قال كاتب أمريكي إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال أسيرة أحلام زائفة تتعلق بالهيمنة على العالم، مشيرًا إلى أنها بدأت تروج لدورها في إنقاذ العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
جاء ذلك في مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية للكاتب أندرو باسيفيتش، وهو خبير سياسي وأستاذ تاريخ في جامعة بوسطن الأمريكية، إضافة إلى كونه ضابط سابق في الجيش الأمريكي.
رصد باسيفيتش كيف بدأت واشنطن تروج لدورها في تحرير العالم والانتصار على الشيطان منذ 1952 عندما كان في بداية طفولته، حيث كانت عائلته تلتف حول التلفزيون لمشاهدة حلقات وثائقية عن الحرب العالمية الثانية بعنوان “الانتصار في البحر”.
وكانت هذه الحلقات تتناول دور الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية بصورة عامة وفي المعارك البحرية بصورة خاصة.
وفي ذلك الحين، كانت واشنطن تعمل على تأصيل فكرة لدى الأمريكيين عن دورها في الانتصار والتضحية بملايين البشر الذي لبوا نداء الحرية.
ولفت الكاتب إلى أن تلك الفترة كانت الولايات المتحدة تعمل على فرض هيمنتها الكاملة على العالم
ويقول الكاتب إنه تأثر بتلك الفكرة وساهم في ذلك كون والديه خدما مسبقا في الجيش الأمريكي ولديهما إيمان راسخ بها.
وتابع: “لكن العديد من الأسئلة بدأت تجول في رأسي لاحقا خاصة فيما يتعلق بالحلقة التي حملت عنوانا يقول إنها “مصممة من أجل السلام” دون أن تتضمن أي شيء عنه.
وقال: “كانت تلك الحلقة أقرب إلى رسالة التهديد، إذ تناولت قتل نحو 78 ألف إنسان بقنبلة واحدة حملتها طائرة واحدة، إضافة إلى مشاهد الدمار في هيروشيما”.
كانت الولايات المتحدة ترسل ما يشبه رسالة تهديد تقول إنها أنهت الحرب العالمية الثانية بقنبلتين بالتوازي مع صور تحرير معسكرات النازيين ومشاهد لقواتها المنتصرة وهي عائدة إلى الوطن، حسبما يقول الكاتب الذي أوضح أن كل ذلك كان يحمل عنوان “العالم الحر يمضي إلى المستقبل”.
يقول الكاتب إنه في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تذيع حلقات “الانتصار في البحر” التي تروج للعالم الحر، تحولت هي وحلفاؤها إلى خصوم وبدأ العالم يتنافس لصناعة أسلحة نووية أكثر فتكا من التي استخدمتها واشنطن لقتل عشرات الآلاف من اليابانيين في لحظات.
ففي تلك الفترة، انخرطت القوات الأمريكية في حرب جديدة في شبه الجزيرة الكورية.
ولاحقًا بدأت الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي وبدأ الترويج لفكرة أن القوة المهيمنة التي استطاعت هزيمة النازية والإمبراطورية اليابانية ستتمكن من هزيمة الاتحاد السوفييتي لحماية الحرية، حسبما يقول الكاتب.
وقال الكاتب الأمريكي: “حقيقة الأمر هي أن الانتصار الصعب الذي تحقق عام 1945 تحول إلى مصدر للأوهام والخداع بشأن الدفاع عن العالم الحر”.
ففي عام 1960، بدأت تلك الأوهام تتبخر وتظهر حقيقتها في حرب فيتنام المدمرة.
لكن انهيار الاتحاد السوفييتي في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي أسهم في إحياء فكرة الدفاع عن العالم الحر، واستمر استغلال تلك الفكرة بعد هجمات الـ 11 من سبتمبر/ أيلول عام 2011، وبدأت واشنطن تروج لفكرة الحرب العالمية على الإرهاب والترويج لنفسها كقوة هيمنة عالمية.
ويقول الكاتب: “السياسة الخارجية الأمريكية مرتبطة بخرافة تقول إن العالم يحتاج إلى تعزيز القوة العسكرية الأمريكية”.
كيف صنع “العدوان الثلاثي” نهاية الإمبراطورية البريطانية؟
تحدث الكاتب عن الأخطاء الكارثية التي تصنع نهاية الإمبراطوريات، مشيرًا إلى أن هجوم بريطانيا على مصر في عام 1956 وضع نهاية الإمبراطورية البريطانية.
يعرف هجوم بريطانيا على مصر في 1956 بـ “العدوان الثلاثي” الذي شاركت فيه مع فرنسا وإسرائيل لمحاولة استعادة السيطرة على قناة السويس، لكنه كان عدوانا فاشلا.
ففي ذلك العام حاولت بريطانيا استعادة السيطرة على قناة السويس التي أعلنت مصر تأميمها، معتقدةً أنها لا تزال قوة مهيمنة، بحسب الكاتب، الذي أشار إلى أن الهجوم وصف بـ “الغباء الكارثي” الذي تسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه.
ولفت الكاتب إلى أن تلك الأزمة جعلت لندن تقر بأن مشروعها الإمبراطوري وصل إلى نهايته، وأن أسلوبها القديم في التعامل مع الضعفاء لم يعد يعمل.
وقال الكتاب إن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش ما وصفه بـ “لحظة السويس” التي أنهت الإمبراطورية البريطانية.
لكنه أوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت “لحظة السويس” منذ بداية العقدين الماضيين، مشيرًا إلى أن فشلها في حرب العراق لم يمنعها من الدخول في مستنقع حرب أفغانستان التي استمرت نحو 20 عاما وانتهت بانسحاب فوضوي في 2021.
ويرى الكاتب الأمريكي أندرو باسيفيتش أن الأزمة الأوكرانية ربما تكون آخر فرصة يمكن أن تتعلم منها واشنطن قبل تدفع الثمن الذي دفعته بريطانيا عندما اعتقدت أنه يمكنها استعادة السيطرة على قناة السويس المصرية. (سبوتنيك)
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم