أظهرت المقاطع المصوّرة التي وثّقت لحظة وقوع زلزال سوريا وتركيا، سطوع عدد من الأضواء في الأفق، الأمر الذي أربك الناس وسبب لهم الكثير من التساؤلات.
وتحدث معظم الزلازل على صدوع عميقة تعمل كحدود لصفائح الغلاف الصخري، تتلاقى 3 صفائح من هذا النوع في تركيا وسوريا، الأناضولية والعربية والأفريقية.
تتحرك الصفيحة العربية شمالاً، ويتم دفع الأناضولية التي تقع عليها معظم تركيا غرباً، تؤدي حركة الصفائح التكتونية إلى زيادة الضغط على مناطق الصدع عند حدودها، ويعد الإطلاق المفاجئ لهذا الضغط هو المسبب للزلازل ولاهتزاز الأرض.
ويتم إطلاق جزء من الطاقة على شكل موجات زلزالية تسبب الدمار، ويتحوّل جزء منها إلى حرارة، فيربط العلماء الومضات التي تحدث في السماء فوق موقع الزلزال بمجالات كهربائية قوية نتيجة لتفريغ الضغوط الميكانيكية.
السبب الأول لتأثيرات الإضاءة غير العادية، والتي تسمى “أضواء الزلزال”، هو تأثير كهر – ضغطي.
لكل بلّورة اتجاهها الخاص
يقول سيرغي بولينيتس، كبير الباحثين في معهد أبحاث الفضاء التابع لأكاديمية العلوم الروسية، الأستاذ في العلوم الفيزيائية والرياضية: “عندما تتشوه مادة بلورية، تتولد فيها مجالات كهربائية، في الوضع الطبيعي يكون لكل بلّورة اتجاهها الخاص لهذا المجال، ويميل مجموعها إلى الصفر، ولكن تحت التأثير الخارجي للتوتر، تتشكل حقول القوة الهائلة وتنشأ”.
وأشار بولينيتس إلى أن شدة المجال الكهربائي الطبيعي على سطح الأرض تبلغ 100-150 فولت لكل متر، ويلاحظ العالم أنه قبل وقوع الزلزال، يمكن أن يقفز هذا المؤشر إلى عدة كيلوفولت لكل متر، تخلق تفريغات الهواء الكهربائية توهجا مشابها للشفق القطبي، ولكن فقط في الطبقات السفلية من الغلاف الجوي على ارتفاع عدة كيلومترات.
يصل الضغط الميكانيكي في منطقة الصدع إلى الحد الأقصى قبل تمزق الصخور، أي قبل وقوع الزلزال مباشرة، ووفقاً لذلك، في هذه اللحظة، تكون قوة المجال الكهربائي في ذروتها.
وأضاف: “تنتقل الإلكترونات إلى مستوى طاقة أعلى، وعندما تعود، تنبعث منها موجة من الضوء، يتم تحديد لون الإشعاع من خلال الطول الموجي، أي الفرق بين مستويات الطاقة”.
عملية التأين
وتابع بولينيتسس، أن هناك عامل آخر هو “تأين الهواء”، والذي يرتبط بكل من التفريغات الكهربائية وإطلاق الغازات العميقة من منطقة الصدع.
يقول العالم: “هناك العديد من الغازات المختلفة في قشرة الأرض عندما يتم انتهاك سلامة الغلاف الصخري، فإنها تأتي إلى السطح، هناك دائما غازات معينة، بما في ذلك الرادون المشع عندما يتحلل، فإنه يطلق جسيمات ألفا ذات طاقة عالية جدا، مما يعزز التأين”.
ونوّه العالم إلى أن الأيونات المشحونة ترتبط بجزيئات الماء في الغلاف الجوي. وتشكل الأيونات العنقودية الكبيرة تعليقا مشتتا في الهواء، وتنتشر الكهرباء بشكل أسرع.
تنبؤات الزلازل
لسوء الحظ ، تحدث ومضات ساطعة من الكهرباء في الغلاف الجوي قبل ثوانٍ قليلة من الهزات، ولكن لا يستطيع أحد التنبؤ من وقوع كارثة مقدماً، ولكن يمكن استخدام العمليات الفيزيائية التي تولدها لهذا الغرض.
طور بولينيتس وزملاؤه نموذجا للتفاعل بين الغلاف الصخري والغلاف الجوي والغلاف الأيوني وهو “اقتران الغلاف الصخري والغلاف الجوي والأيونوسفير”، مما يسمح بالتنبؤ بالزلازل بناء على تحليل عدد من العوامل. أولا وقبل كل شيء، زيادة انبعاثات غاز الرادون، ثانيا الشذوذ الحراري، حيث تظهر “بقع” درجة الحرارة المرتفعة بوضوح من القمر الصناعي، ثالثا، هناك مؤشر مهم آخر هو انخفاض حاد في الرطوبة.
وذكر العالم أنه قبل الزلزال الأول في تركيا، في 6 شباط/ فبراير، انخفضت الرطوبة من 100%إلى 35% في غضون ساعات قليلة.
وتابع بولينيتس أن بعد إغلاق الشقوق، يتوقف التأين، وتزداد الرطوبة، وغالباً ما تمطر وتنخفض درجة الحرارة بشكل حاد بمقدار 4 إلى 5 درجات في غضون ساعات قليلة.
سيرياهوم نيوز3 – الميادين