علي عبود
اكتشفت منذ ثلاثة عقود تقريبا أن وزير الإدارة المحلية “لايمون” على محافظ دمشق إلا إذا كانت تربط الإثنان علاقة صداقة، أومعرفة شخصية قبل وصولهما إلى سدة المسؤولية!
واستنادا إلى هذا الإكتشاف المبكر، لم أفاجأ بعدم استجابة محافظ دمشق لوزير الإدارة المحلية لمعالجة المخالفة التي ارتكبت علنا بوضح النهار، والمتجسدة بفتح مطعم ومخبز ضمن بناء سكني على أوتستراد المزة (المقسم 15)!!
ولعل سكان البناء والأبنية المجاورة ظنوا أن المخالفة ستزال فور مراجعتهم للدوائر المعنية في محافظة دمشق، لذا فوجئوا بالمماطلة وبعدم الجدية في قمع المخالفة قبل أن تتحول إلى مطعم جاهز لاستقبال الزبائن!!
رفع الأهالي عدة شكاوى إلى محافظة دمشق، فكان الرد: الصمت المطبق!
وجّهوا للمخالف إنذارا عن طريق الكاتب بالعدل، مطالبين بإخلاء القبو، فردّ بالإستمرار بأعمال الحفر والتفريغ وتركيب أساسات المطعم!
طبعا، صمت الدوائر المعنية في محافظة دمشق ليس بجديد، بل هونهج قديم تتبعه مع كل مخالفات “المدعومين والمتنفذين”، فهي تغضّ الطرف حتى تصبح المخالفة أمرا واقعا، غير مكترثة لاعتراضات السكان والجوار، ولو لم يكن المخالف متأكدا ان فعلته لن تُقمع، لما غامر بإنفاق الملايين على أعمال الحفر والتكسير والتفريع، وتركيب مستلزمات استثمار المنشأة المخالفة للأنظمة النافذة!
ومع أن القانون /55/ لعام 2002 الخاص بهيئات شاغلي الأبنية يُلزم اللجان الإدارية بتبليغ دائرة الخدمات المختصة بأية أعمال إنشائية مخالفة، وتهدد سلامة البناء، وأقيمت دون موافقة اللجنة والسكان، فإن لادائرة خدمات المزة ولا أي دائرة في محافظة دمشق سارعت للكشف الميداني، واستجابت لطلب إزالتها، مايعني موافقة ضمنية على ارتكاب المخالفة رغم أنف السكان والجوار!
وبعد أن تأكد السكان أن محافظ دمشق لن يستجيب لشكواهم قرروا أن يتوجهوا إلى وزير الإدارة المحلية، معتقدين أنه باعتباره الجهة الوصائية على المحافظين، سيطلب من محافظ دمشق إزالة الشكوى فورا.. فما الذي حصل ؟
استقبل الوزير ممثلي لجنة البناء، لكنه لم يوجّه محافظ دمشق بإزالة المخالفة، وإنما تمنّى عليه أن يستقبل الوفد للإستماع إلى تفاصيل المخالفة!
المفاجأة، ان محافظ دمشق أكد لوزير الإدارة المحلية عدم إطلاعه على تفاصيل المشكلة، أي إن شكوى السكان لم تصل إلى مكتب المحافظة، وبالتالي فلو لم يتصل به الوزير لما سمع بها لاحقا!!!
المهم، إن المحافظ استقبل لجنة البناء بتاريخ 15/1/2023 واستمع إلى التفاصيل ووعدهم بمتابعة الشكوى وإعلامهم بالنتائج!
ماذا حصل بعدها؟
حتى الآن لم يصل للسكان أي جواب ولم يتخذ أي أجراء بالمخالفات المرتكبة!!
والسؤال: إذا لم يستجب محافظ دمشق، أي محافظ على مدى العقود الماضية، لأي وزير للإدارة المحلية فلمن سيستجيب؟
في تسعينات القرن الماضي أبتلينا في البناء رقم/2/ في الجزيرة /3/ في مشروع دمر برئيس بلدية اشترى شقة أرضية تطل حديقتها على الشارع العام، ومع أنه كان يعرف جيدا أن الحدائق في المشروع ملكية مشتركة تشرف عليها وتديرها لجان الأبنية، وهي مفتوحة بلا أسوار للعموم، فقد قرر رئيس البلدية آنذاك ضمها للشقة، فبنى سورا عازلا، وبدأ بأعمال إنشائية تغيّر طبيعتها..!
تدخل أحد السكان محتجا، وحدث تلاسن أدى إلى قيام رئيس البلدية، الضخم الجثة والمفتول العضلات بدفع الساكن بقوة فتدحرج على الدرج،، وأصيب بجرح بليغ في مؤخرة رأسه نقله بعض السكان إلى المشفى في حالة إسعافية خطيرة جدا!
حاولنا كلجنة بناء لقاء محافظ دمشق، فرفض استقبالنا، فلجأت شخصيا إلى وزير الإدارة المحلية، وكان عضوا سابقا في القيادة القطرية .. فما الذي حدث؟
ردد على مسامعي ان رئيس البلدية المعتدي مشهود له بالنزاهة وقالها حرفيا “آدمي”، ثم اتصل بمحافظ دمشق وتمنى عليه معالجة الموضوع كي لايُنشر في الصحافة!
مالذي حدث بعدها؟
لم يعد رئيس البلدية إلى الشقة التي استولى على حديقتها، بل قام ببيعها بعد فترة قصيرة، واكتشفت فيما بعد أن محافظ دمشق لم يعاقبه، ولم يحاسبه على فعلته التي كادت أن تتسبب بجريمة قتل، بل كافأه بنقله إلى بلدية أخرى أدسم!
وبعدها قام ممثل مشهور ومتنفذ بشراء شقة في الطابق الأخير من برجنا، حوّلها إلى العضم ليعيد تشكيلها من جديد، إلى حد انه ثقب سطح البناء لتمديد انبوب “الشيميني“، وكاد أن بتسبب بحريق في عدة شقق، وعندما شكيناه إلى رئيس البلدية أتصل أمامنا بالفنان ليخبره: أمامي صحفي يسأل عن المخالفة!
وأضاف: “أبو فلان على راسي“.. لكن يجب أن تتفاهم مع لجنة البناء!
أيضا عندما قام أحد الشاغلين بارتكاب مخالفة ردّ رئيس البلدية عند إخباره عنها: بماذا تزعجكم المخالفة؟
الخلاصة: إذا كان محافظو دمشق لايستجيبون على مدى العقود الماضية لوزراء الإدارة المحلية .. فلمن يستجيبون؟
ربما سيتسجيبون لزلزال 6/2/2023 لأن التلاعب بأساسات الأبنية سيعرضها للإنهيار بفعل أي هزة متوسطة الشدة، وبالتالي قد يشعر المحافظون بالخطر القادم فيمنعون المخالفات مهما كانت قوة مرتكبيها المتنفذين، ولو لعدة أشهر قادمة، أي ريثما ينسى الناس الزلازل والهزات!!
(سيرياهوم نيوز1-خاص)