د. إيمان شويخ
قد تكون مصيبة سوريا المتمثلة بزلزال 6 شباط الذي راح ضحيته أكثر من 5000 شهيد، قد تكون مناسبة ليس للتضامن مع سوريا فحسب، بل لمعرفة مكانة هذا البلد الذي تدخلت في تفاصيله الشياطين فأردته حزينًا مستبعدًا منعزلاً والأكثر محاصرًا.
لكن الحصار الغربي أسقطته الصحوة العربية، وكأن الدول العربية والخليجية تحديداً حصلت على حجة وهي مساعدة سوريا إنسانيًا بعد الكارثة للتقارب معها دون إغضاب أميركا أولاً و دول الغرب المعارضة ثانياً، لكن الخوف بالنسبة لواشنطن هو أن تتطور العلاقة بين الخليج تحديدًا و سوريا من مجرد علاقة إنسانية إلى تطبيع مع دمشق، وهذا قد يشكل بنظر واشنطن تهديدًا أو ربما خروجاً من العباءة الأمريكية الذي بدأت السعودية تمارسه من العام الماضي بعد حرب أوكرانيا حين تمردت على بايدن ورفضت زيادة إنتاج النفط لتلبي النقص في السوق الأوروبية، فهل تتمرد اليوم دول الخليج والدول العربية التي تخشى عقوبات أمريكية وتطبع علاقاتها مع سوريا؟
سلسلة زيارات حصلت من وإلى سوريا، تؤكد المؤكد و هو أن هذا البلد و تأثيره الكبير في المنطقة تآمرت عليه الجيوش وعبثت بأمنه و دوره دون أن يغير الحقيقة الثابتة و هو أن سوريا هي قلب العروبة النابض والسلام فيها هو سلام للمنطقة ككل.
ومن هذه اللقاءات كانت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد و وزير الخارجية فيصل المقداد وذلك لنقل “رسالة تضامن عقب كارثة الزلزال المدمر”.
كما فُتحت قنوات دبلوماسية مع سوريا، بعد قطيعة دامت أكثر من عقد. فتلقى الرئيس السوري بشار الأسد اتصالات هاتفية من العاهل الأردني والبحريني والرئيس المصري، للمرة الأولى منذ 2011
التواصل العربي مع سوريا حصل من بوابة المساعدات من خلال زيارة وزير خارجية الإمارات، مع إعلان دولته عن قيادة حملة المساعدات إلى سوريا. كما جاء وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، إلى دمشق للقاء الأسد في أول زيارة من نوعها منذ اندلاع الخلاف بين الجارتين.
و للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، أعلنت السعودية عن إرسال مساعدات إلى سوريا، لتحط طائرة سعودية محملة بالمساعدات في حلب، وهي الزيارة الأهم لبلد خليجي بسبب ما تمثله السعودية من مكانة في دول الخليج ومع أمريكا والصين مؤخرًا، فهل تتطور العلاقة السعودية- السورية بعد الفتور الذي شهدته العلاقات السعودية-الأمريكية!
والأهم، كان تسريب خبر عن زيارة مرتقبة لوزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان بن إلى دمشق، و الذي قال إن الوضع في سوريا يحتاج إلى مقاربة جديدة.
اللافت أيضاً كان اهتمام السعودية بزيارة الرئيس بشار الأسد إلى عُمان حيث نشرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية أنباء الزيارة قبل أن تحط طائرة الأسد في مسقط، كما قالت الصحيفة إن الرئيس السوري سيتجه إلى الإمارات أيضاً.
لكن التقارب مع سوريا والذي تصفه بعض الصحف العربية بأنه “تطبيع مع دمشق”، إضافةً إلى أن الخطاب السياسي الخارجي بات يستعمل «حكومة» وليس «نظاماً»، ينقصه عدد من الإصلاحات الدولية وأهمها أن يُطلب من سوريا رسميًا أن تعود إلى الجامعة العربية، ولا يجوز القول عودة سوريا أو السماح لسوريا بذلك، لأن وجود سوريا في مقعدها في الجامعة العربية هو مكسب للأخيرة ولكل الدول الأعضاء، ويجب أيضاً أن تعود العواصم العربية و الغربية إلى دمشق وتنهي القطيعة التي لم تضر سوريا بل العكس، وهاهي بقيت صامدة في وجه كل العقوبات و الحصار، والأهم أن يتذكر الجميع أن الحصار على سوريا يعني الحصار (غير المباشر) على من يقبل بذلك، ولبنان أول البلدان التي عانت من حصار سوريا، ولو نزلت المعارضة اللبنانية (14 آذار) عن شجرة البغض لسوريا، لكان لبنان بألف خير أقله في ملف النازحين الذي يكبد لبنان مليارات الدولار، و لائحة الدول التي تستفيد من العلاقة مع سوريا تطول، و سوريا ستصبح لاعباً دولياً هاماً في العالم الجديد، و لولا أهميتها لما كانت شنت هذه الحرب الشعواء عليها.
صحافية وكاتبة سياسية لبنانية
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم