أكّدت روسيا الثلاثاء أنها ستقاتل حتى السيطرة على مدينة باخموت، الجبهة التي تشهد معارك دامية منذ أشهر في الشرق الأوكراني، معتبرةً ذلك أمرًا أساسيًا لمواصلة هجومها رغم الدفاع الأوكراني الشرس.
في اليوم السابق، أمر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيكسي الجيش بإرسال تعزيزات إلى هذه المدينة المدمّرة عمليًا، نافياً التكهنات بشأن انسحاب قواته منها، رغم تقدم القوات الروسية مؤخرًا والتهديد بمحاصرتها. ويعتزم الأوكرانيون المقاومة لاستنزاف القوات تحضيرًا لهجوم مضاد سيطلقونه بالأسلحة الثقيلة والمدرّعات الحديثة التي وعد الغربيون كييف بها.
وأعلنت بولندا الثلاثاء أنها ستسلّم أوكرانيا بدءًا من هذا الأسبوع، عشر دبابات ليوبارد 2 ألمانية الصنع تلقى جنود أوكرانيون تدريبًا على استخدامها.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الثلاثاء خلال اجتماع لمسؤولين عسكريين نقله التلفزيون إن باخموت تشكل “مركزًا دفاعيًا مهمًا للقوات الأوكرانية في منطقة دونباس. السيطرة عليها ستسمح بهجمات إضافية في عمق خطوط دفاع القوات المسلحة الأوكرانية”.
ويشكك خبراء ومراقبون بأهمية باخموت الاستراتيجية، إلا أن المدينة اكتسبت أهمية رمزية وتكتيكية، مع الصعوبات التي يواجهها الروس للسيطرة عليها خلال أكثر من سبعة أشهر من القتال منذ آب/أغسطس.
ومعركة باخموت هي الأطول والأكثر حصدًا للأرواح منذ بدء الغزو الروسي في شباط/فبراير 2022.
– موسكو بحاجة إلى انتصار –
تبحث موسكو عن انتصار وإن رمزي بعد النكسات الكبيرة التي تكبّدتها في الخريف الماضي، وتأمل في أن يفتح سقوط المدينة الطريق أمامها للسيطرة على الجزء الخارج عن سيطرتها من منطقة دونباس الصناعية في شرق أوكرانيا.
ولحق دمار هائل بباخموت التي بقي فيها بالكاد أربعة آلاف شخص مقابل 70 ألفًا قبل الغزو.
بعد تقدم أحرزوه مؤخرًا، يبدو أن الروس يسيطرون على مداخل المدينة من الشمال والجنوب والشرق، ما يثير الخشية من محاصرتها.
تقود مجموعة فاغنر المسلحة الروسية هذا الهجوم متكبّدةً خسائر هائلة، باعتراف زعيمها يفغيني بريغوجين الموجود في منطقة القتال.
إلا أن هذا الأخير يخوض صرعًا مفتوحًا مع القيادة العسكرية الروسية التي يتّهمها بعدم تسليم ما يكفي من الذخيرة لرجاله المنخرطين في القتال على الخطوط الأمامية في باخموت. ويعتبر بريغوجين أن الخطوط الروسية ستنهار في حال انسحب رجاله.
وسخر الثلاثاء من وزير الدفاع قائلًا إنه “لم يلتقيه” على أرض المعركة، في وقت أكدت وزارة الدفاع السبت بدون الخوض في التفاصيل، أن شويغو زار منطقة القتال. والأحد زار الوزير ماريوبول التي تبعد أكثر من مئة كيلومتر من الجبهة.
من الجانب الأوكراني، خلقت المعركة بطلًا جديدًا، بعد انتشار فيديو على نطاق واسع على الانترنت يُظهر ما يبدو أنه إعدام خارج نطاق القانون لجندي أسير لدى الروس برصاص أُطلق من سلاح كلاشنكوف بعد أن هتف “المجد لأوكرانيا!”.
