فارس نجيب آغا
تتواصل عملية الجهود الإغاثية في جميع مناطق سورية التي طالها الزلزال المدمر وتبقى مدينة الحمدانية الرياضية في حلب أحد أكبر الأماكن التي احتضنت عدداً ضخماً من الأسر المتضررة التي باتت بلا مأوى فضلاً عن الأهالي التي تتوافد حالياً نتيجة تصدع أبنيتها، ما أجبرها على ترك منازلها من أجل سلامتها، وذلك بعد الكشف عنها من قبل اللجان المختصة في المحافظة والتحذير من حالة البقاء التي قد تعرض حياة المواطنين للخطر، كما يبادر مجلس مدينة حلب في كثير من الأحيان بالتعامل مع الأبنية على الفور، حيث تتم عملية الإخلاء والهدم، وبذلك يزداد عدد النازحين من يوم لآخر فضلاً عن الهزات الارتدادية التي لم تتوقف حتى تاريخ اليوم وهي مستمرة بحسب المختصين وبهذا يكون عدد من الأسر مهدداً بالنزوح في كل يوم وليلة، حلب تواجه تحدياً كبيراً خاصةً أن حالة الرعب والهلع مازالت تسيطر على الكثير وهم يرفضون العودة إلى منازلهم والكثير بات يحضر إلى الحمدانية خاصةً أن كل ما يلزم متوفر وبشكل جيد.
جولات تفقدية
مدينة الحمدانية الرياضية فتحت أبوابها منذ اليوم الأول لتتوافد إليها الأسر المنكوبة في ظل مبادرة المنظمات والجمعيات الإنسانية لتأمين مستلزمات الأهالي المنكوبة، حيث باتت الأمور على أفضل ما يرام بحسب كلام رئيس اللجنة التنفيذية لـ«الوطن» الأستاذ أحمد مازن بيرم مؤكداً في أكثر من مناسبة خلال حديثه اليومي مع «الوطن» أن جميع الأسر التي تتواجد نالت نصيبها من المواد الإغاثية والدعم على أكمل وجه ولا يوجد هناك شكاوى مقدمة إلينا أو احتياجات لم تتوفر لأبناء حلب، الكثير من المنظمات والمبادرات تتواصل معنا وتقدم لنا كل الخدمات وهناك زيارات يومية وجولات تفقدية للأسر في صالة الحمدانية الكبيرة وملعب كرة القدم والصالات التدريبية حتى نكون بالقرب من الأهالي لنستمع لهم ونسجل ملاحظاتهم ولنعمل على تذليل أي مشكلة تواجههم في ظل الأعداد الكبيرة التي تتوارد داخل حرم مدينة الحمدانية وهي بلا شك تحتاج إلى جيش من المتطوعين على مدار الساعة، ومع قدوم الإخوة العراقيين تم تذليل الكثير من العقبات وتقديم كل أنواع الدعم الغذائي والطبي، وما شهدناه من قوافل مساعدات من قبل الإخوة والمبادرات العراقية شيء يثلج الصدر بكل أمانة، حيث قدموا الكثير ومازالوا يقدمون وهم مستمرون في ذلك دون توقف، ونظراً لتعداد الشاحنات الوافدة فقد تم منحهم بعض المواقع ضمن مدينة الحمدانية لتكون نقاط تحرك لهم يتم من خلال العمل عبر تفريغ المواد الإغاثية وتحويلها لسلات غذائية ومن ثم يقومون بتوزيعها على الأهالي في مراكز الإيواء ضمن أحياء حلب ناهيك عن توفير عدد كبير من وجبات الإطعام ومعالجة المصابين والمرضى من خلال النقاط الطبية التي أنشئت في موقف يعبر عن الوحدة العربية والتآخي بين الشعوب، والجميع يعتبر أن الشعبين جسد واحد لذلك شهدنا تضامناً كبيراً من قبل الإخوة العراقيين الذين حضروا إلينا ومازلوا يتوافدون بشكل شبه يومي.
قوافل الدعم
رغم أن العدد وصل إلى ما يقارب 5000 آلاف شخص وزعت على عدد من القطاعات داخل المدينة لكن جميعها شملها الدعم الإغاثي من قبل المنظمات والمبادرات وبشكل جيد جداً ناهيك عن وصول قافلات الدعم من قبل الأشقاء العراقيين الذين تكفلوا بكل المتواجدين بل امتد دعمهم ليشمل عدداً من المراكز الإغاثية خارج المدينة الرياضية من خلال وصول المساعدات بشكل شبه يومي، وهناك شاحنات كثيرة وصلت إلى الحمدانية لم يتم تفريغها بعد وتحمل جميع المواد، كما تمت إقامة نقاط طبية ومطابخ ميدانية لإطعام كل الأهالي ونقل الوجبات إلى مركز الإيواء في عدد من مناطق حلب.
سلل ووجبات
أحد الممثلين عن الإخوة العراقيين والمشرفين وفي شرحه للواقع على الأرض من خلال جولة ميدانية لـ«الوطن» أكد أن الطحين والخميرة يأتيان من العراق، حيث يتم خبزهما في المخابز السورية ويوجد لديهم ما يقارب 3 مواقع للتخزين في الوقت الراهن وهي عبارة عن صالات تدريبية «هنكارات» وضعت تحت تصرفهم، وتم إنشاء خط إنتاجي من خلال تعبئة وتغليف السلل الغذائية ومن ثم ترسل إلى مراكز الإغاثة في عدد من مناطق حلب المنكوبة، وكشف أن السلة الغذائية يوجد فيها كمية جيدة من المواد تحتوي 11 نوعاً وهي مواد غذائية، وتحسب قوله يتم توزيع ما يقارب 3000 سلة غذائية بشكل يومي ناهيك عن وجبات الطعام التي تصل إلى 15000 وجبة ما بين إفطار وغداء وعشاء، كما نُصب مطبخ ميداني ووفرت له كل الاحتياجات، وأشار إلى أن تواجدهم في حلب كان منذ اليوم الثاني الذي أعقب الزلزال، ومع وصولنا ذهبنا مباشرةً إلى مبنى المحافظة واطلعنا على خريطة الزلزال والمناطق المنكوبة من قبل المسؤولين وعملنا على إيصال المساعدات إلى الأحياء الأكثر تضرراً التي انهارت فيها المباني وباتت أسرها منكوبة.
جزء من الحل
وواصل المشرف حديثه مؤكداً أن جميع من في مدينة الحمدانية تقدم لهم المساعدات بكل أنواعها دون أي نواقص من ألبسة وإطعام وطبابة وهم لا علاقة لهم ببقية من تطولهم المساعدات في مراكز الإيواء الأخرى التي يتم الذهاب إليها وتوزع فيها المساعدات، وهناك عملية توريد وقوافل متحركة يومياً من العراق إلى حلب واللاذقية ولدينا شاحنات على الحدود بشكل دائم تنتظر أن نطلب منها القدوم، وكشف أن اتحاد الطلبة السوري في حلب وظيفته التواصل مع مراكز الإيواء ومعرفة كل ما يلزم من مواد حتى نقوم بتحضيرها وتسليمها لهم ليتم توزيعها على الأسر المنكوبة، وكل شيء من أدوات الطبخ وجميع المواد وحتى اسطوانات الغاز أحضرت من العراق ونقوم بنقل كل احتياجاتنا من العراق فنحن نريد أن نكون جزءاً من الحل الحقيقي وليس جزءاً استعراضياً يستهدف صناعة مادة إعلامية.
رد الجميل
وأكمل لـ«الوطن» يتم توزيع مدافئ مع الخيم التي يقام نصبها في بعض المناطق كما تم جلب كميات كبيرة من مستلزمات الأطفال بكل أنواعها وهي تغطي جميع الأعمار، وصممت بطاقة إغاثية تتضمن المعلومات الأساسية للعائلة وموقع السكن والرقم الوطني ورقم الهاتف ويتم فرز من لديه وفاة من ضحايا الزلزال أو هناك إصابة لأن تتلقى معاملة ودعماً خاصاً من حيث المواد التي تصله وهل يحتاج إلى خيمة أو لباس أو هو في مكان إيواء، حيث يتم تدوين كل شيء على البطاقة الإغاثية، وتملأ البيانات وتسلم له المواد عند المراجعة وجميع من يقطن في المدينة الرياضية وزعت له هذه البطاقة وبدأنا الآن بمن هم في عدد من مراكز الإيواء بأحياء حلب، كما أن البطاقة تفيدنا في عملية المسح لكي تصل المادة إلى المستحقين من المتضررين، نحن في كل أسبوع نقوم بتوزع المواد للأسر عند مراجعتهم لنا، وأقول: الشعب العراقي فتح بشكل عفوي وتلقائي مراكز للتبرع بالمواد الإغاثية وحتى الأموال في جميع المدن، وهناك من بعث بلباسه الخاص دون أي تردد في محاولة لرد الجميل لهذا البلد.
واجب وتنظيم
بما يخص النقاط الطبية هناك تعاون وتشاركية بين الإخوة الأطباء والممرضين السوريين والعراقيين، أحد الأطباء العراقيين وخلال الجولة على النقاط الطبية أكد مبادرته للذهاب إلى سورية على الفوز حين مشاهدة الصورة المروعة للزلزال، وذلك على جناح السرعة ولم يعد إلى منزله من أجل جلب حاجاته وأكد أنه حضر من عمله في المستشفى إلى حلب وهو واجب إنساني وأخلاقي، والنقطة الطبية كما شرح لنا باشرت عملها ما إن حطت رحالها في الأراضي السورية، حيث تمت تلبية نداء الإنسانية ويتم هنا تقديم الخدمات الممكنة والمتوفرة التي نستطيع تغطيتها، أما التي تحتاج إلى أجهزة متطورة كالأشعة فنقوم بتحويلها إلى المشافي السورية.
إذاً هذا هو حال وواقع مدينة الحمدانية الرياضية التي وفرت لها معظم المستلزمات وهي باتت أشبه بمدينة صغيرة يتوفر فيها معظم أنواع المساعدات والدعم الإنساني وتبقى الرسالة للمسؤولين في محافظة حلب ضبط الأمور وتنظيم العمل وفق جداول ومعلومات تحدد الأسر الأشد حاجة والتي باتت منكوبة وفقدت منازلها في ظل الأعداد الكبيرة التي تتواجد دون معرفة وضعها وهل هي فعلاً تستحق الدعم؟!
سيرياهوم نيوز1-الوطن