ذكرت صحيفة “بوليتيكو” أنّ “كأساً مسمومةً تنتظر الفائز في الانتخابات التركية، ألا وهي الاقتصاد”.
وأضافت الصحيفة في تقرير، أنّ “ترويض التضخّم الجامح سيكون أمراً حيوياً، لكن هذا قد يعني أسعار فائدة مذهلة قد تصل إلى 30%”.
وقالت الصحيفة: “لا تحسدوا من يفوز في الانتخابات التركية، إذ يمكن أن يخرج المنتصر على الفور عن مساره بسبب الرياح الاقتصادية المعاكسة”.
وتابعت “بوليتيكو” أنّ “الطرفين يعرفان أنّ الأولوية بعد التصويت ستكون محاولة وقف النزيف وإعادة تركيا إلى وجهة مرغوبة للاستثمارات الأجنبية المهمة”.
وفي السياق، قال المسؤول السابق في البنك المركزي والخبير المالي أوغور غورسيس إنّه “بغض النظر عمّن سيصل إلى السلطة، فإنّ القضية الرئيسية ستكون الاقتصاد، حيث ستكون الأشهر الستة الأولى صعبة”.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في أنقرة إيرول تيمز إنّه “لا يوجد ما يشير إلى أنّ الحكومة الجديدة ستتخلى عن ممارساتها الحالية التي أدت إلى مشاكل في النمو والتوزيع. كما أنّ هيكل الحوكمة المفرط في المركزية يعزّز هذه المشاكل أيضاً، وليس من المجدي فعل الشيء نفسه وتوقّع نتيجة مختلفة”.
وأشار تيمز إلى أنّ “الحكومة الجديدة ستواجه معضلات صعبة، فيما يجب أن تضع في اعتبارها أيضاً أنه ستكون هناك انتخابات محلية في عام 2024”.
وتابع أنّ “الفشل وعدم التماسك والتباطؤ في الاستجابة والتطور وعدم جذب التدفقات الكافية يُعدّ مخاطرة، فإذا ضاعت هذه الفرصة فقد يعود حزب العدالة والتنمية”.
ولفتت الصحيفة، في هذا الخصوص، إلى أنّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان “قدّم بعض المؤشرات على استعداده لاتخاذ مسار جديد بعد الانتخابات بالقول إنّه يسعى إلى تشكيل فريق تحت قيادة رئيس الاقتصاد السابق محمد شيمشك”.
وأضافت أنّ “فوز الرئيس في انتخابات أيار/مايو يحمل في طياته مخاطر على الثروات الاقتصادية للبلاد، ولكن حتى لو انتصر تحالف المعارضة، فسيكون هناك ضغط شديد أيضاً”.
وبيّنت “بوليتيكو” أنّ “المعدلات المرتفعة للغاية قد تكون بمثابة حبة دواء يصعب ابتلاعها لأيّ حكومة جديدة على الرغم من أنّها يجب أن تعمل على ترويض التضخم، إلاّ أنّها من المحتمل أيضاً أن تقوّض الأعمال”.
وأضافت أنّ “الاقتصاد التركي لا يزال يتمتع بنقاط بيع رئيسية، بما في ذلك الصناعات التحويلية القوية واتفاقية اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي وموقع جغرافي مثالي لتزويد الأسواق في أوروبا والشرق الأوسط وما وراءهما”، لكن “قد يكون الحفاظ على الاستقرار السياسي في ائتلاف متنوّع من 6 أحزاب هو التحدي الأكبر للمعارضة”.
يذكر أنّه مع اقتراب موعد الانتخابات العامة التركية، تبرز في الواجهة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا، وتأثير هذه الأزمة في أصوات الناخبين ضمن عملية اختيار السلطة المستقبلية التي تشهد منافسة محتدمة بين الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، ومرشّح المعارضة كمال كليجدار أوغلو واللذين عرضا في حملتهما الانتخابية رؤيتين مختلفتين للاقتصاد المستقبلي للبلاد.
هذه الرؤى الاقتصادية كان طرحها مهمّاً بالنسبة إلى الطرفين من أجل تحشيد الجماهير والاستقطاب في الانتخابات، ذلك لأنّ تركيا شهدت تراجعاً في عملتها إلى أدنى مستوى لها مقابل الدولار، في نيسان/أبريل الفائت، مع استمرار حال عدم اليقين بشأن نتائج الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة في منتصف أيّار/مايو الجاري، والتي قد تؤدّي إلى أوّل تغيير سياسي منذ عشرين عاماً، إذ إنّ الانتخابات ستحسم ما إذا كانت تركيا ستواصل سياساتها الاقتصادية غير التقليدية تحت حكم إردوغان، أم ستعود إلى الاقتصاد الحرّ كما وعدت المعارضة التركية.
وتراجعت العملة إلى 19.5996 ليرة للدولار الواحد، وهو أمر غير مسبوق منذ اعتماد الليرة الجديدة في كانون الثاني/يناير 2005. ويعدّ التضخم إحدى العواقب الرئيسية لهذا الانخفاض في قيمة العملة، إذ تعاني تركيا الآن من أحد أعلى معدلات التضخم في العالم بأكثر من 51%، بحسب الأرقام الرسمية للحكومة، فيما يقدّر الاقتصاديون المستقلون التضخم عند أرقام أعلى من ذلك بكثير وتصل إلى 112%. وفي أيلول/سبتمبر الماضي تجاوز معدل التضخم في تركيا حاجز 80% وهو مستوى قياسي منذ عام 1998.
سيرياهوم نيوز3 – الميادين