| عبد الله ذبيان
في يوم الفضاء العالمي… بماذا تعهّد بوتين أمام رئيس وكالة الفضاء الروسية؟ وماذا أرسل الروّاد الروس من الفضاء؟ وما هي آخر الانجازات والمشاريع الفضائية الروسية من القمر إلى الزهرة، في ظل النكسات الغربية الأخيرة.
قفزات فضائية روسية متلاحقة رغم العقوبات القاسية وغير المسبوقة تكاد تجعل الولايات المتحدة والغرب في حيرة وترقّب!
وليس مصادفة مثلاً، أن تعلن مؤسسة الفضاء الروسية “روس كوسموس”، عن اتفاق لإنجاز أول فيلم سينمائي في المحطة الفضائية الدولية.
فقد كشفت “روس كوسموس” عام 2020، أن المؤسسة بالتعاون مع القناة الروسية الأولى، واستوديوهات “يالو بلاك أند وايت” قررت إنتاج أول فيلم روائي في الفضاء تحت اسم “التحدي”.
واليوم، بمناسبة يوم الفضاء شهدت دار السينما “كارو” في موسكو الثلاثاء الماضي مراسم العرض الأول لفيلم “التحدي” السينمائي الفضائي الذي تم تصوير بعض مشاهده على متن المحطة الفضائية الدولية.
لم يكن هذا “التحدي” الروسي الصاعد عبر السينما و “الفنّ السابع” فقط، بل صعد الروس بقوة عبر مندرجات “السلّم الفضائي” خلال الأعوام الماضية إلى إعلى من ذلك بكثير!
اليوم… تحتفل روسيا بيوم الفضاء الدولي الذي يصادف أول رحلة فضائية في العالم قام بها رائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين.
وفي حين أفرد الميادين نت مساحة تقرير للحديث عن سباق الستينات الفضائي بين “الجبّارين” الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة عبر الكلبة الروسية “لايكا” عام 1975، ورحلة يوري غاغارين 1962 على متن “فوستوك 1″، وصولاً إلى إعلان الأميركيين عن رحلة عبر مركبة “أبولو-1 وطأ فيها نيل أرمسترونغ سطح القمر عام 1969 .
“مير” إنجاز على مدى 15 عاماً
إنجاز روسي هام سجّل مع إطلاق المحطة الفضائية “مير” (السلام) في 20 شباط/ فبراير 1986، التي احتوت على منصتي التحام- منصة على كل طرف- و 4 بويبات أخرى، فقد صممت جميعها للصق القطع المعملية، بحيث تؤدي المحطة الأم دور محوّر العجلة، وزوّدت المحطة أيضاً بمعدات حديثة وألواح قدرة شمسية متطورة.
وبعد 15 سنة من العمل قامت المحطة خلالها بإجراء 86,331 دورة ناحجة حول الأرض أعلن الروس “وفاة مير”.
وتناثرت المحطة إلى 1500 جزء على مساحة قطرها 3000كم بفعل 3 دفعات لعملية الإسقاط. وكان سقوطها في المحيط الهادئ يوم 23 آذار/ مارس 2001.
تفوّق روسي…
في 10 تموز/ يوليو 2018 تمكنّت مؤسسة “روس كوسموس” الفضائية الروسية من كسر الرقم القياسي في عالم الفضاء من خلال إرسال شاحنة “بروغريس إم إس9″، التي تمكنّت من الوصول عبر خطة فائقة السرعة إلى المحطة الفضائية الدولية بدورتين فحسب، وفي ظرف 3 ساعات.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها “روس كوسموس” مركبة فضائية وعلى متنها رواد الفضاء.
واستكملت صناعة الصواريخ والفضاء الروسية إطلاق مركبات الإطلاق “روكوت” عام 2019، وجرى وضع أقمار الاتصالات Gonets-M ومعدات Geo-IK-2 الجيوديسية في المدار.
وللمرة الأولى في التاريخ التحمت مركبة”سويوز إم إس-17″ الروسية بنجاح بالمحطة الفضائية الدولية في تشرين الأول/ أكتوبر 2020 وهي تقلّ على متنها رواد الفضاء في أقصر رحلة إلى المحطة الفضائية الدولية خلال 3 ساعات و 5 دقائق فقط.
واستخدمت المركبة لأول مرة في التاريخ الخطة فائقة السرعة للوصول إلى المحطة عبر دورتين حول الكرة الأرضية، في رحلة مدتها 3 ساعات و5 دقائق.
وكان الرقم القياسي السابق للمركبات الفضائية المأهولة هو 6 ساعات تقريباً من خلال الرحلة التي بدأت منذ 7 سنوات عن طريق 4 دورات حول كوكب الأرض.
العقوبات على روسيا
رئيس وكالة الفضاء الروسية “روسكوزموس” ديمتري روغوزين،، أعلن في آذار/ مارس 2022 أنّ العقوبات الغربية المفروضة على روسيا قد تتسبب بسقوط محطة الفضاء الدولية، مطالباً برفع هذه العقوبات.
وأوضح روغوزين أنّ المركبة اللازمة لإطلاق هذه الآليات “تخضع لعقوبات أميركية وأوروبية وكندية”.
وأعلن رئيس وكالة الفضاء الروسية “روسكوسموس” أنّ موسكو لن تزود الولايات المتحدة بعد الآن بمحركات للصواريخ. والفضاء هو أحد المجالات الأخيرة للتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا.
وهددّت روسيا، في وقت سابق، بالانسحاب من محطة الفضاء الدولية المشتركة، ولكن روسكوزموس أعلنت، في شهر شباط/ فبراير الماضي، أن الوحدة الروسية في المحطة يجب أن تظل تعمل حتى عام 2028.
ومن المعروف أنَّ روسيا كانت دعت منذ أكثر من 40 عاماً إلى وضع اتفاقية لحظر نشر الأسلحة أو استخدام القوة في الفضاء الخارجي، وقدَّمت مقترحاتها للجمعية العامة للأمم المتحدة.
صحيفة أوروبية: المركبات الأميركية تراوح مكانها
كل هذا تأتّى في ظل شعور غربي بتفوق روسي واضح في عالم الفضاء، وقد أوردت صحيفة “دير ستاندرت” النمساوية عام 2018 أن “الولايات المتحدة تراوح مكانها في هذا مجال التكنولوجيا الفضائية، فالمركبات الأميركية في نهاية خدمتها، تطلق وعلى متنها أجهزة كمبيوتر قديمة وغير قوية، في حين تزود مركبات “سويوز” الروسية بتكنولوجيا قابلة للتحديث باستمرار.
وتذكر الصحيفة أن أحد الأمثلة على قيادة الاتحاد الروسي هو جيل جديد من بدلات الفضاء، والتي يستخدمها الروس في محطة الفضاء الدولية.
فقد تمّ تطوير المنتجات الأميركية منذ أكثر من 40 عاماً، بعد تصميمها لمدة 15 عاماً ، وهي الآن قديمة جداً. وهذا ما يزيد المخاطر على رواد الفضاء ، كما كتبت الصحيفة بالإشارة إلى خبراء “ناسا”.
وتشير الصحيفة إلى أن روسيا متقدمة جداً في هذا المضمار اليوم ، ويستخدم رواد الفضاء بدلات الفضاء الحديثة Orlan-MKS ، المضمنة في نظام تبريد أوتوماتيكي ، وسيحذر جهاز استشعار خاص في حالة تسرب السوائل. بالإضافة إلى ذلك ، تجعل المادة الجديدة بدلة الفضاء أقوى بكثير.
“أرتميس 1”: مشاكل تقنية
قبل إطلاق الأميركيين مهمة “أرتميس 1” (Artemis I) إلى القمر عام 2022، واجه صاروخ نظام الإطلاق الفضائي (SLS)، تسرباً في الوقود، ما أدى إلى إرجاء موعد إطلاقه 3 مرات.
وكان هناك تأخير في ملء خزانات الوقود بعد اكتشاف تسرب الهيدروجين المشتبه به. وأكد فريق الاتصالات التابع لناسا ذلك.
وحتى اليوم ليس مؤكداً، هل سينجز طاقم الصاروخ مهمتهم بقيام رواد الفضاء بوضع قدمهم على سطح القمر لأول مرة منذ 50 عاماً.
وفي ظل سؤال حول “خصخصة” الفضاء وما يحمله من مخاطر، في 10 شباط/ فبراير 2022 خرج أحدث أسطول من الأقمار الاصطناعية التابعة لشركة “سبيس إكس” التي يديرها رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك من المدار بعد أن ضربته عاصفة شمسية، حسبما أفادت الشركة.
وقالت الشركة أيضاً إنّ “ما يصل إلى 40 من أصل 49 قمراً اصطناعياً صغيراً تم إطلاقها الأسبوع الماضي، إما عادت إلى الغلاف الجوي واحترقت، أو أنّها على وشك ملاقاة نفس المصير”.
و اشتعلت النيران في صاروخ لشركة “سبيس إكس“، مع بداية الاختبار في تكساس وعلى منصة الإطلاق.
ومنذ عام، قامت شركة Firefly بمحاولتها الثانية لإطلاق صاروخ “ألفا” الذي يبلغ ارتفاعه 95 قدماً، حيث انطلق من قاعدة فاندنبرغ للقوة الفضائية في كاليفورنيا وأدخل بنجاح 3 أقمار صناعية في مدار أرضي منخفض،لكنه انتهى بالفشل عندما تم إيقاف تشغيل أحد محركات المرحلة الأولى قبل الأوان!
أوروبياً، أعلنت مؤسسة “فيرجين أوربت” الفضائية، أن مهمّة الفضاء البريطانية التاريخية التي حاولت خلالها الشركة إطلاق أول صاروخ إلى الفضاء انطلاقًا من الأراضي البريطانية باءت بالفشل، بسبب “خلل” ظهر قبيل وصول الصاروخ إلى المدار.
وسجّل صاروخ “لأنشر-وان” البريطاني ، الذي تم إطلاقه إلى الفضاء لنشر أقمار صناعية “خللا”.
فيما تقدّم، نماذج للنكسات الغربية في مجال الفضاء، التي قد ترقى إلى مصاف الفشل، في مقابل نجاحات روسية صينية هنيدية إيرانية وغيرها في هذا المجال.
ماذا في جعبة الروس؟
في اليوم العالمي للفضاء، تتهيأ موسكو لإطلاق مسبار “لونا – 25” القمري والمحطة الفضائية الروسية القومية والاستمرار في دراسة الفضاء السحيق بواسطة محطات أوتوماتيكية وتلسكوبات فضائية.
ومن على متن المحطة الفضائية الدولية، هنأ رواد الفضاء الروس الثلاثة كل المواطنين الروس بيوم الفضاء الدولي.
بالتوازي، كشف مدير عام مؤسسة “روس كوسموس” الفضائية الروسية، يوري بوريسوف،أنه أقنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء الماضي بضرورة إنشاء المحطة الفضائية الروسية.
وأردف قائلاً: “إن إحدى مهام المحطة المدارية الروسية الإعداد لتحقيق خططنا على القمر”.
محطة فضائية مستقلة
وقد أفادت وسائل الإعلام بأن شركة “إينيرغيا” الفضائية الروسية تخطط لإنجاز التصميم الأولي للمحطة الفضائية الروسية نهاية عام 2023 لتطلق أول وحدة للمحطة إلى مدار الأرض بحلول عام 2028.
ويتوقع أن يزور في العام نفسه أول طاقم للمحطة الفضائية الجديدة، ثم ستلتحم مع المحطة وحدات فضائية أخرى ستضمن تشغيلها الناجح.
وستنشر المحطة الروسية في مدار الأرض تحت زاوية الميل 97 درجة وليس بزاوية 57 درجة، كما هو حال في المحطة الفضائية الدولية، الأمر الذي سيسمح بالرصد الأفضل لكل الأراضي الروسية.
ويتوقع أن تبدأ اختبارات مركبة “أوريول” الفضائية المأهولة الواعدة مع تشغيل المحطة الفضائية الروسية.
محطة “فينيرا- دي” الروسية إلى كوكب الزهرة
وستطلق في تموز/ يوليو المقبل إلى القمر محطة “لونا – 25” الأوتوماتيكية لتهبط على سطح القمر في منطقة قطبه الجنوبي وتعمل على دراسة الجليد المتوزّع في جوفه، وستعقبها عامي 2026 – 2027 محطتا “لونا – 26″ و”لونا – 27” الأوتوماتيكيتان، ثم سيتم إطلاق مسبار “لو- 28” القمري الذي سينقل إلى الأرض عيّنات من الصخور القمرية.
أما عام 2029 فسيشهد إطلاق محطة “فينيرا- دي” الأوتوماتيكية الروسية إلى كوكب الزهرة.
ويستمر مختبر “سبيكتر – إر غي” الفضائي الروسي في دراسة الفضاء السحيق، وذلك بواسطة مرصد ART-XC الفضائي الروسي الصنع العامل بالموجات السينية.
وقام المختبر بتحقيق 4 عمليات لمسح السماء بأكملها. وتخطط روسيا عام 2028 لإطلاق مختبر فضائي آخر يعمل بالموجات فوق البنفسجية. وقد أطلق عليه الخبراء “هابل” الروسي.
سيرياهوم نيوز3 – سانا