| إسماعيل مروة
إن زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى مدينة حلب المنكوبة، وتفقده الميداني مع السيدة الأولى أسماء الأسد يحمل دلالات كثيرة، وما قاله لوسائل الإعلام في موقع الكارثة له دلالات أكثر عمقاً، وتوجيهات مجلس الوزراء بإغاثة المناطق المنكوبة، بما في ذلك المناطق التي كانت خارج السيطرة، وبرفقة الهلال الأحمر العربي السوري لضمان وصول الإغاثات إلى مستحقيها، وحديث السيد محافظ إدلب عن الجهوزية التامة لمد يد العون للمنكوبين السوريين في المناطق خارج السيطرة أيضاً يحمل قناعات الدولة السورية في وحدة الأراضي السورية، وفي عدم التنازل عن أي حق من حقوق السوريين، وعدم تركهم يواجهون أقداراً بأيد غريبة.. كل هذا يؤكد ثوابت السياسة السورية، وآليات تعاطيها مع الحرب التي شنت عليها قبل اثني عشر عاماً، وما تزال تعيش آثارها، وجاء الزلزال المدمر ليزيد من آلام سورية وأعباء الدولة السورية، وليضاعف آلام السوريين الذين وصلوا مرحلة صعبة نتيجة تضافر أسباب كثيرة، بدأت بالحرب عليها، وجاءت العقوبات الجائرة الظالمة التي لا تستند إلى أي سند دولي سوى البلطجة، وطالت السنوات والحروب والأزمات، وتجاوزت اعتداءات المحتلين بالقوة إلى قوت السوريين ونفطهم وقمحهم وزيتونهم، وكان التتويج لذلك بهذا الزلزال المدمر الذي استهدف سورية وأبناءها، وفي المأساة والنكبة عرف السوريون أنفسهم جيداً، فالكوارث لا تنتقي، والزلازل تطال الأرض والناس بتعدد انتماءاتهم، وهنا برزت حكمة القيادة السورية في التعامل مع الكارثة على الرغم من تواضع الإمكانات وافتقادها للأوليات من معدات الإنقاذ، كما جاء في حديث الأستاذ خالد حبوباتي رئيس منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، فالزلزال جاء في وقت عصيب، بعد سنوات من الحرب على سورية، وبعد عقوبات ظالمة مفروضة على سورية أفقدتها ما لديها، ومنعتها من أن تكون مستعدة لكل طارئ يمكن أن يحدث على الأرض.. وهنا عرف المواطن السوري المنتمي، ولا أسبغ عليه أو أسلبه صفات المواطن الشريف! هبّ المواطن السوري في كل أصقاع سورية، من بسطائه إلى مثقفيه وفنانيه، من العامة إلى النخبة لنجدة السوري المنكوب، ولابد من ملاحظة امتزاج الدم السوري والرماد والدمار، فهو كان عاماً، وطال الجميع، والهبة كانت عامة ومن جميع السوريين، واستطاع السوريون بداية وباندفاعهم الخاص أن يبدؤوا مرحلة لملمة الجراح والكارثة، والإخوة العرب والأصدقاء الذين اندفعوا بانتمائهم وأصالتهم إلى كسر الحصار بطريقة أو بأخرى لنجدة سورية ومساعدتها على تجاوز الكارثة، وهم يعلمون أن الواقع الذي تعيشه سورية من حرب شنت عليها على أكثر من عقد يجعلها غير قادرة على مجابهة الكارثة وحدها وبمفردها، وهذا واقع، فالإنسان لا يواجه مصيره وكوارثه بكلام عادي، من هنا كانت انتفاضة الأشقاء والأصدقاء المشكورة بلسماً وعوناً وقوة، إضافة إلى أنها أعطت رسائل للعالم القوي بعقوباته الجائرة فجاءت رسائل وزارة الخارجية السورية، ومناشدات أحرار العالم، ووقوف الدول الشقيقة والصديقة، وعدم الوقوف عند العقوبات وما تعنيها لكثيرين، جاء كل ذلك ليزحزح قانون العقوبات شيئاً ما، وليكون المطلوب من الجهود الدبلوماسية والإنسانية من الداخل والخارج على السواء الخلاص من هذه القوانين التي يفرضها الأقوياء والمتحكمون بالعالم في العقوبات، وترك شعوب بكاملها تواجه مصيرها القاسي والمحتوم، مطلوب من مثقفي العرب وسورية الذين لهم قنوات تواصل مع العالم أن يكون همهم إنهاء العقوبات على الشعب السوري أكثر من أي هم آخر.. وعلى المؤسسات الثقافية أن تعمل على التواصل والعمل مع المثقفين الذين يملكون أصواتاً مؤثرة على مستوى العالم، وأن يتم العمل مع الفنانين السوريين والعرب والعالميين من أجل رفع الحصار نهائياً لتعود دورة الحياة إلى النشاط، ولن يكون ذلك بالبيانات وحدها، فكثير من البيانات لا يقرؤها غيرنا، بل المطلوب أن تكون هناك خلية من العمل في كل الأوساط العربية والعالمية ليكون العمل مؤثراً، وقد رأينا تجاوب كثير من مشاهير العالم العربي مع نداءات الفنانين السوريين والذين يصل صوتهم إلى شرائح كثيرة.
ويلفت ذلك التخبط والعشوائية في الإعلام الفيسبوكي، ومنصات الرأي ووسائل التواصل الاجتماعي، والأفضل في هذه الفاصلة أن يترك أمر إدارة الكوارث والنكبات للجهات الرسمية، التي تملك رؤية متكاملة لهذه العملية السياسية والشاقة، ويكفي اجتهادات لا تقدم سوى الضغينة والحقد بين الناس، والناس أحوج ما يكونون اليوم إلى الحب الذي يغيّر من حال إلى حال.
سيرياهوم نيوز1-الوطن