مع فوز الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، تقول قناة “بي بي سي” إنّ “قلة هم الذين يتوقّعون مفاجآت كبيرة في السياسة الخارجية من إردوغان”، لكن حلفاء أنقرة الاستراتيجيين يراقبون عن كثب بالفعل، فـ”ما تفعله تركيا مهم”.
أما صحيفة “التلغراف”، فقالت إنّ “بعض القادة الأوروبيين سيسعدون بالترحيب بأنقرة إلى الحظيرة مجدداً، بعد عقدين من حكم إردوغان”.
كذلك، رأت صحيفة “الغارديان” أنّ “في بعض النواحي المحددة، حتى إعادة انتخاب إردوغان هي نعمة للغرب”.
فماذا قال الإعلام الغربي عن فوز إردوغان في الانتخابات الرئاسية التركية، وتحديداً عن علاقاته مع روسيا والغرب؟
إردوغان وروسيا
رأت قناة “بي بي سي” أنّه يمكن تحديد الأهمية الاستراتيجية العالمية لتركيا، التي زادت بشكل كبير بعد الحرب في أوكرانيا، من خلال مسارعة مجموعة من قادة العالم، لتهنئة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بفوزه في الانتخابات.
وفي مقال بعنوان “لماذا يهم انتصار إردوغان الغرب؟”، أشارت “بي بي سي” إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان أول المهنئين.
وبحسب القناة، يمكن الافتراض أنّ السياسة التركية التي تحبّذها روسيا بشكل خاص “تجلّت في رفض إردوغان نبذ الكرملين بعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا”، حتى مع فرض حلفاء أنقرة في “الناتو” عقوبات على موسكو، وخفض اعتمادهم في مجال الطاقة عليها.
أما صحيفة “التلغراف” البريطانية، فأشارت إلى أنّ تركيا، تحت حكم إردوغان، رفضت، بخلاف معظم أعضاء “الناتو”، فرض عقوبات، على النمط الغربي، على روسيا لعمليتها العسكرية في أوكرانيا.
ولفتت الصحيفة إلى إبرام الرئيس التركي إردوغان صفقةً مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، للسماح لأوكرانيا بتصدير حبوبها عبر موانئها في البحر الأسود.
ولا يمكن لأي شخص آخر على المسرح العالمي أن يحقق نجحاً كهذا، ما يجعل إردوغان وسيطاً قيّماً في حال، وعندما، يحين الوقت للحديث عن السلام، بحسب الصحيفة البريطانية.
من جهتها، قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إنّ الرئيس المعاد انتخابه يمكن أن يجرّ الدولة التركية باتجاه روسيا بشكل أكبر، وفي الوقت نفسه، فإنّه قد يكون بدلاً من ذلك أكثر انفتاحاً على البدائل.
ووفقاً للصحيفة، فإنّ تركيا ليست على استعداد لفرض عقوبات على روسيا، وواشنطن ليست على استعداد لفرض عقوبات ثانوية على تركيا، “خوفاً من أن تدفع إردوغان إلى أحضان بوتين”.
أما صحيفة “لو موند” الفرنسية فرأت أنّ “إردوغان لا يمكن إغراقه”، مشيرةً إلى أنّ تركيا في ولاية إردوغان الجديدة ستكون أكثر توجهاً نحو روسيا، إلى جانب الخليج الصين والخليج العربي.
إردوغان والغرب
وأشارت “بي بي سي” إلى أنّ تهنئة الرئيسين الأميركي جو بايدن، والفرنسي إيمانويل ماكرون، جاءت في أعقاب تهنئة بوتين.
وعلى الرغم من “كرههما تقارب إردوغان مع الكرملين، وقطعه حرية التعبير والمعايير الديمقراطية في الداخل”، فإنّ تركيا بالنسبة لهما حليف ضروري، وإن كانت حليفاً “صعباً”، ولا يمكن التنبؤ به.
وعلى الرغم من أنّ إردوغان قد يحافظ على علاقاته القريبة من روسيا، إلا أنّه يقدّم الدعم العسكري إلى أوكرانيا أيضاً، تبعاً للقناة البريطانية. وأضافت القناة أنّ تركيا “عضو أساسي في حلف شمال الأطلسي، وتشارك في كافة مهامه”.
وتابعت “بي بي سي” أنّ البيت الأبيض لا يخفي رغبته في إقناع إردوغان لقبول عضوية السويد في “الناتو”، إذ تؤمّن السويد للتحالف المضاد لروسيا غطاءً مهماً في بحر البلطيق.
على الصعيد الاقتصادي، يأمل الغرب، بحسب القناة، أن “تكون الحالة المزرية للاقتصاد التركي نقطة ضعف للضغط بهدف انضمام السويد إلى الحلف”، مشيرةً إلى أنّ تركيا والمجر هما الدولتان الوحيدتان في الناتو اللتان ما زالتا تمنعان عضوية ستوكهولم.
وفي غضون ذلك، قالت “بي بي سي” إنّ ماكرون يشعر بالقلق بشأن الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، ويأمل الحصول على تأكيدات بشأن ذلك من إردوغان في أقرب وقت ممكن.
بدورها، رأت “التلغراف” أنّ معظم القادة في القارة الأوروربية يشعرون براحة أكبر، عندما تبتعد تركيا عن الاتحاد الأوروبي، وهم قد لا يعترفون بذلك.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لم ينتظر صدور النتائج الرسمية ليهنئ إردوغان على “فوزه الانتخابي غير القابل للمساءلة”.
وبحسب الصحيفة، يرى أوربان، وأعداؤه كثر في بروكسل، أنّ إردوغان هو “حليف وقدوة”، في حين كان قادة أوروربيون آخرون أبطأ في إرسال التهنئة، وهم أقل إعجاباً بالرئيس التركي.
ولا شك أنّ إردوغان جعل نفسه مصدر إزعاج بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، مثيراً غضب الأعضاء فيه عبر منعه السويد من الانضمام، بسبب دعم ستوكهولم المفترض للأكراد المنشقين، بحسب ما أوردت الصحيفة.
بدورها، قالت “الغارديان” إنّ “الغرب عالق بين الخوف والأمل”، بعد حصول إردوغان على تفويض حاسم لخدمة ولاية ثالثة.
وذكرت الصحيفة أنّ الغرب يخشى أن يستغّل إردوغان النتيجة، ليبعد تركيا، العضو المؤسس لحلف “الناتو”، من الغرب العلماني الليبرالي.
من ناحية أخرى، يأمل الغربيون أن أنّ الرئيس التركي قد ينفتح على بناء سياسته الخارجية على غير “حفظ الذات”، معه الأخذ بالاعتبار عدم أهليته للترشح مرة أخرى.
ووفقاً للصحيفة البريطانية، سيأتي الاختبار الأول لإردوغان في قمة “الناتو” في فيلنيوس بليتوانيا، حيث سيُطلب منه رفع حق النقض “الفيتو” عن عضوية السويد، الموجودة في “منطقة رمادية خطرة”، في الحلف، بعد رفعه عن عضوية فنلندا.
وعلى نطاق أوسع، تقول “الغارديان” إنّ الغرب يفضّل خطط إردوغان لتخفيف التوترات مع جيرانه، بينهم المملكة العربية السعودية وسوريا ومصر وأرمينيا.
كما يبدو أردوغان أكثر منطقية من منافسه كمال كليجدار أوغلو، في قوله إنّ لديه خطة لإعادة إسكان 1 مليون سوري في شمال تركيا، عبر الحدود. علاقاته مع بوتين، وتالياً الرئيس السوري بشار الأسد، تجعل هذه الخطة أكثر منطقية.
سيرياهوم نيوز3 – الميادين