متابعة:د.اياد محمود حسن
ينتسب الشيخ صالح العلي إلى الفاطميين المنحدرين من بني هاشم ومن نسل فاطمة الزهراء, وهو يعتزّ بهذا النسب العريق بقوله
المعزّ الأبيّ أكسبنا المجد – وأهدى لنا الفخار وسلم
وقال أحد الشعراء مخاطباً الشيخ صالح العلي مادحاً نسبه:
وابن بنت النبي واشجة القربى – يناديك من وراء البوادي
فيصل عاهل العراق يناديك – بصوت الآباء والأجدادي
والمعزّ الأب العظيم على التاريخ – عزم ممثل لك بادي
ولد الشيخ صالح العلي في قرية المريقب من أعمال الشيخ بدر في محافظة طرطوس, سنة 1885, وتوفى في 13 نيسان سنة 1950م, ودفن في قرية الرستي بقضاء الشيخ بدر.
في فترة مرضه الأخير, عرض عليه آل سعود علاجه على نفقتهم, فرفض عرضهم شاكراً لهم مبادرتهم, بقوله: “في بلادكم فقراء و مرضى وهم أولى باهتمامكم مني” وفق ما أتى في كتاب “من صميم الأحداث” للدكتور عبد اللطيف اليونس.
حفظ القرآن الكريم وهو في سن الطفولة, وكان مولعاً بقراءة وحفظ الأحاديث النبوية والأدب والتاريخ, ويقول معاصروه إنّ قلبه كان يخشع وعينيه تدمع عندما يسمع تلاوة القرآن. وله ديوان شعر معظمه ما زال مخطوطاً, وبعض شعره نُشر في ديوان.
تمتع بصفات قيادية مميزة, إذ كان شجاعاً, مهاباً, كريماً, ورث عن أجداده النبل والشجاعة والتضحية والوفاء.. الخ. وكان وطنيّاً قومياً مؤمناً بوحدة أمتّه, فهو القائل:
يا أمة العرب هبوا من سباتكم فما علمت لهذا النوم من سبب
كان شريف مكة الحسين بن علي على تواصل معه في سنة 1916 وما بعدها, حول أهداف الثورة وتوحيد الأمة.
بدأت ثورة الشيخ صالح العلي ضد العثمانيين آواخر الحرب العالمية الأولى, فكانت أول مصادمة له مع العثمانيين في قرية كاف الجاع (من أعمال القدموس) التي خسر فيها العثمانيون قتيلين وقسماً من عتادهم. فيما كانت أولى معارك الشيخ صالح العلي (1885- 1950م), مع العثمانيين, في قرية النويحة شرقي الشيخ بدر, حيث كبّدهم بعض الخسائر وغنم الكثير من أسلحتهم وذخائرهم, خاض بعدها معركة وادي العيون التي حقق فيها نصراً حاسماً على العثمانيين الذين خسروا فيها تسعين قتيلاً وأكثر من مائة جريح وقسماً كبيراً من عتادهم الحربي.
ومن الجدير ذكره: إنّه ذهب سيراً على قدميه إلى لبنان حيث التقى الأمير شكيب أرسلان وبحث معه مسألة قيام الثورة وكيفية إمدادها بالعتاد والسلاح.
كما خاض الشيخ طوال أعوام 1918- 1921 نحو عشرين معركة ضد الاحتلال الفرنسي في الساحل السوري, وكان النصر في معظمها حليفه, وكبّد الفرنسيين خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد, وكانت ثورته هذه أول وأكبر وأطول ثورة تجري ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا.
ينتسب الشيخ صالح العلي إلى جده الأمير محرز الجيشي بن الأمير محمد معز الدولة بن الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بن المنصور, والخليفة المنصور هو الذي بنى مدينة المنصورية وهي مدينة تونس الآن.
فتح قائد جيش المعز, جوهر الصقلي, مصر وبنى مدينة القاهرة سنة 359هـ/970م بأمر من الخليفة المعز, على شكل مربع طول ضلعه /1200/ ياردة وأحاطه بسور له ثمانية أبواب, وفي سنة 363هـ/974م نقل المعز عاصمته من تونس إليها.
أتى المحارزة إلى سوريا على عدة دفعات, منها:
– الدفعة الأولى: بعد فتح سوريا أم الخليفة المعز لدين الله, ومنهم بيت فلاح وبيت الأدرعي, وسكنوا قلعة بعرين ودير الصليب وقلعة المضيق والمعرة, ومنهم الأمير فضل الدين بن الأمير محمد الأدرعي حاكم حماه ومصياف, خلفه ابنه محمد في الحكم.
وأتى قسم منهم غلى صافيتا وأقام في قلعة الكيمة, ومنهم الشيخ حامد بن صالح الكيمة الذي بسط نفوذه على صافيتا وجوارها, وعاصر بدء نشوء دولة بني عمار (في طرابلس الشام) وكان دعامة لها.
وحارب البزنطنيين (الذين كانوا يشنون هجمات من اللاذقية على صافيتا) سبع سنوات.
– الدفعة الثانية: بعد زوال الحكم الفاطمي سنة 567هـ/1172م على يد صلاح الدين الأيوبي, أتت دفعة كبيرة من محارزة مصر إلى الساحل السوري, وسكنوا في جرود الجبال.
– الدفعة الثالثة: أتت سنة 620هـ برئاسة بيت البلقيني لمساعدة الأمير حسن بن المكزون السنجاري ضد الصليبيين والأكراد وغيرهم, واستقرّ هؤلاء في جبل بشراغي منطقة جبلة.
– الدفعة الرابعة: أثناء حروب الظاهر بيبرس (أحد سلاطين المماليك) في سوريا, وحكمه لها ولمصر, وكان في عداد جيشه الكثير من المحارزة, واستقرّ معظم هؤلاء في سوريا.
– الدفعة الخامسة: بعد معركة مرج دابق سنة 1516م, حيث كان في جيش السلطان قانصوه الغوري قسم كبير من المحارزة, منهم الشيخ محمد الأعرج ويوجد مقام باسمه في قرية (بحنين) ريف طرطوس, ومقام آخر يحمل اسمه في بلدة (إعزاز) بريف حلب الشمالي.
بعض ما أتى في خطاب الشيخ صالح العلي يوم استقلال سوريا:
“البلاد الآن بأمس الحاجة إلى جهود أبنائها العاملين, ورجالها المخلصين لإصلاح ما أفسده المستعمر, وللقضاء على طائفية بغيضة ورجعية مقيتة.
فنحن لا نزال في صميم الجهاد, لقد انتهينا من جهاد أصغر إلى جهاد أكبر, ونحن أحوج ما نكون إلى التكاتف والتضامن, وإلى الإخاء والتعاون, وإن أي انحلال في الصفوف من شأنّه أن يؤثّر على سفينة الإصلاح”.
نسب الشيخ صالح العلي
صالح بن علي بن سلمان بن محمد بن إبراهيم بن علي بن رمضان (الدويلية) بن شعبان بن علي بن محمود بشراغي بن خليل بن محمود بن علي بن بدران بن علي بن محمد البشراغي (القضبون) بن محمود الطواحين بن صبح بن حامد فريحة (الكيمة) بن صالح بن يعقوب بن حيدر الضَهر بن بدر الغفير (الأندروسة/الشيخ بدر) بن شاكر بن الأمير فضل الدين في تلا (حاكم مصياف) بن الأمير محمد (حاكم حماه) بن الأمير خليل بن الأمير فضل الدين (حاكم مصياف) بن الأمير محمد الأدرعي (حاكم حماه) بن الأمير سيف الدين الأدرعي (أمير قلعة المنيقة) بن الأمير منصور بن الأمير ناصر الأدرعي بن الأمير محمد بن الأمير ابراهيم (حاكم صيدا والرملة) بن الأمير محمد الغوري (سلطان القاهرة) بن سراج الدين المحرزي بن تاج الدين المحرزي بن عماد الدين العلقمي (باب أبو الفتوح في القاهرة) بن الأمير عبد الله المحرزي (سوق العقيق عند العامود الأسود في القاهرة) بن الأمير يوسف بن الأمير محرز الجيشي بن الأمير معز الدولة (الذي تلقى السلوك الصوفي عن محمد بن مقاتل القطيعي) بن المعز لدين الله الفاطمي (معد) بن المنصور بالله بن اسماعيل بن القائم بأمر الله نزار بن أبو عبيد الله المهدي بن صالح بن اسماعيل بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب.هذا, وقد قال الشاعر العربي السوري حامد حسن, في هذا النسب:
والمحرزيون أصفى نبعة عُرفت… بين البرية من بدو ومن حضر
كفاهم أنهم من نسل فاطمة… وعترة المصطفى المبعوث من مصر
(سيرياهوم نيوز1-صفحة د.اياد محمود حسن)