فاطمة عواد الجبوري
ذكر التلفزيون الإيراني أمس الجمعة بأنه من المرجح أن تبيع إيران أنظمة دفاع جوي متطورة لسوريا تتضمن هذه الصفقة صواريخ أرض-جو، ويقول البعض بأن هذه الصفقة تأتي ضمن مساعي إيرانية-سورية لتعزيز الدفاعات الجوية السورية في مواجهة الغارات الإسرائيلية.
ولكننا نخالف هذا الرأي لإننا نعتقد بأنّ ما يتم التحضير له هو أكبر من مجرد تعزيز لمنظومات الدفاع الجوي مقابل الغارات الإسرائيلية. إذ أن التصريحات الإيرانية تتحدث عن تزويد الحكومة السورية بمنظومات رادار وصواريخ دفاعية من منظومة (15 خرداد) كما سيتم تزويد الحكومة السورية بقنابل دقيقة للطائرات المقاتلة. كل توحي هذه التصريحات وبدون أي مجال للشك بأنّ عملاً عسكرياً قادماً ضد إسرائيل عما قريب وذلك مشروط بالطبع باستمرار إسرائيل بعنجهيتها المفرطة تجاه الأراضي السورية.
بطبيعة الحال، المواجهة بين إيران وإسرائيل، اتخذت طابع التأجيل لسنوات عديدة. فتاريخيًّا دخلت إيران إلى سوريا بين عامي 2011م، و2012م، ولعل تغاضي الطرفين الأمريكي والإسرائيلي عن هذا التواجد كان لأسباب استراتيجية، وهي استنزاف ايران في سوريا، سواءً من الناحية البشرية أو الاقتصادية، ولا يبدو أنّ الإيرانيين كانوا في غفلة عن هذا الاستنزاف، بحيث وضعت إيران امتيازات التدخل والاستنزاف على كفتي الميزان، فرجحت كفة الامتيازات، فجاء قرار التدخل المباشر والفاعل في سوريا.
إيران وبتدخلها في سوريا وجدت أنّ الفرصة لن تتكرر؛ لذلك بنت لنفسها قواعد، وانتشرت على طول الحدود الشمالية لإسرائيل في سوريا. وأصبح تواجد الإيرانيين هناك أمر واقع، وغيّر هذا التواجد العديد من المعادلات الإقليمية الإسرائيلية.
قد يتساءل البعض، لماذا لم ترد إيران على الضربات العسكرية الإسرائيلية في سوريا؟
إن الإجابة على هذا السؤال تتطلب النظر في الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إيران لتحقيقها في سوريا والمنطقة؛ فأولاً من قال بأن إيران لم ترد على هذه الهجمات، هناك العديد من الحوادث التي تحدث في إسرائيل وتتكتم عليها الحكومة الإسرائيلية بشكل كامل. تشمل هذه الحوادث استهداف المنشآت النووية، واستهداف محطات الكهرباء والمياه ومحطات القطار ناهيك عن الاستهداف المباشر للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر والخليج.
كذلك من الراجح أن الهدف الاستراتيجي المهم لإيران في سوريا، هو تثبيت القواعد العسكرية وتموضعها هناك بالقرب من الحدود الإسرائيلية، لتصبح المدن الإسرائيلية على مرمى حجر من أهدافها.
في الآونة الأخيرة، شددت إسرائيل من عملياتها العسكرية في سوريا وتجاوزت جميع الخطوط الحمر هناك. فهي استهدفت المطارات المدنية وأخرجت مطار دمشق عن الخدمة واستهدفت مطار حلب كذلك. كما قامت إسرائيل باستهداف مباني سكنية في دمشق وأزهقت عشرات الأرواح من المدنيين. ولذلك فقد أصبح من الضروري أخذ زمام المبادرة للبدء بعملية عسكرية ضد إسرائيل.
هناك مجموعة واسعة من الظروف الدولية تساعد على شن مثل هذه العمليات ضد إسرائيل أولها الحرب الأوكرانية وما خلقته من شرخ عظيم بين روسيا وإسرائيل. على مدار السنوات الماضية اعترضت روسيا على استخدام صواريخ اس 300 في مواجهة الطائرات الإسرائيلية ولكن اليوم تتجه الحكومة السورية لشراء أنظمة دفاع جوي إيرانية هي الوحيدة (أي الحكومة) صاحبة القرار باستخدام هذه الصواريخ في مواجهة إسرائيل.
حليف إسرائيل الولايات المتحدة مشغولة أولاً بالحرب الأوكرانية وهي مشغولة كذلك بعمليات تهريب المخدرات في المنطقة. بالطبع يعلم الجميع بأنّ الولايات المتحدة وحلفائها يتهمون سوريا وحزب الله بتهريب المخدرات في منطقة الشرق الأوسط إلا أن الحكومات والمسؤولين في الشرق الأوسط يعلمون جيداً بأنّ من يقوم بتهريب المخدرات هي الولايات المتحدة نفسها وذلك لما تمتلكه من أدوات لوجستية وقدرة نفوذ في هذه البلدان. ولذلك فإن الرد على الهجمات الإسرائيلية وأخذ زمام المبادرة في ضرب الأراضي الإسرائيلية أصبح حقيقة وحقاً مشروعاً للحكومة السورية تنفذه في الزمان والمكان المناسبين.
ختاماً إن سمعة محور المقاومة اليوم على المحك، فإذا ما قلنا بأنه كان من المبرر خلال السنوات الماضية السكوت على الضربات الإسرائيلية بسبب الحرب الكونية على سوريا، فالرد اليوم أصبح مطالبة شعبية وجماهيرية وتدعمه أغلب شعوب المنطقة. تعزيز القدرات العسكرية السورية عبر إيران يثبت مرة أخرى أولا القدرات العسكرية المتفوقة لإيران في المنطقة والعالم ويثبت ثانياً بأن إيران وسوريا تحضران لرد حاسم ضد التجاوزات الإسرائيلية.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم