| ناصر النجار
حركة المدربين في الدوري السوري الكروي الممتاز كانت حركة نشطة وحققت هذا الموسم رقماً قياسياً لم يشهده الدوري الكروي من ذي قبل وخصوصاً أن الدوري لم ينته بعد، وإن التغييرات الكثيرة التي شملت مرحلة الاستعداد الطويلة وما تبقى من مباريات الكأس المرحَّلة من الموسم الماضي إضافة إلى مرحلة الذهاب التي أقيم فيها خمس وخمسون مباراة.
الرقم المعتمد الرسمي هو «34» مدرباً زاروا الدوري حتى الآن، بعضهم ما زال في الدوري وبعضهم انتقل من ناد إلى آخر والبعض الآخر على مقاعد المتفرجين.
وإذا علمنا أن العديد من المدربين يرافقهم كادر مساعد ينتقل معهم من ناد إلى آخر ومن مباراة إلى أخرى لعلمنا حجم التغيير في الدوري وقد يتجاوز السبعين فنياً في عالم كرة القدم بين مدرب مساعد ومعد بدني ومدرب حراس المرمى ومحلل أداء.
ودوماً التغييرات لا تطول الكوادر الفنية وحدها بل تطول الشأن الإداري أيضاً، فهناك مديرو الفرق والإداريون والجهاز الطبي والإعلاميون والمرافقون من مسؤولي التجهيزات وغيرهم.
وإذا أردنا أن نحصي كل هؤلاء فإن الأمور كارثية وتدل أرقامها الكبيرة على سوء الإدارة وعلى غياب الفكر الاحترافي عن أنديتنا.. وعند معالجتنا للموضوع ومحاكاتنا للأمر الواقع لنجد أن ما ذكرناه هو بيت القصيد فالمشكلة ليست عند الكوادر بقدر ما هي عند إدارات الأندية.
قراءة عامة
لا يمكن في هذا المجال تحديد المسؤولية بشكل دقيق لأن النظرة العامة إلى كرة القدم ما زالت نظرة بدائية تؤمن بمعادلة أن مدرباً ولاعبين ومالاً يصنعون فريقاً، وعلى هذا الفريق أن يحقق ما يطلب منه.
وهذه الفكرة قد تكون آنية وقد يحقق أحد الفرق ما يتمناه جمهوره وإدارته، لكن تبقى غير مكتملة الأركان.
الحال الصحيح أن تتبنى إدارات الأندية إستراتيجية طويلة الأمد غايتها بناء كرة القدم بشكلها العلمي والسليم وفق خطوات وآليات، تبدأ من القواعد وتنتهي بالفريق الأول وهذا الحديث له تفاصيل كثيرة لسنا بصددها الآن.
من هذه التفاصيل المدرب، وهو ركن أساس في بناء كرة القدم وتطويرها، والخطأ يكمن في الخطوة الأولى.
قبل الحديث عن هذه الخطوة فإن المطلوب من أي ناد تحديد المدرسة الكروية التي سيتبعها وهذه المدرسة تشمل كل الفئات، بحيث يتدرب الصغير على أسلوب لعب يتطور مع انتقاله من فئة إلى أخرى، أما أن يتعلم بسن الناشئين شيئاً ثم يتغير في الشباب، ويذهب بعدها هباء في الرجال فهذا أمر لا يصنع كرة القدم.
المشكلة أن أنديتنا لا تنظر إلى أهمية بناء كرة القدم في القواعد وهو الأساس، وبناء كرة القدم الصحيح يجب أن يعتمد على المدربين الاختصاصيين بتدريب القواعد، والمؤسف أننا نجد أن أي مدرب أو لاعب معتزل يدرب في القواعد وتكون النتيجة فشلاً كاملاً بكل الاتجاهات، أما ما يخص فرق الرجال فعلينا التعامل مع قضية المدربين كما تتعامل معها الأندية المحترفة بكل الخطوات والآليات.
في البداية موضوع اختيار المدرب وطاقمه يجب أن يستند إلى آليات معينة، فاختيار المدرب يجري وفق الهدف من المشاركة في البطولة، هل يريد النادي الفوز باللقب؟ أم إن هدفه البقاء وعدم الهبوط؟
هناك أندية عدة تدخل الدوري وقد يكون نصفها هدفه الفوز باللقب ولكن الفائز واحد، وهذا الأمر لا يعني بالضرورة أن بقية الفرق التي تحقق اللقب هي فرق فاشلة ومدربوها فاشلون لذلك النظرة إلى المدرب يجب أن تكون ضمن مقاييس عديدة، منها تطور الفريق وجاهزيته ومستوى الأداء الذي يقدمه.
هذه الخصائص من المفترض أن تكون في اعتبار إدارات الأندية عند تعيين المدرب.
الإدارة عندما تتعاقد مع مدرب فهي مقتنعة به وخصوصاً أن كل مدربينا مكشوفة أوراقهم لذلك فإن الحفاظ على المدرب ودعمه وحمايته يجب أن يكون في الأولوية، والأهم الصبر عليه ليقدم ما عنده وما في جعبته، أما أن يتم تغيير المدرب بعد مباراتين أو ثلاث فهذا يدل على عشوائية العمل، فإما أن الإدارة أخطأت بالتعاقد مع هذا المدرب، أو أنها لم تصبر عليه فاستعجلت رحيله.
ولنا في الفكر العشوائي أمثلة عديدة، فالجيش استغنى عن حسين عفش، ليتعاقد معه أهلي حلب مباشرة، ومصعب محمد غادر حطين لسوء النتائج فاستقبله نادي المجد، وعمار الشمالي انتقل هذا الموسم بين ثلاثة أندية، لذلك نسأل: من المحق ومن المخطئ؟ ونعتقد أن أنديتنا إن بقيت ضمن منظومة العمل العشوائي هذا، فلن تنجح في بناء كرة قدم متطورة وحديثة ومنافسة.
الاستقرار
أندية الدوري الممتاز عاشت حياة متقلبة على الصعيد الفني ومع كل مرحلة من مراحل الدوري كانت التغييرات مستمرة بين الأندية، من الأندية الأكثر استقراراً وحفاظاً على طاقمها التدريبي كان نادي الوثبة الذي استمر مع المدرب فراس معسعس منذ انطلاق الموسم الجديد فخاض معه الفترة التحضيرية ثم مباريات كأس الجمهورية وخسر في النهائي أمام أهلي حلب بركلات الترجيح 3/4، واستمر مع الفريق حتى الآن.
ماهر بحري مدرب أهلي حلب، خاض الفترة الاستعدادية وفاز بلقب كأس الجمهورية، وخسر لقب دورة الصحفيين بخروجه من نصف النهائي أمام المجد 1/3، وانتهت مهمته مع نهاية الذهاب حيث استقال فانتقلت الإدارة الفنية إلى حسين عفش.
فريق جبلة حافظ على مدربه علي بركات من الموسم الماضي، فكان له التحضير والاختيار، وحاز لقب دورة الوفاء والولاء بفوزه على تشرين بهدف نظيف واستمر البركات مع الفريق حتى الآن.
من الأندية التي حافظت على الاستقرار في كامل المرحلة فريق الجيش الذي قاده المدرب حسين عفش الذي استقال مع نهاية الذهاب وجاء بديلاً عنه المدرب أيمن الحكيم مع الإشارة إلى أن المدرب رأفت محمد بدأ الفترة التحضيرية وخاض مباريات الكأس لكنه غادر قبل انطلاق الدوري.
الفتوة تعاقد مع المدرب ضرار رداوي وكان الفتوة أكثر الأندية استعداداً لأنه بدأ قبل كل الفرق، وخاض مباريات كأس الجمهورية، وخسر ربع النهائي أمام الوثبة بركلات الترجيح، وخاض مع الفتوة ثماني مباريات.
الكرامة شبيه الفتوة تعاقد مع مدربين اثنين أولهما فواز مندو الذي خاض معه فترة الاستعداد وشارك بدورة الصحفيين وجاء وصيفاً للمجد، وبعد خمس مباريات من الذهاب استقال، فحل مكانه المدرب أحمد عزام الذي قاد الفريق في خمس مباريات أخرى.
الطليعة استعد مع فراس قاشوش وخاض معه دورة الصحفيين وخرج من نصف النهائي أمام الكرامة بركلات الترجيح 4/2 بعد التعادل 2/2، وخاض من مرحلة الذهاب ثلاث مباريات فقط، وبعد استقالته تابع بشار سرور المشوار مع الفريق.
اضطرابات إدارية
الفرق التالية تعرضت لاضطرابات إدارية عديدة انعكست سلباً على الفريق الأول فعاش مرحلة لا يحسد عليها من التوهان والضياع، والعامل المشترك بين هذه الفرق تغيير إدارات الأندية لظروف مختلفة.
نادي تشرين تعرض لهزة عنيفة بوفاة رئيس النادي طارق الزيني فانعكس هذا الفراغ على الفريق الأول الذي عاش مرحلة ضياع قبل أن يستعيد توازنه وتستقيم أموره.
بدأ تشرين فترة التحضير مع المدرب عمار الشمالي، ثم خاض معه ثلاث مباريات في الكأس قبل أن يستقيل فقاد المباراة الرابعة المدرب هشام كردغلي.
إدارة النادي تعاقدت مع رأفت محمد لكنه لم يصمد أكثر من ثلاث مباريات فعادت إدارة النادي إلى المدرب المساعد هشام كردغلي ليقود الفريق في ثلاث مباريات قبل أن يستقيل فكان محمد عقيل الخيار الأخير للفريق.
تشرين مع عمار الشمالي جاء وصيفاً بدورة الوفاء والولاء وخرج من نصف نهائي الكأس.
حطين بدأ فترة الاستعداد مع مصعب محمد، شارك بدورة الوفاء والولاء وخسر في نصف النهائي أمام تشرين صفر/3، وخرج من الدور الأول من كأس الصحفيين، إدارة حطين بدأت الدوري مع عبد الناصر مكيس واستقال بعد سبع مباريات، ليتابع المهمة المدرب عمار ياسين.
الوحدة بدأ فترة الاستعداد بإدارتين، الأولى عينت الصربي دوبرا موفيتش والثانية عينت زياد شعبو الذي خاض من الدورة مباراة واحدة، جاء بعد عمار الشمالي فخاض ست مباريات وبعد استقالة الشمالي وانتقاله إلى الفتوة تم تعيين وليد الشريف مدرباً للفريق.
المجد أكثر الفرق عاش مراحل مضطربة على كل المستويات، إدارية وفنية ومالية، بدأ مع هشام شربيني وعاش معه المرحلة الذهبية بفوزه ببطولة كأس الصحفيين، وقد حقق الفوز على أهلي حلب 2/1 في نصف النهائي وعلى الكرامة 1/صفر.
بعد أربع مباريات استقال هشام شربيني وجاء خلفاً له محمد خلف، لم يستمر أكثر من مباراتين فجاء عماد دحبور ثم استقال وفترة الدحبور كانت ضمن توقف الدوري ليقود المدرب المساعد عبد الهادي الحريري التدريبات قبل أن تعتمد إدارة النادي على المدرب مصعب محمد الذي قاد الفريق في أربع مباريات.
فريق الجزيرة خاض في الدوري الممتاز قبل أن يستبعد من الدوري وتشطب نتائجه سبع مباريات وقاد الفريق في هذه المباريات عدة مدربين بين مدير فني ومدرب ومساعد أبرزهم: أحمد الصالح ولوسيان داوي ووحيد همو وشيخ موس أوسي.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن