سلمان عيسى
من علامات سوء التخطيط الزراعي ان تلزم الفلاحين ( بالترغيب ) زراعة محاصيل غير اقتصادية .. او على الاقل اصبحت في هذه الأيام غير اقتصادية .. مثلا منذ عامين قامت مديرية زراعة الغاب ومعمل سكر تل سلحب -بتوجيه من وزارتي الصناعة والزراعة-بجولات على الفلاحين واقناعهم باعادة زراعة الشوندر السكري بعد انقطاع خمسة اعوام عن الزراعة بسبب الارهاب وبعد ان تمت اعادة تأهيل معمل سكر تل سلحب ليصبح جاهزا للاقلاع مع بداية جني المحصول، وبالفعل فقد قام عدد من مزارعي الغاب بالتسجيل على كميات البذار التي ستقوم مؤسسة اكثار البذار لاحقا باستيرادها بمبالغ مرتفعة .. المهم انتهى اول موسم بقيام معمل السكر باستلام المحصول وتصنيعه.. في الموسم الثاني – هذا العام ( انضرب ) المحصول وفقد جدواه الاقتصادية.. الاسباب التي يتحدثون عنها كثيرة ومتعددة منها سوء البذار وعدم تزويد الفلاحين بالمحروقات والاسمدة المدعومة ما ادى الى ( تقزيم ) الانتاج ..واصبح الموسم بالكامل غير ذي جدوى ما دفع اللجنة الاقتصادية آواخر الشهر الماضي الى اصدار توصية بأن تقوم المؤسسة العامة للأعلاف باستلام محصول الشوندر وأن تدفع ثمنه للمزارعين..؟!
المشكلة ليست هنا فقط، بل في تصريح سابق لمدير اعلاف حماة للزميلة ( تشرين ) الذي قال فيه : أن تقديم الشوندر علفاً للثروة الحيوانية غير مرغوب فيه من قبل المربين، لكن إن ارتأت اللجنة الاقتصادية ووزارة الزراعة أن نستلم الإنتاج فنحن جاهزون لذلك… واشار إلى عدم وجود الفرّامات ولا المجففات اللازمة، وهذا سوف يصعب عليهم المهمة.. خاصة اذا اصرّ المربون على عدم استلام الشوندر السكري، فهذا سيرتب خسائر حقيقية لمؤسسة الاعلاف، ما يؤكد فعلا عدم دقة التخطيط الزراعي خاصة في مرحلة الحرب الارهابية على بلدنا ..
يذكرني هذا بإهمال المؤسسة العامة للأعلاف من خلال فروعها في الرقة وحلب وحماة بتنصلهم من مسؤولياتهم باستلام محصول الذرة ( زراعة تكثيفية ) بحجة عدم وجود المجففات اللازمة لذلك، علما ان المزارعين لم يعدموا الوسيلة فقاموا بتجفيف المحصول في الساحات وعل الطرقات واسطحة المنازل .. قدموا دروسا حقيقية في التصرف السليم وقت الازمات التي لم تستفد منها المؤسسات الحكومية التي يفترض انها تمتلك خبرات كبيرة في مختلف المجالات ..
ما حصل هذا العام من اهمال لزراعة الشوندر السكري وعدم تقديم مستلزمات الانتاج قد يكون سببا في عدم العودة الى هذه الزراعة بعد الآن ويعني ايضا ان الخسائر لن تطال فقط الفلاحين، بل المؤسسات الحكومية التي ستصدأ آلاتها وتتلف كمعامل السكر والخميرة وكافة الصناعات المرتبطة بانتاج السكر .. كم هو موجع ان نخسر .. نخسر الآلات والمواسم وقيم البذار التي تستورد بالقطع الاجنبي .. كم هو موجع هذا الشقاء الذي يشقاه الفلاح .. ولا يعادل ( جرة ) قلم من مسؤول لا يعي ما يقول .. في اوج هذا الغلاء يباع كيلو الشوندر للمعامل الحكومية ب ٤٠٠ ليرة .. ينتظر الفلاح سنة كاملة لاستلامها لأن هذه الزراعة تحتاج الى عام لجني المحصول .. وتحول الى علف للبهائم .. ؟!
(سيرياهوم نيوز4-خاص)