الرئيسية » يومياً ... 100% » كفى رهانا على الأوهام والحملات.. أمريكا لن تلغي العقوبات!!

كفى رهانا على الأوهام والحملات.. أمريكا لن تلغي العقوبات!!

| علي عبود

 

كشف الزلزال الذي ضرب سورية الحقيقة التي لايريد الكثيرون الإعتراف بها، وهي ان لامستقبل لسورية مع الغرب المتوحش، وأن ملاذها الوحيد التوجه شرقا.

قلناها منذ عام عام 2011 أن التوجه شرقا هو السبيل الوحيد لسورية، وذلك بعد رهان على الشراكة مع أوروبا امتد طوال حكومة المهندس محمد ناجي عطري (2003 ـ 2010) بقيادة نائبه الاقتصادي عبدالله الدردري، كانت نتائجه مدمرة على البلاد والعباد.

نعم، هناك من عرقل التوجه شرقا، سواء كانوا في الحكومات المتعاقبة، أم من التجار ورجال الأعمال وحيتان المال، والأثرياء الجدد، ومن غالبية المتنفذين، وكان رهان هؤلاء (ومن لفّ لفهم) أن الغرب سيرفع العقوبات الاقتصادية عن سورية عاجلا أم آجلا!!

ولا ندري لماذا توهم المراهنون على الغرب المتوحش، أن سورية ستكون الإستثناء بين الدول المناوئة لسياسات الإدارة الأمريكية، فيرفع عنها الغرب العقوبات، قبل أن تفك علاقاتها مع إيران، وتتوقف عن دعم المقاومة، وتبرم إتفاقية إذعان مع إسرائيل!

أكثر من ذلك، لم يسبق لأمريكا أن قامت بإلغاء العقوبات التي فرضتها على جميع الدول المناهضة لتوجهاتها أو المقاومة للعدو الصهيوني، فهي تُعلق العقوبات لمدة زمنية قابلة للتجديد في حال انصاعت دولة ما لإملاءاتها ، لكنها لاتلغيها، بل تبقيها سيفا مسلطا على رقاب الدول تحسبا لتمردها مجددا!

ونرى أن الحملات السياسية والإعلامية والقانونية..الخ، بمختلف مسمياتها، ومهما بلغ حجم ونفوذ المشاركين فيها، والتي تدعو لإلغاء العقوبات وقانون قيصر على سورية، هي مجرد فقاعات إعلامية لن تحقق أي هدف من أهدافها، بل ليس لها أي تأثير في الداخل الأمريكي، والدليل إن الكارثة الطبيعية التي ضربت سورية، ولم يكن لها مثيلا منذ أكثر من قرنين، كانت دافعا للأمريكان لممارسة المزيد من الضغط والتوحش ضد السوريين وليس مساعدتهم!

على جميع السوريين الفاعلين في السياسة والإقتصاد أن يقتنعوا بالحقيقة الثابتة والممتدة منذ الحصار الأمريكي على كوبا في خمسينات القرن الماضي وإلى أجل غير مسمى وهي: مامن قوة في العالم قادرة أن تضغط على أمريكا لإلغاء أو تعليق العقوبات عن سورية أو أي دولة أخرى مناوئة لسياساتها!

تصوروا مدى السذاجة التي تتحكم بالكثيرين الذين لايملّون من تكرار معزوفة: ارفعوا العقوبات عن سورية!

ليجب المراهنون على الأوهام عن السؤال: ماالقوة التي ستدفع بأمريكا التي تحاصر كوبا وكوريا وإيران ودول في أمريكا الجنوبية ، وحاليا روسيا والصين.. لإلغاء أوتعليق قانون قيصر، وغيره من العقوبات عن سورية؟

وإذا كان المراهنون يتداولون في مجالسهم الخاصة ان الحل لإنقاذ سورية من أزماتها الاقتصادية والإجتماعية يكون بتلبية الشروط الأمريكية التي قدمها كولن بأول للرئيس بشار الأسد في عام 2003 .. فإن دولا استجابت للشروط الأمريكية مثل مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، تدهورت أوضاعها ولم تتحسن بعد توقيعها لاتفاقيات مع العدو الصهيوني!

لقد كشف الزلزال المدمر إن الرهان سواء على العرب أم الغرب المتوحش لن يجلب لسورية أي خير، فمستقبلها المضمون بالتوجه شرقا، أي التعاوان الاقتصادي والتجاري، والسياسي مع الدول التي ترفض الأحادية القطبية، والإنصياع للغرب المتوحش!

نعم، يجب أن لاتعوّل سورية كثيرا على قيام الدول العربية بعد الزلزال المدمر بكسر الحصار الغربي والتمرد على الإرادة الأمريكية، أليس ملفتا إن جامعة الدول العربية لم يصدر عنها أي بيان تعاطف وتآزر مع نكبة السوريين؟

ومن المهم التساؤل: لو اقتصر الزلزال على سورية دون تركيا، كم دولة عربية كانت ستقدم مساعدات أو تجري اتصالات بالقيادة السورية؟

لعل قلة لاحظت إن بعض الدول العربية حرصت على مواساة الأتراك أكثر من السوريين، بل انها أرسلت المساعدات إلى السوريين خجلا وتجنبا للإحراج أمام شعوبها وهي تُغدق مساعدتها بلا حدود لتركيا!

وكان حديث الرئيس بشار الأسد دقيقا جدا أمام الوفد الرسمي اللبناني: نقدر مبادرة الدول العربية لتقديم المساعدات مهما كانت خصوصا أننا نعرف أن الكثير من الدول تتعرض لضغوط أمريكية .. لذلك نقدر ظروف الجميع.

لو أن حكومات الدول العربية جادة بمساعدة سورية وبكسر جدار الحصار، لأقامت جسورا جوية وبرية وبحرية فعلية منذ الساعات الأولى كما فعل بعضها مع تركيا، لمد سورية بما تحتاجه لمواجهة الكارثة الطبيعية التي ضربت البشر والحجر!

والسؤال الأكثر أهمية: لماذا لم ينعقد اجتماع استثنائي وعاجل لجامعة الدول العربية، ولو على مستوى وزراء الخارجية يخرج بقرار واحد : رفض العقوبات، وتفعيل الإتفاقيات الاقتصادية والتجارية مع سورية؟

لو اتخذت الحكومات العربية محتمعة مثل هذا القرار .. ماذا يمكنها أن تفعل أمريكا والغرب المتوحش معها.. هل ستعاقب جميع الدول العربية على رفضها لقانون وعقوبات مخالفة لشرائع الأمم المتحدة؟

طبعا، الأوهام والتمنيات لايمكن أن تتحول إلى حقيقة إلا مع قيادات ورجال من وزن الزعيم جمال عبد الناصر صاحب اللاءات الشهيرة ضد إسرائيل والأمريكان!

ولأن هذه القيادات ستبقى في خبر كان، إلى أمد غير منظور، فلا أمل ولا مستقبل لسورية سوى التوجه شرقا، وننتظر أن تكون كارثة الزلزال المدمرة قد أنهت أوهام ورهانات البعض، مهما كان قويا ومتنفذا، على الغرب الأمريكي المتوحش!

وإذا كان الغرب الأوربي لايحترم  تركيا حليفه الأطلسي وينظر إليها بدونية، بل ويتآمر على زعزعة استقرارها، فهل ننتظر منه تعاطفا وتآزرا مع سورية؟!

لقد نشرت مجلة (شارلي إيبدو) الفرنسية أخيراً، رسماً كاريكاتورياً مستفزّاً، ساخرة من الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمالي سورية بأسلوب فيه الكثير من الشماتة، معلّقة إياه بعبارة (زلزال في تركيا… لا حاجة لإرسال الدبّابات!)، في إشارة إلى أن الزلزال أدى إلى تدمير تركيا وليست بحاجة إلى غزو تلك البلاد بالدبّابات

مهما أسهب الإعلام بالمساعدات التي أتت من الدول العربية، فإن الوقائع تقول انها أتت متأخرة وبقيت خجولة جدا، بل ومحدودة، لم تؤمن الحد الإدنى من مستلزمات عمليات الإغاثة من جهة، في حين لم تتوقف دولة مثل قطر من جهة أخرى عن التحريض ضد السوريين، والشماتة بهم، مثل الجريدة الفرنسية، جراء الكارثة التي الحقتها بهم الطبيعة، اما الكويت فلا (حسّ ولا خبر)!

الخلاصة.. أولا:سيسجل التاريخ أن ماحصل بعد الزلزال كان جريمة بحق السوريين، ارتكبها كل من تخاذل عن مد يد العون والإغاثة لإنقاذ من كان حيا تحت الإنقاض.

ثانيا: على سورية التخلي نهائيا عن أوهام إلغاء عقوبات الغرب المتوحش فما من قوة في الأمد المنظور قادرة على الضغط على أمريكا لتغيير سياساتها المتوحشة، وبالتالي علينا التوجه شرقا لبناء علاقات سياسية واقتصادية وتجارية مع دوله لتكون الدعامة والأساس لبناء تنمية متوازنة ودائمة مابعد كارثة الزلزال.

(سيرياهوم نيوز1-خاص)

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

آن الآوان لتعديل قانون الانتخابات؟

  علي عبود للمرة الأولى يفعلها مجلس الشعب ويقترح فقدان عضوية ثلاثة فائزين بالدور التشريعي الرابع لفقدانهم أحد شروط العضوية في المجلس، وهو حملهم لجنسية ...