علي عبود
لو أخذنا محافظة حلب كمثال لاكتشفنا ان الإجراءات والإقتراحات المعلنة من قبل الجهات الحكومية لاتتناسب مع حجم كارثة زلزال 6/2/2023، والسؤال: ماأسباب التقصير في مساعدة المنكوبين الذين خسروا منازلهم خلال ثوان أوبطرفة عين؟
لقد كشف محافظ حلب رئيس لجنة الإغاثة الفرعية حجم الكارثة بتاريخ 13/3/2023 بقوله (أن عدد الأسر المتضررة في محافظة حلب والتي تم تأمين الإقامة لهم في مراكز الإيواء بلغ 10968 أسرة تضم 48431 شخصاً من الرجال والنساء والأطفال).
السؤال: ماذا فعلت الجهات الحكومية المحلية والمركزية لمساعدة هذا العدد الضخم من المنكوبين في محافظة حلب؟
إذا استثنينا تأمين مراكز الإيواء والمساعدات العينية الضرورية للحياة اليومية فإن الجهات الحكومية لم تتبن أي حل جذري لتأمين مساكن بديلة ودائمة للمنكوبين خلال أمد قصير.. والسؤال بطبيعة الحال: مأأسباب هذا التقصير غير المبرر؟
نعم، لقد استنفر الجميع، جهات حكومية وخاصة وأهلية، منذ الساعات الأولى للكارثة بتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة، وأهمها تأمين مراكز إيواء في ظروف مناخية قاسية شديدة البرودة، ولم تُقصّر أي جهة بتقديم العون، حتى الأفراد المقتدرون ماليا بادروا إلى التبرع بمئات الملايين للمتضررين..الخ.
والمهم الآن، هو الخطط الحكومية التي تتضمن البرامج الزمنية للمرحلة القادمة، ويفترض أن يكون عنوانها الأبرز (تأمين السكن المؤقت لمدة لاتقل عن عام)، ريثما تنجز الجهات الحكومية الضواحي السكنية المخصصة لمن فقدوا منازلهم خلال أقل من دقيقة، فهل هذه المهمة مستحيلة إلى درجة تتردد الحكومة بالإعلان عن تنفيذها؟
الأرقام المؤكدة حتى الآن أن عدد الأبنية التي تهدمت بفعل الزلزال، والأبنية التي يجب هدمها تبلغ 1290 مبنى في مناطق مختلفة في حلب مقابل 5301 مبنى تحتاج إلى التدعيم لتعود قابلة للسكن فيها.
وإذا كان الحل الوحيد بالنسبة للمباني المهدمة أو التي ستهدم حتما تشييد بدائل لأصحابها‘ فإن السؤال: بأي طريقة؟
تختلف الإجابة باختلاف الألية التي ستعتمد على تأمين المنازل البديلة والخيارات هي كالتالي:
ـ تشييد ضاحية كبيرة في أحد مناطق التطوير العقاري المتوفرة لدى مجلس المدينة، وهو حل جذري ويضمن إنجاز شقق سكنية مقاومة للزلازل لجميع المتضررين خلال عام بتقنيات التشييد السريع.
ـ تشييد أبراج سكنية في مناطق مختلفة ومبعثرة، سواء من قبل وزارة الأشغال، أو غرف التجارة والصناعة، أو جهات أهلية، ولكن مهما كان عددها لن تنجز بالسرعة المطلوبة ولن تكفي سوى عدد محدود من المتضررين.
ـ منح المتضررين قروضا بلا فوائد لشراء أو لتشييد منازل بديلة عن التي خسروها، والسؤل هنا: من سيقوى على تحمل القروض الضخمة مهما كانت مدة تسديدها سوى قلة من المقتدرين ماليا.
ـ تحويل المنازل الصغيرة مسبقة الصنع المؤقتة مع مرور الزمن وبحكم الواقع وعدم تبني الحل الجذري، إلى مساكن دائمة.
يضاف إلى كل ذلك مسألة الواقع الفني للأبنية التي تحتاج إلى تدعيم وعددها كبير يصل إلى مالايقل عن 5300 بناء، فالسؤال: هل المباني التي تشققت وتصدعت بفعل الزلزال والهزات الإرتدادية المستمرة ستكون مقاومة لأي زلزال جديد قوي بعد تدعيمها استنادا إلى فرضية ان منطقتنا لن تشهد زلزالا مدمرا في الأمد المنظور؟
يرى الكثير من المختصين أن الدولة لاتملك حاليا إمكانيات تكفي للتعويض عن كل الأضرار، وهذا صحيح، ولكن هناك خيارات لتشييد ضواح سكنية دون أن تتحمل الحكومة تكلفتها عن طريق الإستثمار، وهذا الخيار يمكن طرحه على شركات تطوير عربية، سبق لبعضها منذ أكثر من عقدين أن أبدى استعداده لبناء ضواح بديلة للسكن العشوائي.
أما المقترحات الأخرى التي يطرحها بعض الباحثين والإقتصاددين، وأبرزها تخصيص أراض ليقوم المتضررون بالبناء عليها بعد منحهم القروض، فهي غير عملية ولا يمكن ان يستفيد منها سوى المقتدرين على سدادها، وهذا الأمر غير متوفر في غالبية المتضررين الذين خسروا كل شيئ، وليس لهم من مصدر مالي سوى دخل أقل من محدود!
الخلاصة: يجب ان يتوقف الجميع عن تقديم مقترحات أو اتخاذ إجراءات لاتتناسب مع حجم الكارثة، فالحل الوحيد والجذري هو إقامة ضواح سكنية أبنيتها مقاومة للزلازل خلال عام على الأكثر بتقنيات التشييد السريع، وبآليات لاتكلف خزينة الدولة أيّ أعباء مالية.
(سيرياهوم نيوز1-خاص)