الإعلام الأميركي يتطرق إلى كشف الوثائق السرية المسربة للدعم الذي قدمه الموساد من أجل حشد الاحتجاجات ضد نتنياهو، علماً أنّه جهاز تجسس إسرائيلي خارجي وممنوع من الخوض في الشؤون الداخلية.
تناولت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، الوثائق الأميركية المسربة، مشيرةً الكشف عن دعم كبار قادة جهاز التجسس في “الموساد ” الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها “إسرائيل”، ولا تزال ضد ما يسميه الائتلاف اليميني لحكومة نتنياهو بالتعديلات القضائية.
فيما يلي النص المنقول إلى العربية:
في وقت تتسابق فيه إدارة بايدن، للتحقيق في تسريب وثائق أميركية سرية، تلتزم واشنطن و”تل أبيب”، الصمت حيال ما كشفه التسريب بشكل خاص عن تمرد مزعوم من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي ضد التعديلات القضائية الذي يتبناه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وجاء في الوثيقة المسربة التي تحمل علامة “سري للغاية”، إنّه في شهر شباط/فبراير الماضي، دعم كبار قادة جهاز التجسس في “الموساد ” الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها “إسرائيل”، ولا تزال ضد ما يسميه الائتلاف اليميني لحكومة نتنياهو بالتعديلات القضائية.
التدخل المباشر في السياسة الإسرائيلية من قبل الموساد، وهو جهاز تجسس خارجي وممنوع من الخوض في الشؤون الداخلية، سيكون له أبعاد مهمة مع الكشف الآخر المهم بضراوة أيضاً، عن كون الولايات المتحدة الأميركية بالتجسس على أقرب حليف لها في المنطقة، والأمران سيزيدان من تأجيج الاضطرابات التاريخية في الكيان الإسرائيلي.
إذا كانت المعلومات المسربة دقيقة، فهذا يضع “إسرائيل” في منطقة غير مسبوقة، وعلامة على المدى الذي دفع به ائتلاف نتنياهو المجتمع الإسرائيلي ومدى ارتفاع المخاطر.
وأصدر مكتب رئيس الوزراء بياناً نيابة عن “الموساد”، واصفاً التقارير الإعلامية حول التسريبات بأنّها “كاذبة وبدون أي أساس على الإطلاق”.
وجاء في البيان، أنّ “الموساد وكبار موظفيه العاملين لم يشاركوا في قضية المظاهرات على الإطلاق وهم مكرسون لخدمة الدولة تأسيسها”.
الوثيقة المسربة المتعلقة بـ “إسرائيل”، هي من بين عشرات الوثائق التي تمّ تسريبها والتي تظهر إحاطات استخباراتية عالمية، وعن دول في الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا. بالإضافة إلى تحديثات وتقييمات للقدرات الدفاعية لأوكرانيا؛ وغيرها الكثير.
مع ذلك، رفض كل من مجلس الأمن القومي ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية ووزارة الخارجية التعليق على التسريب الخاص بـ”إسرائيل”. وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع سابرينا سينغ: “التسريب قيد المراجعة و وزارة العدل فتحت تحقيقاً في القضية”.
ويأتي هذا الكشف المحرج لواشنطن و”تل أبيب”، في وقت تشهد فيه “إسرائيل” اضطرابات داخلية، حيث تواجه حكومة نتنياهو، الأكثر يمينية ومحافظة دينياً في تاريخ الكيان الإسرائيلي، أزمات على جبهات متعددة.
وأدت خطة الإدارة الجديدة لإضعاف المحكمة العليا في البلاد إلى انقسام المجتمع، وإخراج مئات الآلاف إلى الشوارع، وتسببت في حدوث تصدعات في الجيش من خلال إلهام المئات من جنود الاحتياط رفض الخدمة العسكرية. كذلك، انضم دبلوماسيون إسرائيليون إلى الإضرابات، وأغلقت عشرات أبواب السفارات الإسرائيلية في جميع أنحاء العالم.
في العلن، تشكلت الاحتجاجات بشكل رئيسي من القاعدة الشعبية أو المسؤولين المتقاعدين، حيث لاَذَ المشرعون والشخصيات الأمنية الداعمة بالصمت، ولم ينشق عن الصفوف سوى شخص رئيسي وحيد هو وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي تعرض هو نفسه لضغوط من زملائه العسكريين السابقين، إلى أن أقيل من منصبه في الشهر الماضي.
لا شك أنّ خطط حكومة نتنياهو، وردود الفعل عليها سيكون لها تأثير بالغ على مستقبل الكيان الإسرائيلي، وعلى العديد من القضايا الشائكة من بينها حقوق الفلسطينيين، والقضية الأصعب حول الدين والدولة في “إسرائيل”، والحقوق المدنية للأقليات، وكلها مسائل حتماً سينتهي بها المطاف في المحاكم الإسرائيلية للفصل بشأنها.
مع ذلك، إنّ تقويض أجندة الحكومة الإسرائيلية من قبل قادة الأمن يشكل فضيحة مدوية. وهناك حدود كان من المفترض أن لا يتجاوزه قادة “الموساد”، لما له من تداعيات جمة.
تقول الوثائق المسربة الجهود التي بذلها قادة الموساد لتشجيع المظاهرات حدثت في “أوائل إلى منتصف شهر شباط/فبراير”. وتحمل هذه المعلومات اسم “مراقبة الاستخبارات الأجنبية”، مما يعني أنّ جمع المعلومات الاستخباراتية يتطلب موافقة من قاض فيدرالي على النحو المنصوص عليه في قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية.
وقد يثير دور واشنطن في فضح مخاوف الموساد بشأن الإصلاح انتقادات المحافظين الإسرائيليين الذين اتهم بعضهم الولايات المتحدة بالفعل بإثارة الاحتجاجات سراً وهي اتهامات تنفيها واشنطن بشكل قاطع.
وفي الشهر الماضي، ادعى نجل نتنياهو يائير أنّ وزارة الخارجية الأميركية كانت وراء الاحتجاجات في “إسرائيل”، بهدف الإطاحة بنتنياهو، على ما يبدو من أجل إبرام اتفاق مع الإيرانيين.
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل الاتهام قائلاً: “أي فكرة بأننا ندعم الاحتجاجات في إسرائيل خاطئة تماماً”.
معارضة قادة “الموساد” المزعومة، للتعديل القضائي ليست المعارضة الوحيدة داخل المؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية.
وكان وزير الدفاع المقال يوآف غالانت قد أشار ببيان متلفز، أنّ الأحداث ومخطط نتنياهو تضر بقدرة “إسرائيل” عن الدفاع عن نفسها، مضيفاً أنّ “التصدعات داخل مجتمعنا تتسع وتخترق الجيش الإسرائيلي بعمق، وهذا خطر واضح وفوري وملموس على أمن الدولة، ولن أكون طرفاً في هذا”.
سيرياهوم نيوز1-الميادين