة من ردود الأفعال لا تزال تضرب فرنسا منذ يومين، على خلفية تصريحات رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لو غريت التي هاجم خلالها النجم الفرنسي زين الدين زيدان، ثم عاد واعتذر عنها. نجوم كبار أوّلهم فرانك ريبيري وكيليان مبابيه ردّوا بقوة وحزم على لو غريت، مطالبين إياه بإظهار الاحترام لزيدان الذي يُعتبر رمزاً كبيراً كما العلم الفرنسي. تطورت الأمور بعد أن طالبت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا كاستيرا بتوضيحات واعتذار من لو غريت، قبل أن تسلك الأمور منحى جديداً، وتفتح ملفات قديمة للو غريت، بعضها يتعلق بفضائح جنسية وأخرى عنصرية، الأمر الذي يقرب من احتمالية تنحّيه عن رئاسة الاتحاد الفرنسي لكرة القدم
لا يعيش رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لو غريت أفضل أيامه. المقابلة مع إذاعة مونتي كارلو نهاية الأسبوع الفائت والتي قال خلالها إنه غير مهتم بزين الدين زيدان، ولن يرد على مكالماته في حال حصلت… فتحت عليه «أبواب جهنم» وباتت تهدد مركزه، خاصة بعد الإدانات الكثيرة من أندية ولاعبين ورسميين، إضافة إلى الهجمة الكبيرة عليه من الفرنسيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. الجميع ذكّر بتاريخ لو غريت العنصري في الرياضة الفرنسية، وتحديداً كرة القدم حيث تولى رئاسة الاتحاد عام 2011.
في عام 2020 قلّل لو غريت من أهمية عبارات عنصرية توجّه بها لاعب مارسيليا حينها الفارو غونزاليس إلى نجم باريس سان جيرمان نيمار خلال مباراة الديربي، وعلّق عليها بالقول: «لم أسمع ما حدث. قد تكون هناك تجاوزات لكن لا وجود للعنصرية عموماً، وفي كرة القدم خصوصاً، وإذا وُجدت هذه العنصرية فهي قليلة»، وبعدها تمّت تبرئة غونزاليس رسمياً. وأثار تصريحه حينها ردود فعل غاضبة، حيث اعتبر البعض أنه يحابي العنصرية في فرنسا.
بعد هذه الحادثة عاد اسم لو غريت ليتردد، عقب تعليقه على مشاكل كبيرة داخل منتخب سيدات فرنسا عام 2021 والذي قال حولها: «طالما إنهن لم يخسرن، فليتشاجرن، الأمر لا يهمّني». تصريح تردّد كثيراً في فرنسا وأثار استياء كثيرين على اعتبار أنه يحمل عنصرية وذكورية في آن.
كل هذه الأمور كانت في كفة، وتعامله مع قضية أفضل لاعب في العالم كريم بنزيما كانت في كفة أخرى. لو غريت ورغم تألق بنزيما الكبير مع ريال مدريد، بقي لو غريت يدعم المدرب ديديه ديشان الذي رفض أن يضم كريم إلى المنتخب بدوافع عنصرية، وذهب أبعد من ذلك عام 2019 عندما صرّح قائلاً: «قصة كريم بنزيما مع المنتخب منتهية». وثبت مع الوقت أن كلام ديشان عن استبعاد بنزيما لأسباب فنية هو أمر كاذب، خاصة أن بنزيما أحرز الكرة الذهبية بعدها. ولم يحقق لو غريت في كلام زين الدين زيدان عن جهوزية بنزيما الفنية عقب استبعاده عن مونديال 2018، ولا في كلام النجم السابق نيكولاس أنيلكا عن أن ديشان استبعد بنزيما وحاتم بن عرفة وغيرهما عن المنتخب لأنهما من أصول عربية.
مواقف كثيرة تثبت أن كلام لو غريت صاحب الـ81 عاماً عن زيدان لم يكن عن طريق الخطأ، ولم يُسَأْ فهمه، إنما هو عنصرية واضحة. وبحسب وسائل الإعلام الفرنسية فإن تجديد لو غريت لعقد ديشان بصفته مدرباً للمنتخب حتى عام 2026، كان لقطع الطريق على زيدان، رغم أن ديشان خسر في نهائي كأس العالم الأخيرة.
يمتلك رئيس الاتحاد نويل لو غريت تاريخاً حافلاً بالعنصرية والتمييز
وفي جديد الاتهامات التي طاولت لو غريت، فقد وجّهت وكيل الأعمال سونيا سويد يوم أمس في صحيفة ليكيب اليومية وإذاعة «أر ام سي» اتهامات مباشرة إلى رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، متهمة إياه بسلوك جنسي غير لائق. وروت سويد حادثة سابقة مع رئيس الاتحاد الفرنسي في لقاء للترويج لكرة القدم النسائية قائلة: «أخبرني وجهاً لوجه، في شقته، بوضوح شديد، أنه إذا كنت أريده أن يساعدني، يجب الخضوع لاختبار مزعج…». وذكرت سويد: «إنه يتصل كثيراً. لديّ رسائل بريد صوتي وبعض الرسائل النصية».
وفي تحقيق سابق، كشفت مجلة «سو فوت» عن سلوك غير لائق من قبل لو غريت، ولا سيما الرسائل النصية ذات الطبيعة الجنسية. وفي السياق ذاته كشفت إذاعة «فرانس إنتر» أن «سيدات عديدات استنكرن لبعثة التدقيق سلوك نويل لو غريت تجاههن»، وهو ما أكدته وكالة الصحافة الفرنسية لاحقاً. وبحسب الإذاعة، فإن مسؤولاً تنفيذياً سابقاً «أطلع المفتشين على الرسائل النصية ورسائل الواتساب»، وهي «بالتأكيد ليست غير قانونية، لكنها تثير تساؤلات بالنظر إلى الارتباط الهرمي الذي كان قائماً بينهما».
وبعد كل هذه التطورات ومطالبتها بتوضيحات، استقبلت وزيرة الرياضة أميلي أوديا كاستيرا، رئيس الاتحاد الفرنسي للتدقيق في أداء اتحاد اللعبة. وهنّأت كاستيرا، وكيلة الأعمال سونيا سويد «على شجاعة شهادتها»، وقالت: «مراجعتنا تستحق ذلك. نراكم قريباً جداً».
ومن المتوقع أن تستمر هذه الزوبعة، التي ستُحدِث تغييرات كبيرة في كرة القدم الفرنسية.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية