تجددت الاشتباكات، اليوم الأحد، في السودان بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في أم درمان غربي الخرطوم، وأفاد شهود عيان بسماع أصوات إطلاق نار متقطع في محيط القصر الرئاسي، وذلك عقب هدوء شهدته العاصمة السودانية الليلة الماضية.
وأعلنت قوات “الدعم السريع” أن قواتها تعرضت صباحاً لهجوم بالطيران أثناء إجلاء رعايا فرنسيين من سفارة بلادهم مروراً ببحري إلى أم درمان ما عرّض حياة الرعايا الفرنسيين للخطر.
وأكدت إصابة أحد الرعايا الفرنسيين ونجاة بقية الرعايا، لافتة إلى أنها حفاظاً على سلامة الرعايا الفرنسيين اضطرت إلى العودة بالموكب إلى نقطة الانطلاق الأولى.
في المقابل، اتهمت القوات المسلحة السودانية، قوات “الدعم السريع” بارتكاب عدة انتهاكات بحق بعثات دبلوماسية بينها الاعتداء على موكب السفارة الفرنسية بإطلاق النار ما أدى إلى تعطيل عملية الإخلاء.
وقالت القوات المسلحة السودانية، الأحد، إن “مليشيا الدعم السريع سرقت العربة الدبلوماسية الخاصة بالسفير الماليزي، واعتدت اليوم على موكب إخلاء أفراد السفارة القطرية المتجه إلى بورتسودان وقامت بنهب أموالهم وجميع حقائبهم وهواتفهم النقالة، كما اعتدت على موكب السفارة الفرنسية بإطلاق النار ما أدى إلى عودتهم وتعطيل عملية الإخلاء”.
وقبل عدة أيام، كان الهدوء يسود أحياء بري وكافوري وجَبْرة التي كانت تشهد اشتباكات دائمة منذ اندلاع القتال السبت الماضي.
وشهدت الهدنة المؤقتة المعلنة من طرفي القتال الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” خروقاً عدة من خلال تجدد الاشتباكات.
إنسانياً، حذّر الصليب الأحمر الدولي من نفاد الماء والغذاء لدى المدنيين السودانيين المحاصرين في بيوتهم من جرّاء الاشتباكات.
وقالت جمعية الهلال الأحمر السوداني إن “مخازنها تعرّضت للسطو من قبل مسلّحين لم تحدد هويتهم”.
وأضافت أن المسلحين نهبوا 8 سيارات دفع رباعي وشاحنة تابعة للجمعية، كما نقلت وكالة “رويترز ” عن مدير برنامج الأغذية العالمي في تشاد قوله إن “البرنامج يتوقع موجات لاجئين سودانيين جديدة ليضافوا إلى نحو400 ألف سوداني يعيشون في مخيمات على الأراضي التشادية”.
وأعلنت نقابة أطباء السودان، اليوم الأحد، ارتفاع ضحايا الاشتباكات بين الجيش وقوات “الدعم السريع” إلى 264 حالة وفاة بين المدنيين و1543 حالة إصابة.
وقالت النقابة إن “الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة أسفرت عن مزيد من الضحايا يجري حصرهم حتى اللحظة في العاصمة والأقاليم”.
انقطاع شبه كامل للإنترنت
وفي مناطق الخرطوم بحري وأم درمان، والتي شهدت اشتباكات وصفتها وكالات الأنباء “بالعنيفة”، ومع دخول المعارك أسبوعها الثاني، يعاني السودان انقطاعاً شبه كامل لخدمة الإنترنت وفق ما أفادت منظمة “نت بلوكس” حيث تبلغ نسبة الاتصال حالياً 2% مقارنة بالمستويات العادية.
وأصدرت “نت بلوكس”، تقريراً تضمن رسماً بيانياً حول أوضاع الإنترنت في السودان، أكّدت أن “كفاءة الإنترنت في السودان تتراجع بشكل يومي منذ بدء الصراع”.
ووصفت المؤسية ما تشهده الشبكة في السودان بأنه انهيار شبه كامل.
عمليات الإجلاء
ومع دخول المعارك أسبوعها الثاني، بدأت فرنسا اليوم عملية إجلاء سريع لمواطنيها ولطاقمها الدبلوماسي من السودان، حسب إعلان وزارة الخارجية الفرنسية الأحد.
ولفتت الخارجية الفرنسية إلى أن العملية ستشمل أيضاً مواطنين أوروبيين وآخرين من “دول شريكة حليفة”، من دون أن تقدّم تفاصيل إضافية.
وقال مصدر دبلوماسي إن كلاً من قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع “قدمت ضمانات أمنية” تسمح بإجراء هذه العملية، ولفت المصدر نفسه إلى أن نحو 250 مواطناً فرنسياً يقيمون في السودان.
كذلك أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، في وقت متأخر السبت، أن القوات الأميركية نفذت مهمة لإجلاء موظفي السفارة الأميركية من الخرطوم.
وقال بايدن في بيان له السبت إن “القوات الأميركية نفذت عملية لإخراج موظفين حكوميين من الخرطوم”، مشيراً إلى أن “جيبوتي وإثيوبيا والسعودية ساعدت في هذه العملية”.
وأعلن الجيش السوداني، أمس السبت بدء عملية إجلاء البعثات الأجنبية التي تطلب دولها ذلك، خلال الساعات المقبلة، وذكر أنّ القائد العام للقوات المسلحة، الفريق عبد الفتاح البرهان، تلقى اتصالات من رؤساء عدد من الدول بشأن تسهيل وضمان تأمين إجلاء رعاياها وبعثاتها الدبلوماسية من البلاد.
وكشف البرهان أمس عن مكانه الذي يستقرّ فيه، منذ بدء المعارك مع قوات الدعم السريع، واتهم قوات الدعم السريع بـ”الاعتداء على البعثات الدبلوماسية من دون مراعاة القانون الدولي”.
فيما قال قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، إنه ناقش بشفافية وصراحة مع قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الجنرال مايكل لانغلي، الأزمة التي تعيشها السودان.
وأشار حميدتي إلى أنه أكّد للجنرال لانغلي “التزام قواته بالهدنة المعلنة ووقف إطلاق النار والتعاون لدعم جهود واشنطن بشأن إجلاء رعاياها من السودان”.
خروقات الهدنة
وخرقت الهدنة الثالثة في السودان بعد أقلّ من ساعة على سريانها، وتوقفت الانفجارات العنيفة التي هزت الخرطوم في الأيام الأخيرة، ليل الجمعة السبت، لساعات، بعد إعلان الطرفين قبول هدنة لمناسبة عيد الفطر، لكن إطلاق النار والانفجارات استؤنفت صباح السبت.
ورغم إعلان هدنة لمدة 3 أيام منذ الجمعة، فإن هناك اشتباكات متفرقة بين الجانبين، رغم مطالبات دولية وإقليمية بوقف إطلاق النار واللجوء إلى الحوار لإنهاء الأزمة التي يشهدها السودان، ويقودها رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي يتولى قيادة الجيش، ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي يتولى قيادة قوات “الدعم السريع”.
ويصعب كثيراً معرفة تفاصيل التطورات الميدانية في ظل خطر التنقّل، في حين يؤكد كل من الطرفين تقدمه، لكن لا يمكن معرفة من يسيطر على العاصمة التي هجر شوارعها المدنيون، وباتت من دون كهرباء في أجواء من الحرّ الشديد، بينما يغامر البعض بالخروج من أجل الحصول على مواد غذائية على نحو عاجل، أو من أجل الفرار من المدينة.
سيرياهوم نيوز3 – الميادين