الدكتور خيام الزعبي
إن كل الأجـواء مهيأة لنجاح القمة العربية التي ستعقد في العاصمة السعودية الـرياض في 19 مايو المقبل التي ستنعكس بالإيجاب على كافة القضايا العربية الأخرى، وتأتي القمة وسط متغيرات على الصعيد الإقليمي والعربي في ظل الاتفاق السعودي الايراني الذي توسطت فيه الصين، وكذلك الحراك المتعلق بعودة سورية لحضن الجامعة العربية، فالمصالحة بين سورية والدول العربية تحققت وهناك تبادل للزيارات بين سورية ومختلف العواصم العربية.
المتجول في العاصمة السعودية هذه الأيام يشاهد بكل وضوح الاستعدادات والجهود الكبيرة التي تقوم بها الرياض لاستقبال الزعماء العرب وسط خلافات إقليمية معقدة تعذر حلها وتفاقم بعضها والتي انعكست على مسار التنمية البشرية في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية.
تأتي القمة في وقتها المناسب وذلك لأنها تأتي وسط تحديات كبيرة وظروف معقدة تشهدها المنطقة العربية، فضلاً عن الوضع العالمي المضطرب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة والغذاء، وحالة تمدد الصراع التي تشهدها عدد من الدول العربية مثل السودان وليبيا واليمن، وتفاقم تدخل القوى الإقليمية الدولية في شؤونها الداخلية.
ad
بالمقابل، تعمل المملكة في رأب الصدع العربي وتقريب وجهات النظر والعمل على لمّ الشمل العربي، وذلك من واقع يقينها التام بأن هذا الهدف يخدم الامة العربية ويرفع من شأنها بين دول العالم.
اليوم إن الآمال معلقة على هذه القمة في التعامل مع عـدة ملفات من أهمها المصالحة العربية وحـل القضية الفلسطينية، بالتالي أن تحقيق هـذه الآمال رهن بمدى تـوافـر الإرادة السياسية في استغلال القمة في المصالحة العربية وبصفة خاصة عودة محور الرياض- القاهرة- دمشق إلـى سابق عهده فـي قـيـادة العمل العربي المشترك مع كافة الأقطار العربية المؤثرة الأخرى.
أيضاً من القضايا المهمة التي قد تحظى بنوع من الإجماع الأمن القومي العربي ورفض التدخلات والإملاءات الخارجية وضرورة أن يكون للعرب كيان جامع قوي في ظل التناحرات الإقليمية والدولية، كذلك تصفية الخلافات العربية- العربية لأن هذه الخلافات تجعل إسرائيل أو غيرها من القوى الإقليمية تتمادى فـي عـدائها للعرب، والتي تهدف الى تعميق عملية النهب للثروات العربية والمصالح الوطنية والقومية وعدم تحقيق نهضة وتطور الشعوب والقضاء على فكرة القومية العربية وإبقاءها خاضعة للهيمنة الصهيوأمريكية.
كما إن القمة العربية مطالبة بوقف التشرذم العربي لأن هذا التشرذم أضر بمجمل القضايا العربية وساعد على الانسحاب العربي أمام دبلوماسيات إقليمية ودولية نشطة سواء كانت تركية أو أمريكية استطاعت أن تملأ الفراغ الذي تركه العرب وهذه الدول استمرت بالتدخل في سورية والعراق وليبيا وغيرها.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن الدول الغربية وحلفاؤها لا تريد أن يكون هناك تقارب عربي-عربي بل ترغب أن تستمر العداوة حتى تبقى المنطقة مشتعلة وتستمر في إستغلال الدول العربية عبر بيعها الأسلحة وإستنفاذ ثرواتها، لذلك تجري الرياض مراجعة شاملة إستناداً إلى ما تشهده المنطقة من تغيرات، إنطلاقاً من حاجتها إلى محور سورية – مصر- السعودية، فجميع الأطراف لهم مصلحة في هذه الشراكة التي يجب أن تعود لمسارها الطبيعي .
هنا يمكن القول إن نجاح القمة العربية مرهون بإرادة القادة العرب في القدرة على اتخاذ مواقف موحدة نحو وحدة الصف العربي إذ لا بد أن يلتقي الزعماء العرب بنفوس صافية وإخلاص بالنوايا لأن هذه المصالحة هي البداية لحل القضايا العربية ومواجهة العالم خاصة أنه لا يوجد خلاف عربي في القضايا الأساسية، فلا توجد دولة عربية ترفض قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف إذن علينا أن نتفق تجاه القضايا المصيرية وأن نترك القضايا الخلافية، بالتالي أن الوئام العربي سوف ينعكس إيجابيا على المنطقة العربية بأكملها.
مجملاً…بقدر ما نجحت خطط الصهيوأمريكية في جعل البلدان العربية والإسلامية بؤرة مخّربة تصلح عشاً للدبابير لتجمع الإرهابيين، بقدر ما فشلت في القضاء على الفكر القومي العربي رغم محاصرته، فقد ظل صامداً أمام مشروعات التهويد والتأسلم والاستسلام، لذا يجب التنبه لمخطط السياسة الصهيوأمريكية في تفتيت الأمة العربية التي تهدف إلى إعادة رسم خريطة المنطقة وفق مصالحها، وتفويت الفرصة على أصحاب الأجندات باستغلال الأزمات واستثمارها لتحقيق مآربها، وعدم الوقوع في فخ الفوضى الهدامة، وتحقيق مصالح الوطن والمجتمع العليا، والتوحد حول المشروع الكفيل بمجابهة الهجمة على بلدنا وشعبنا وأمتنا وبناء المستقبل الزاهر.
(سيرياهوم نيوز ٤-رأي اليوم)