تشير الأرقام إلى وجود نحو 1500 صيدلية مرخصة في محافظة طرطوس موزعة داخل المدينة وريفها، ورغم هذا العدد الكبير لكن قد يبحث المواطن عن الدواء ولا يجده، أو قد يعاني حتى يحصل عليه نتيجة قلة الصيدليات المناوبة والعشوائية في توزيعها مما يجعلها مجرد أعداد لا تفيد عند الحاجة إليها!.
زيادة الأعباء
وبشهادة العديد من المواطنين يوجد في قطاع كلّ منطقة بطرطوس صيدلية واحدة مناوبة، علماً أنه يوجد أكثر من ثلاثين صيدلية في المكان نفسه!.
ويوضح المواطنون أن هذا الأمر يرتب عليهم الكثير من الأعباء المادية، فأحياناً كثيرة يضطرون لأخذ “تكسي” للوصول إليها بحثاً عن الدواء الذي يحتاجه. وتتكرر المشكلة في مركز المدينة، حيث توجد ثلاث صيدليات مناوبة يراها الأهالي قليلة، على الرغم من وجود صيدلية مركزية على الكورنيش الشرقي للمدينة تفتح بشكل دائم.
أمام هذا الواقع يتساءل أهالي المناطق عن أسباب ومبررات عدم وجود صيدلية مركزية في كلّ منطقة طالما هناك عشرات الصيدليات المرخصة التي تعمل في المكان نفسه؟.
قرى غير مخدمة
والمشكلة ذاتها يعاني منها سكان الريف، فعلى الرغم من وجود الكثير من الصيدليات التي تُخدّم القرى، لكن المشكلة في الصيدليات المناوبة ليلاً، حيث لا تتقيّد تلك الصيدليات بضوابط العمل، فهي تعمل على مزاجها، منها من تغلق أبوابها في الساعة الرابعة بعد الظهر، ومنها في السادسة أو الثامنة، ونادراً ما تبقى صيدلية مناوبة للساعة العاشرة، ويروي المواطنون أن هناك حالات كثيرة تمّ خلالها إسعاف المرضى للمدينة ليلاً بحثاً عن دواء، ومحظوظ من يجد صيدلية “فاتحة”، وإن لم يجد قد يضطر لتأجيل الدواء لليوم التالي رغم حالة الخطورة على المريض.
ويستغرب الأهالي وجود عدد كبير من خريجي الصيدلة من أبناء القرى، لكن بعض القرى خالية من أي صيدلية، متسائلين عن كيفية إعطاء التراخيص التي لا تراعي توزيع الصيدليات!.
دون جدوى
لدى سؤال بعض أعضاء المكاتب التنفيذية في مجالس المدن أكدوا لـ”البعث” أنهم طرحوا الموضوع مراراً وتكراراً دون أن يلقى مطلبهم آذاناً مصغية!.
ويأمل المواطنون النظر لتلك المعاناة بإلزام الخريجين بتخديم الريف دوائياً بطريقة تراعي التوزع الجغرافي للقرى وحسب القرب والبعد عن مركز المدن أو النواحي أو حتى حسب البعد بين أماكن تواجد الصيدليات.
تباين الآراء
آراء الصيادلة حول الموضوع تباينت، حيث رأى بعضهم أن وجود أكثر من صيدلية مناوبة في القطاع أمر مستحسن بل وضروري، وهو يخدم المواطن الذي قد يطلب دواء غير متوفر في الصيدلية المناوبة، بينما رأى آخرون عكس ذلك، لأن الصيدلاني –بحسب رأيهم- يمضي وقتاً طويلاً دون عمل، كما أن الكثير من المرضى تخلوا عن أدويتهم بعد ارتفاع أسعارها بشكل كبير، وخاصة مرضى الأمراض المزمنة، فمنهم من سلم أمره لله ومنهم من اعتمد على بدائل طبيعية، فليس لدى المريض المقدرة الشرائية.
النقابة توضح
الدكتور شادي عيسى رئيس فرع نقابة طرطوس في تعليقه على ما سبق، بيّن أن هناك ثلاث صيدليات مناوبة في مركز المدينة، إضافة إلى صيدلية مشفى المشرق وصيدلية مشفى الكندي الداخليتين واللتين تفتحان إلى المساء حوالي الساعة العاشرة ليلاً، إضافة إلى الصيدلية المركزية لنقابة الصيادلة والتي تفتح أربعاً وعشرين ساعة، وفي مدينة بانياس تناوب صيدليتان مساء، وفي كلّ من صافيتا ومراكز الشيخ بدر والقدموس ومشتى الحلو تناوب صيدلية وبناحية المنطار أيضاً.
معوقات التطبيق
وعن المعايير المعتمدة في مناوبات الصيادلة في المدينة والأرياف، أوضح عيسى أنه إن كانت الصيدلية في المدينة فتخضع لنظام مناوبات لتخديم المواطنين، فعلى سبيل المثال يخضع مركز مدينة طرطوس لنظام مناوبات والصيدلية المركزية لنظام الخفارة الليلية، بينما الشيخ سعد والرادار بجوار طرطوس ليستا بالحدود الإدارية للمدينة، وبالتالي لا تخضعان لنظام المدينة والمناوبات، مشيراً إلى أن مطلب زيادة عدد الصيدليات موضوع تمّ درسه وسوف يطبق بالقريب العاجل، ولكن المعوقات كثيرة وأهمها الطبيعة الجغرافية لمدينة طرطوس وعدم وجود توزع عادل بين مناطقها، فمثلاً عدد الصيدليات بمنطقة الغمقة والعريض جنوب طرطوس أكثر من منطقة المينا والبرانية شمال طرطوس وكذلك بين شرق وغرب طرطوس، أما بالنسبة للمناطق الريفية، فقد أوضح الدكتور عيسى أن النقابة لا تستطيع إلزام الصيدليات بالمناوبات لأنها ريف وتخضع للنظام الداخلي وقوانين النقابة.
ضعف الإمكانات المادية
وبالنسبة لإنشاء صيدلية مركزية بكل منطقة من محافظة طرطوس، فهو أمر صعب، وفقاً لرئيس فرع النقابة بل ويكاد يكون مستحيلاً وذلك لضعف الإمكانات المادية للفرع إضافة إلى عدم وجود مكاسب لذلك التوزع، فعلى سبيل المثال مدينة ضخمة جغرافياً وسكانياً كمدينة دمشق فيها صيدليتان مركزيتان فقط توجدان بمركز المدينة وكل المحافظات الباقية فيها صيدلية مركزية واحدة، والصيدلية المركزية مثلها مثل باقي الصيدليات ولكن تتميز عن قريناتها بالدوام المتواصل أربعاً وعشرين ساعة، وفيها طاقم أكبر من الصيادلة يصل إلى نحو أربعة صيادلة، ومزاولة المهنة ضمنها تعتبر خدمة ريف للصيادلة الجدد ولها كادر مختص ومحاسب وأمين صندوق ومجلس إدارة يحدّد عملها حسب القوانين الخاصة بذلك، وتتضمن أغلب الأدوية المحلية والأجنبية المستوردة، كما أنها تختص ببعض الأدوية المميزة وفق ما يرتئي مجلس الإدارة وضمن القوانين والأنظمة.
رعاية بحدود!
وبالنسبة للأرياف والنواحي وباعتبارها خاضعة للقوانين الناظمة لمهنة الصيدلة ولنقابة الصيادلة، فبحسب عيسى لا يمكن إلزام الصيدلاني بدوام معيّن ولا بنظام مناوبات وهذا يبقى اختيارياً بالاتفاق بين الزملاء الصيادلة وترعاه النقابة وتضع له حدوداً وضوابط.
وفيما يخصّ التوزع الجغرافي للصيدليات، أوضح رئيس فرع النقابة أنه لا يخضع للإلزام من قبل النقابة وهو كيفي حسب الصيادلة ويخضع لضوابط من قبل مديرية الصحة التي تعطي الصيدلاني إذناً لافتتاح صيدليته وهي المعنية بافتتاح وإغلاق الصيدليات، أما النقابة فتشرف على عمل الصيادلة وتواجدهم وتضبط عملهم وتراقب التزامهم بتطبيق القوانين المرعية.
سيرياهوم نيوز 4_البعث