غانم محمد
الاسم الممنوع من الصرف يختلف كلياً عن الشخص الممنوع من الصرف، فالأول تحكمه قاعدة لغوية اعتبرها الأسبقون هي الأصحّ، ودرجنا على خطاهم، لا نجرّ الاسم الممنوع من الصرف بالكسرة، ولا نضع عليه التنوين، أما الشخص الممنوع من الصرف فتحكمه ظروف أشدّ وطأة وقسوة من كلّ قواعد اللغة العربية!
أقسمَ بالله ثلاثاً أنّه يشتهي (علبة سردين) منذ أكثر من سنة، وكلما قرر شراءها قالت له زوجته: ويحك، إن ثمنها يشتري خمس بيضات فنأكل كلنا، ولا أحد يحبّ السردين غيرك… علبة سردين يا رجل!
كلّ محاضرة (بضع ورقات) ثمنها بالآلاف، وإن حاولتَ التأفف أمام صاحب المكتبة تنهمر عليك مبرراته كأنها وابلٌ من سجّيل: نشغّل المولدة على البنزين، والبنزين سعره مرتفع، والورق سعره نار… وادفع وأمركَ على الله، والمحاضرات أهمّ حتى من علبة السردين إيّاها!
معظمنا تحامقَ، وصرف الراتب والمنحة على سهرة رأس السنة، وعلينا أن نسكت مكرهين بقية أيام هذا الشهر، والويل للذباب الأزرق إن مرّ أمام عين ربّ البيت لأنه سيشعل حرباً مع هذا المتجّهم، مع أنه وقبل أيام قليلة (أترع الكأس وطيّبها بعطر الشواء)!
هناك جزئية مهمة جداً، ولا يزعل أحدٌ لا من أحد ولا على أحد إلا على نفسه: من لم يخبّئ (القرامي الكبار) لشهري شباط وآذار، ماذا سيحلّ به من زقزقة المفاصل وعويل البطن.. طن الحطب يقترب من مليون ليرة في معظم المناطق، ورسالة المازوت قد لا تأتي قبل الصيف، والبرد آتٍ لا محالة، فأين المفرّ؟
(سيرياهوم
-خاص بالموقع)