ربما يفسر حدث اليوم بالاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران – بمبادرة ورعاية صينية- الكثير مما خفي من المشهد السياسي إقليميا وعالميا سواء بسواء.
الحدث “الجلل” -الذي صدم قوما، وأغضب آخرين-أثار الأسئلة الكبرى: هل تلحق مصر بالحلف الجديد؟ ومتى؟
وماذا عن مصير العلاقات السعودية الإماراتية؟ وماذا عن تداعيات القرار إقليميا وعالميا؟ وكيف سيكون وقع الاتفاق في واشنطن وتل أبيب؟
السفير محمد مرسي وصف البيان الثلاثي التاريخي الذي صدر اليوم عن السعودية وإيران والصين وعادت بموجبه العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران بأنه قرار هام سيؤثر مباشرة في عدة ملفات إقليمية ساخنة ، لعل أبرزها توازنات الملف النووي الإيراني ودوائر تأزماته المتتابعة، وملف القضية الفلسطينية من حيث دور إيران في لبنان وفي دعم المقاومة الفلسطينية وفي سورية.
وأضاف السفير مرسي أن آثار هذا الاتفاق ستكون بالطبع وقبل كل ذلك على ملف الحرب وعملية السلام والمصالحة في اليمن وترتيبات المرحلة القادمة هناك ودور الحوثيين وأوضاع الجنوب اليمني سواء في حضرموت أو عدن ، وارتباط ذلك بدور الإمارات هناك.
ولفت إلى أن ما حدث يطرح تساؤلات حول تأثير هذا القرار علي العلاقات السعودية الإماراتية وتنامي التواجد الإسرائيلي في الخليج ، إضافة إلى تداعيات القرار السعودي الأخير علي السياسة الأمريكية في منطقتنا والتي تتقاطع من حيث المبدأ مع أي تقارب إيراني عربي.
ووصف السفير مرسي القرار بأنه قرار تاريخي جريئاً وذكياً ومتسقاً ومتوافقاً مع مصالح السعودية ورؤيتها للمنطقة وللملفات الإقليمية والدولية.
السفير محمد مرسي قال إنه كان ولا يزال من المطالبين بإعادة تقويم علاقاتنا مع أشقائنا في خليج اليوم وليس خليج الأمس ، مع إعادة النظر في علاقاتنا بإيران (وتركيا أيضاً) من منطلق المصالح العليا لمصر غير المرتبطة بضغوط وتوازنات إقليمية ودولية لا تراعي في الغالب مصالحنا الحقيقية علي المديين المتوسط والبعيد.
زلزال سياسي
من جهته وصف السفير فوزي العشماوي ما حدث بأنه زلزال سياسي مهم في منطقة الشرق الاوسط، مشيرا إلى أن الاتفاق وتطبيع العلاقات يؤكد توجه السياسة السعودية في ظل الملك سلمان وولي عهده الامير محمد بفك الارتباط التاريخي والاستراتيجي مع واشنطن، ويفسر عدم هرولة الرياض في اتجاه التطبيع مع إسرائيل، ويقلص من حاجتها للدعم الاستراتيچي من مصر كما يفسر ( جزئيا ) موقفها من دعم الحكم والاقتصاد المصري، ويعد نقطة إيجابية لروسيا التي تمتلك علاقات مهمة واستراتيجية مع طهران وتنسيق متصاعد مع الرياض خاصة في اطار اوبك بلس والتحكم في سعر النفط العالمي، كما أنه يخفف كثيرا من الضغوط والحصار المفروض علي طهران ويعد شهادة بنجاحها في الصمود والتنمية من خلال قياداتها التكنوقراطية المتميزة وحرصها علي احترام صندوق الانتخاب حتي في ظل اصعب الظروف.
ودعا العشماوي لترقب ردود فعل واشنطن وتل أبيب اللتين بلاشك تعدان أكبر المتضررين ،و لايُتوقع أن تسكتا علي هذا التطور المهم اللهم الا اذا كانت الرياض قد نسقت مع واشنطن، وهو أمر مستبعد أن توافق علي تصدر الصين للواجهة ).
وأنهى العشماوي متسائلا: فهل ستحاول واشنطن بكل مالها من أدوات وعلاقات تاريخية بالمملكة التأثير علي مستقبل الحكم السعودي ومحاولة منع صعود ولي العهد لسدة الحكم، وهل سيجهض الاتفاق أي توجهات مشتركة لواشنطن وتل أبيب بتوجيه ضربة لإيران وبرنامجها النووي ؟!
اللغز
في ذات السياق قالت د.علياء المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إنها لا تفهم عدم وجود علاقات دبلوماسية مصرية مع ايران؟
وأردفت متسائلة: هل من خاطر حبايبنا العرب؟
وأضافت أنهم اساسا ينظرون الى مصالحهم، ولا يعيروننا أي اهتمام.
ودعت المهدي مصر للنظر إلى مصالحها أولا وقبل أي شيء، مؤكدة ضرورة النظر إلى مصلحتنا مع ايران و تركيا و كل الدول التي علاقتنا بها ضعيفة.
واختتمت مؤكدة أن مصلحة الشعب المصري يجب أن تكون هي الأساس في تعاملنا مع دول العالم.
ترقب
المراقبون أجمعوا على أن قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران برعاية صينية سيكون بداية لتوجه إقليمي وعالمي جديد، ولن يكون العالم بعده مثلما كان قبله.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم