سلمان عيسى
لا يوجد في الكون اغرب من حكومتنا وقراراتها، اذ انها في الغالب تتدخل في الوقت الخطأ ..
لن نناقش موضوع الدمج والاثر السلبي الذي تركه على مؤسسات الدولة ( المدموجة ) بدءا من الاعلام الى التجارة الداخلية وكل المؤسسات التي تم دمجها مع بعضها على مبدأ ( هوشة العرب ) التي تتم بالغالب بشكل انفعالي هش وغير مدروس ..من احداث المؤسسة العامة للطباعة التي ( سطت ) على مطابع الثورة وتشرين و اربكت سابقا طباعة الصحف الى دمج صحيفتي الثورة وتشرين ضمن مؤسسة واحدة – اي اضافة حلقة ادارية جديدة .. لن نناقش الآن مدى نجاحها او فشلها منذ ساعات الدمج الاولى ..
الى دمج مؤسسات وشركات ( التموين سابقا ) على عدة مراحل – وكل مرحلة كان فيها من السلبيات ما يقنع صاحب القرار الى فك هذا الارتباط والرجوع عن هذا الخطأ.. لكن الاصرار على المضي في تنفيذ هذه ( الجريمة ) الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة، اوصلنا الى احداث مؤسسة واحدة تثبت فشلها يوم بعد آخر – بسبب الادارات في بعض الاحيان، وبسبب الاعباء الكبيرة التي ورثتها عن مثيلاتها المتعثرات .. او المنهوبات والخزن والتسويق مثالا ..
اليوم تكثف الحكومة اجتماعاتها بضغط من وزارة التنمية الادارية على مايبدو، حيث تم تشكيل لجنة وزارية لدمج الشركات الانشائية ( خمس شركات ) في شركة واحدة .. تصوروا : الدولة السورية تتعرض لحرب كونية منذ اثنتي عشر عاما .. دمرت البيوت والمنشآت العامة والخاصة .. المعامل والجسور .. قام الارهابيون بسرقة مئات الآليات الثقيلة ودمرت ايضا المئات منها .. هذه الآلات هي عصب العمل الرئيسي للشركات الانشائية ..
تصوروا كيف تفكر الحكومة .. ان تدمج هذه الشركات الخمسة في شركة واحدة، وذلك قبل ترميم او اعادة بناء المباني الحكومية التي تعرضت للتدمير من قبل الارهاب – قبل ان تنتقل الى ترميم واعادة بناء المنازل التي تدمرت جراء العمليات القتالية للتنظيمات الارهابية .. كما وعدت هي طبعا .. واولا وآخرا قبل ان ترمم آليات هذه الشركات الثقيلة على الاقل ..؟
في ذروة استنفار الحكومة لمعالجة تداعيات الزلزال الذي ضرب البلاد في السادس من الشهر الحالي، تعقد الحكومة اجتماعاتها للاسراع بدمج الشركات الانشائية ..؟ وهي تعلم علم اليقين انها تحتاج الى تشغيل جميع الآليات المتوفرة لدى هذه الشركات، والى جهد وتفكير اداراتها، لا ان تشغلهم في ترتيب الامور الادارية للشركة او المؤسسة الوليدة – وان تلهي هذه الادارات عن عملها في رفع الانقاض على الاقل بسبب التناحر بين اداراتها و( طق البراغي ) لمن سيتولى ادارة المؤسسة الجديدة ..
في الاولويات يا حكومتنا المبجلة ( وليس من باب التنظير، او الاملاء لا سمح الله .. عقلكم يوزن بلد كما يقال ) لكن من باب لفت النظر ، ان التوجه يجب ان يكون الى ترميم آليات الشركات التي تنوون دمجها للمساهمة والاسراع في معالجة تداعيات الزلزال ..
وفي الاولويات ايضا نسأل : ماعلاقة الشركة العامة لاعمال الكهرباء والاتصالات ( الشبكات ) والشركة العامة للمشاريع المائية .. والشركة العامة للدراسات .. والمؤسسة العامة للاسكان .. غريب ان يتم دمج شركات ليس لها اية علاقة بالبناء والتشييد الا من ناحية الدراسة والاشراف .. المؤسسة العامة للاسكان هي جهة ادارية مشرفة، ليس لديها آليات ، انها صاحبة مشاريع تتعاقد مع الشركات على تنفيذ اعمالها .. والشركات بدورها تتعاقد مع القطاع الخاص لانجاز هذه المشاريع .. وفهمكم كفاية ..؟!
بكل الاحوال، فإن هذه الخطوة ليست في وقتها المناسب ، وتأخيرها وعدم الانشغال بها ومنحها الكثير من الوقت الذي قد يكون مهما لقضايا اخرى معروفة للجميع فيه كثير من الحكمة حتى لا يقول البعض اين انتم من الواقع ..؟!
(سيرياهوم نيوز4-خاص)