آخر الأخبار
الرئيسية » مختارات من الصحافة » الشرق الأوسط على أبواب تغيير تاريخي

الشرق الأوسط على أبواب تغيير تاريخي

بماذا نصح توماس فريدمان ديبلوماسياً خليجياً يعمل في احدى الدول الأوروبية ؟ اقرأ «لعبة الأمم» لمايلز كوبلاند. ربما سيكون باستطاعتك، آنذاك، أن تقرأ ما ينتظركم قبل نهاية هذا العقد».

وقال «المنطقة كلها على كومة الحطب. الكبار يرقصون عشوائياً حولها الى أن يحين وقت النار. كنت أفضل القول ان مصيركم العودة الى مضاجعة الرمال. لكن الحطب ان انطفأ لا يترك سوى الرماد» !

الكرة الأرضية تتدحرج نحو الصراعات الكبرى. كل الخرائط، وكل المعادلات، يتم ارساؤها عقب الحروب. هذا ما حدث في وستفاليا (1648 )، وهذا ما حدث في فيينا (1815 )، وهذا ما حدث في فرساي (1919 )، وهذا ما حصل في يالطا (1945 ).

 

ولأننا في زمن الحروب المستحيلة، هل نحن أيضاًً في زمن الصفقات المستحيلة ؟ فريدمان يعتقد أن دونالد ترامب تمكن من اثارة الاضطراب في الستاتيكو. ما ساعده على ذلك أن المشهد الدولي لا يزال ضبابياً منذ سقوط الاتحاد السوفياتي.

 

كلام جورج بوش الأب عن «النظام العالمي الجديد»، أي نظام الاستقطاب الأحادي، لا يليق برئيس الولايات المتحدة الذي عليه أن يدرك مدى حساسية التفاعلات الجيوستراتيجية في أكثر من مكان في العالم. بوش انزعج كثيراً من تعقيب زبغنيو بريجنسكي في «النيويورك تايمز»، … بل انها الفوضى العالمية الجديدة».

 

الكون في حالة من الفوضى. هناك أمبراطوريات في طور الظهور، ولا مجال لتبقى وراء الأسوار. حتى الصينيون الذين بنوا الأسوار حولهم لم يبقوا داخل الأسوار. لعل الله بعث بالكورونا لتكون البديل عن الحرب المستحيلة. هذا ما يمكن أن يحمل القوى الكبرى على الاحساس بالحاجة الى اعادة ترتيب الكرة الأرضية.

 

توماس فريدمان يعكس، بشكل أو بأخر، ما تقوله دراسات استراتيجية مميزة. كان لا بد من دونالد ترامب لتظهر الفوضى العالمية في أكثر وجوهها دوياً، كما كان لا بد من الكورونا، ليكون السؤال الكبير : الى أين نحن ماضون ؟!

 

المؤسسات الدينية الاسلامية ترفض طرح مثل هذا السؤال الذي جوابه في النصوص المقدسة. عندها الحل في الانتظار في احدى زوايا الغيب ريثما ياتي الخلاص. المشكلة في أن الأديان تحولت الى ايديولوجيات. لا مناص من أن يبقى الصراع مفتوحاً على مصراعيه.

 

في الدراسات الاستراتيجية، لا حقيقة أزلية في المنطقة سوى اسرائيل. فريدمان يرى أن الأتراك والايرانيين والعرب حجارة بألوان مختلفة على رقعة الشطرنج. هؤلاء هم حجارة مايلز كوبلاند في لعبة الأمم التي طالما تقاطعت، في المنطقة، مع لعبة القبائل. كلهم يلعبون، الآن، في الجزء الخلفي من المسرح لحساب الكبار. أين هو النظام العربي الذي يستطيع أن يقف على قدميه لولا الأساطيل الأجنبية. هذه أوديسه النفط والغاز. ..

 

استطراداً، كل الدول العربية أمام احتمالات بنيوية. الصفقة الكبرى قد تدق الأبواب ذات يوم. صيغة أخرى من البلقنة، دون اغفال احتمالات أخرى قد تكون أشد سوءاً بكثير ما دام العرب على هذا المستوى الدراماتيكي من التصدع والتفرقة.

 

لبنان، مثل سائر بلدان المنطقة، في ردهة الانتظار. كل شيء مبرمج بدقة لكي تتحول سوريا الى ركام، كذلك لبنان وكذلك العراق. كان يفترض بالأتراك والايرانيين أن يكونوا أكثر استشعاراً بما ينتظر المنطقة، وبما ينتظرهم، وأكثر وعياً بأن كل ما يحققونه جيوسياسياً وجيوستراتيجياً هباء. ما يقومون به أنهم يعدّون المسرح للحظة القياصرة !

 

لبنان سيتغير. ملوك الطوائف مختلفون حول الحقائب كما لو أن المردود السياسي، والمالي، لهذه الحقائب يعود للرعايا لا للملوك وللحاشية. لبنان لن يبقى وديعة فرنسية في الشرق الأوسط كما تصور رؤساء فرنسيون، وآخرهم ايمانويل ماكرون.

في الاسطورة التركية، ذئبان كل منهما يأكل الآخر. مشكلة الحكومة جزء من مشكلة كبرى. الحديث عن مؤتمر تأسيسي، أو عن عقد سياسي، لاضاعة الوقت فقط.

 

شكل آخر للشرق الأوسط. شكل آخر للبنان. ..

 

 

سيريا هوم نيوز /4/  الديار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ذا ناشيونال إنترست”: مناورة “أتاكمس” لبايدن يمكن أن تنفجر في وجه أمريكا

تحت هذا العنوان نشر المحلل العسكري دانيال ديفيس مقالا يتناول تداعيات قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ “أتاكمس” بعيدة المدى لضرب عمق ...