وقدّم الجيش الأوكراني الرجل الثلاثاء على أنه “العسكري في اللواء 30 الميكانيكي تيموفي ميكولايوفيتش شادورا”، موضحًا أن الجندي فُقد أثره في محيط باخموت في الثالث من شباط/فبراير.
وأضاف أن “الانتقام لبطلنا سيكون حتميًا”.
– بطل أوكراني جديد –
لم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق بشكل مستقلّ من مصدر هذه المشاهد ولا ما إذا كانت تُظهر كما يؤكد المسؤولون الأوكرانيون، إعدام سجين، ما قد يشكل جريمة حرب.
وانتشر هذا الفيديو بشكل واسع النطاق الاثنين على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما أشادت منشورات كثيرة وصور ورسوم بهذا الجندي وبشجاعته ووطنيّته.
ووعد زيلينسكي الاثنين بـ”العثور على القتلة” وطالب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بفتح تحقيق تقوده المحكمة الجنائية الدولية.
يُنتظر وصول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى كييف في ثالث زيارة له لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب، للبحث خصوصًا في استمرار تطبيق اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية، حسبما قال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك في بيان.
في روسيا، يتواصل قمع منتقدي غزو أوكرانيا والرئيس فلاديمير بوتين. فقد حكمت محكمة في موسكو الثلاثاء على مؤسس قناة معارضة على تلغرام بالسجن لنحو تسع سنوات بتهمة نشر معلومات “كاذبة” عن الجيش، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الروسية.
من جانبها، أعلنت بيلاروس حليفة موسكو، أنها أوقفت أكثر من 20 شخصًا يُشتبه بارتباطهم بالتخريب المفترض لطائرة عسكرية روسية الشهر الماضي في مهبط طائرات قرب مينسك.
نهاية شباط/فبراير، أكدت المعارضة البيلاروسية في المنفى أنه جرى تدمير طائرة روسية في مهبط طائرات قرب مينسك في ما وصفته بأنه “أنجح عملية تخريب” منذ بدء النزاع في أوكرانيا. وأشارت وسائل إعلام مقربة من المعارضة إلى أن الطائرة المستهدفة من طراز إيه-50 ومخصصة لأغراض الاستطلاع والقيادة.
وامتنع الكرملين عن التعليق، لكن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو أكّد أن طائرة من طراز إيه-50 تابعة للجيش الروسي استُهدفت، مؤكدًا أن الطائرة لم “تتضرر بشدّة”. ولفت إلى المشتبه به الرئيسي هو رجل روسي أوكراني يعمل لصالح استخبارات كييف.
من جانبه، يزور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء والأربعاء كييف للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في ثالث زيارة له لأوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي، وفق ما أعلن الثلاثاء الناطق باسم المسؤول الأممي.
وصل غوتيريش الثلاثاء إلى بولندا، على أن يتّجه إلى كييف حيث سيلتقي الأربعاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للبحث في استمرار تطبيق اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية، حسبما قال المتحدث ستيفان دوجاريك في بيان.
وكانت اتفاقية الحبوب، التي أُبرمت في 22 تموز/يوليو بوساطة الأمم المتحدة وبمساعدة تركيا، تهدف إلى تصدير الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية بسبب القتال، وساهمت في تخفيف حدّة أزمة الغذاء العالمية التي تسببت بها الحرب في أوكرانيا.
وأتاحت الاتفاقية إمكانية تصدير نحو 20 مليون طنّ من الحبوب، وبعد تجديدها في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر لمدة أربعة أشهر في الشتاء، باتت تنتهي في 18 آذار/مارس.
ومن المقرر أن يغادر غوتيريش كييف بعد ظهر الأربعاء، على أن يعود إلى نيويورك بعد ظهر الخميس.
ولم تُكشف أي تفاصيل إضافية حول هذه الزيارة المفاجئة للأمين العام للأمم المتحدة الذي يزور أوكرانيا للمرة الثالثة بعد زيارة أولى في نيسان/أبريل وأخرى في آب/أغسطس.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم