تصبح الجزائر عضوا كاملا في منظمة بريكس إذا استوفت كل الشروط الازمة وهي قريبة جدا من ذلك ، وسيحقق ذلك مكسبا جيو سياسي إقتصادي كبير للجزائر ويمنحها فرصا كثيرة جدا للنمو بسرعة وتحقيق طموحاتها وتطلعاتها نحو المستقبل على جميع الأصعدة.
ومن ثم فهي تحرص كل الحرص على الظفر بموافقة كل الأعضاء واستيفاء كل الشروط الاقتصادية والسياسية المؤهلة
حيث أنها تقدمت بطلب رسمي على هامش قمة الصين التي حضرتها الجزائر كضيف شرف مدعوة لأول مرة.، والتي شارك فيها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عبر تقنية الفيديو في 23 يونيو/حزيران 2022.
في تصريح صحفي أدلت به، اليوم الاثنين 07/نوفمبر 2022، المبعوثة الخاصة المكلفة بالشراكات الدولية الكبرى بوزارة الخارجية الجزائرية ليلى زروقي ، أن الجزائر كان لها شرف المشاركة في القمة الأخيرة لمجموعة “بريكس” في الصين.
منظمة بريكس قوة اقتصادية رهيبة
مجموعة “بريكس” (BRICS) تكتل اقتصادي عالمي دعت إليه روسيا في سبتمبر/أيلول 2006، حينما عُقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
يضم 5 دول الأسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وكلمة “بريكس” (BRICS) بالإنجليزية عبارة عن اختصار يضم الحروف الأولى لأسماء هذه الدول.
وفي عام 2008 عقد اجتماع في مدينة ييكاترينبرغ الروسية، ثم تبع ذلك اول مؤتمر قمة لدول المجموعة في 16 يونيو/حزيران عام 2009 في ييكاترينبرغ.
في عام 2010 بدأت جنوب إفريقيا التفاوض حول الانضمام الى المجموعة، وهو ماتم رسميا في 24 ديسمبر/كانون أول عام 2010.
تمثل “بريكس” 41 بالمئة من سكان العالم، فالصين والهند أكبر بلدين من حيث عدد السكان
و40 بالمئة من مساحته و24 بالمئة من الاقتصاد العالمي و16 بالمئة من التجارة العالمية، وثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم على التوالي، وروسيا تملك أكبر مساحة في العالم والمصدر الأول للطاقة عالميا، بينما البرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، وجنوب إفريقيا أكثر دول القارة السمراء تقدما رغم أن اقتصادها الثالث إفريقيا.
1-شرط موافقة كل الأعضاء
يتطلب الانضمام إلى منظمة بريكس شرط موافقة كل الأعضاء وهذا الشرط يمنح مبدأ المساواة في اتخاذ القرارات الكبرى داخل المنظمة، ويدعم الانسجام الداخلي وصلابة المجموعة..
موافقة الصين : سارعت الصين بالترحيب بانضمام الجزائر و أشاد بذلك القائم بأعمال سفارة الصين لدى الجزائر كيان جين في تصريح لجريدة الشروق بأن بلاده ترحب بمساعي انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس حسبما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية، وفي وقت سابق اكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أيضا عقب اجتماعه بنظيره الجزائري رمطان لعمامرة على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن الصين ترحب بعضوية الجزائر في “أسرة بريكس”.
منح هذا الترحيب الصيني للجزائر زخما إعلاميا وحافزا قويا لباقي الأعضاء الذين يحترمون رؤية الصين ، كما أن العلاقات بين الصين والجزائر علاقات تاريخية عميقة حيث ترى الصين أن الجزائر بلد الثورة والقيم الثابتة في مناهضة الإمبريالية والاستعمار و أنها تتمتع بشخصية محورية في العمق الإفريقي و العربي والإسلامي و لها دورها وثقلها في حوض البحر الأبيض المتوسط ، كما أن موقعها الجغرافي المتاخم لمضيق جبل طارق يجعلها في التوازنات العسكرية كأهم نقاط إرتكاز للأساطيل البحرية المدنية والعسكرية ، وإن انضمامها إلى مجموعة بريكس سيشكل قيمة مضافة ومكسب جيوسياسي مهم
وبعد يوم واحد من تقديم الطلب، وقّعت الصين مع الجزائر الخطة الخماسيةَ الثانية للتعاون الاِستراتيجي الشامل بينهما، للفترة الممتدّة بين عامي 2023 و 2026.
موافقة روسيا : في توقيت متزامن مع الصين عبرت روسيا عن موافقتها الرسمية من خلال ممثلها الدبلوماسي السفير الروسي في الجزائر فاليريان شوفايف في تصريحه للصحافة المحلية ، إن بلاده لا تعترض على انضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس. وأوضح شوفاي بأن: “روسيا ليس لديها اعتراض على رغبة الجزائر في الانضمام إلى بريكس. ناقش الرئيسان تبون وبوتين هذه القضية”.
موافقة الهند : الهند لم تدلي بأي تصريح لا بالإيجاب ولا بالسلب تاركتا المجال للمفاوضات الجادة بين الشركاء من جهة و مع الطرف الجزائري من جهة أخرى ، وبهذا الموقف تريد الهند أن تبعث برسائل التنبيه للجزائر بأنها غير راضية نوعا ما على مستوى العلاقات الثنائية وأنه يجب على الجزائر أن تتدارك هذا الوضع إذا أرادت أن تظفر بموافقة الهند ، ولا شك أن الجزائر تتفهم الامر وانها ستعمل على استرضاء الهند بمشاريع استثمارية عملاقة . وإن لم تعبر الهند عن موقف واضح من انضمام الجزائر، إلا أنها أبدت رغبة في توسيع هذا الفضاء، وهو ما ذهب إليه سفيرها في الجزائر الذي قال مؤخرا للشروق: “لقد تلقينا بالفعل طلب الجزائر للانضمام إلى البريكس، دعمت الهند النقاش بين أعضاء البريكس بشأن عملية التوسُّع، في الوقت نفسه، أكدنا أيضًا أن دول البريكس بحاجة إلى توضيح المبادئ التوجيهية والمعايير والإجراءات على أساس التشاور الكامل وتوافق الآراء لعملية التوسُّع على أساس المشاورات الكاملة وتوافق الآراء والمرحلة التي نناقش فيها الترشيحات لم تصل بعد، سيتم النظر في هذه في مرحلة مناسبة على أساس توافق الآراء”.
موافقة البرازيل: لم تصدر من البرازيل أي موافقة رسمية لحد الآن لكن رئيس عبد المجيد تبون متفائل بموقف البرازيل الإيجابي معولا في ذلك على عمق العلاقات الطيبة بين البلدين والصداقة التاريخية للزعيم لولا داسلفا الذي يعود إلى السلطة بقوة بعد غياب
موافقة جنوب إفريقيا : على المستوى الرسمي لم تبدي سلطات جنوب افريقيا أي موافقة أو رفض صريح لكنها لمحت بأنها تدعم سياسة التوسع وفتح الباب للأعضاء الجدد ولا سيما أن طلبات الانضمام تتزايد يوما بعد يوم
كما تعول السلطة في الجزائر على موافقة جنوب إفريقيا أيضا باعتبار أنها حليف تاريخي للجزائر في الاتحاد الإفريقي، تتقاسم معها مفاهيم ثورية وتاريخ مشترك في الكفاح ضد الظلم والاستعمار والعنصرية وكانت الجزائر استضافت على أراضيها الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا في 1962، عندما كان يخوض كفاحه ضد التمييز العنصري في بلاده، وفي تصريحات لسفير جنوب إفريقيا في روسيا لوكالة سبوتنيك، مزوفوكيلي ماكيتوكا، أن 13 دولة أعلنت رغبتها بالانضمام إلى مجموعة “بريكس” وقدم نصفها تقريبًا طلبات رسمية للانضمام إلى المنظمة.
وتابع مزوفوكيلي قائلا: “أتوقع شخصيًا أن تكون الأولوية إلى جانب الذين تقدموا بالفعل”، موضحا أن من بين المتنافسين دولتان إفريقيتان هما الجزائر ومصر، بالإضافة إلى إيران والبحرين والسعودية والإمارات عن آسيا.
وهي تلميحات جيدة لملف الجزائر
2- الشروط الاقتصادية
يتطلب الانخراط في مجموعة بريكس مجموعة من الشروط الاقتصادية لتحقيق الموائمة والانسجام والتناغم التجاري والاقتصادي وفق معايير موحدة وهي شروط موضوعية لازمة و هذا يعكس سياسة وأهداف منظمة بريكس في خلق ديناميكية اقتصادية قوية منافسة قادرة على مواجهة التحديات القائمة في الواقع الدولي الذي تهيمن عليه أمريكا و حلفائها بأسلوب استغلالي و ظالم يرفض بشدة عالم متعدد الأقطاب ويمارس ازدواجية المعايير بأنانية مفرطة و استعلاء ترفضه الكثير من الدول النامية التي تشعر أنه الوقت المناسب لإيجاد البديل و مواجهة هذه الغطرسة ، بتكتلات اقتصادية وسياسية وعسكرية موازية حفاظا على الامن القومي المعرض دوما للتهديدات
ويرى الرئيس الجزائري أن الانضمام إلى البريكس يتطلب مواصلة الجهود في مجال الاستثمار، والتنمية الاقتصادية والبشرية من جهة، والانتقال إلى مستويات أعلى في التصدير” وأيضا رفع الناتج الداخلي الخام ما فوق 200 مليار دولار، ويعتبر الرئيس عبد المجيد تبون أن الانضمام إلى بريكس سيكون مكسب كبير وهو في حد ذاته تحدي كبير يفرض علينا واجبات تتطلب منا بذل كل الجهود الممكنة لتحقيقها منها :
أ- رفع الناتج الداخلي الخام إلى ما فوق 200 مليار دولار
دعاء الرئيس عبد المجيد تبون إلى العمل سريعا لتحقيق رقم 200 مليار دولار كناتج داخلي خام وهو هدف قابل للتحقيق
فالناتج الداخلي الخام بلغ 163 مليار دولار في 2021 وهو مرشح للزيادة في الأشهر القادمة حيث تتوقع الدراسات ارتفاع أسعار النفط هذا من جهة و من جهة أخرى سطرت الجزائر ميزانية لهذا العام تفوق 100 مليار دولار لتحقيق مشاريع كبرى من شأنها أن تساهم في تحق هذا الشرط، فالناتج الداخلي الخام، يعني بأبسط تعريفاته قيمة مجموع السلع والخدمات داخل الدولة
ومن بين هذه المشاريع
استثمار كبير في مجال المحروقات
تدشين مصنع كبير في أرزيو لصناعة البلاستيك
من بينها إطلاق مشاريع لصناعة السيارات مع شركة إيني الإيطالية وجيلي الصينية.
واستكمال مشاريع الطرق الكبرى نحو موريتانيا والنيجر ومالي وتطمح الجزائر لتقوية شبكتها للنقل البري والسكك الحديدية للوصول إلى الأسواق الإفريقية عبر موريتانيا إلى أسواق غرب إفريقيا، وعبر نيجيريا نحو وسط القارة السمراء.
فتح 5 مناطق للتجارة الحرة مع موريتانيا وتونس والنيجر
تطوير الإنتاج الفلاحي ببرامج قوية لزيادة المساحة الزراعية
اكمال إنجاز ميناء الحمدانية الكبير وربطه بالطريق المزدوج العابر للصحراء
تطوير الربط بالسكك الحديدية نحو تمنراست والهضاب ونحو تندوف.
تراهن الجزائر على إمكانياتها الكبيرة من الغاز الطبيعي لمضاعفة الإنتاج الذي يكثر عليه الطلب أوروبيا، لرفع ناتجها الداخلي الخام بزيادة تتجاوز 37 مليار دولار في عام واحد.
تنشيط قطاع السياحة الذي كان شبه مغلق وتطوير الخدمات السياحية قصد تحقيق مداخيل معتبرة من العملة الصعبة.
رفع حجم الصادرات إلى ما فوق 100 مليار دولار
تأكيد الرئيس الجزائري على زيادة حجم الصادرات كأحد الشروط الضرورية للانضمام إلى بريكس، لمتوقع أن تصل صادرات الجزائر 56.5 مليار دولار مع نهاية 2022، منها 49.5 مليار دولار صادرات النفط والغاز،
-
تصدير الكهرباء: تسعى البلاد لتصدير الكهرباء إلى أوروبا بالنظر إلى امتلاكها فائضا كبيرا منها قابلا للتصدير، إذ تنتج 25 ألف ميغاواط، بينما لا تستهلك في أوقات الذروة بالصيف سوى 17 ألف ميغاواط، ويتقلص هذا الرقم إلى 11 ألف ميغاواط في الشتاء.
-
تصــدير الغـــاز: تنتج الجزائر نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بمعدل سنوي حيث، صدرت منه رقما قياسيا في 2022، بلغ 56 مليار متر مكعب، بينما استهلكت نحو 50 مليار متر مكعب، وتعيد ضخ نحو 30 مليار متر مكعب في الآبار للحفاظ على نشاطها وللوصول إلى هذا الهدف كثفت الجزائر من استثماراتها في قطاع المحروقات وخصصت لها نحو 40 مليار دولار، وحققت اكتشافات هامة في 2022، من النفط والغاز، ودخلت في شراكات مع شركات متعددة الجنسيات على غرار إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية و”أوكسدونتال” الأمريكية، لاستغلال حقول الغاز وزيادة الانتاج.
-
تصدير الحديد والفوسفات: استغلال منجم الحديد، بتكلفة تقدّر بـ 3 مليارات دولار. قصد إنتاج 50 مليون طن سنويا في غضون 5 سنوات القادمة.
استغلال منجم كبير للفوسفات بشرق البلاد ( تبسة ) مع الصينين بلغت تكلفته 7 مليار دولار
-
تصدير الطاقة المتجددة: وتسارع الجزائر الخطى لمضاعفة إنتاجها من الطاقات المتجددة على غرار الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بالشراكة مع عدة دول على غرار ألمانيا وإيطاليا، بهدف توفير كميات أكبر من الغاز للتصدير، وأيضا تصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء إلى أوروبا مستقبلا