آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الصينيون يقبرون الفقر

الصينيون يقبرون الفقر

بقلم : حسن م. يوسف

خلال زيارتي للصين قبل اثنين وعشرين عاماً، علمت أن الصيني خلال أربعينيات القرن الماضي لم يكن يقول لمن يلتقي به: “كيف حالك؟” بل كان يسأله: “هل أكلت اليوم؟” ودلالة ذلك أن من يحصل على وجبة في اليوم يكون بخير! فقبل الثورة الصينية كان نحو 90 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
والحقيقة أن زيارتي للصين فتحت شهيتي للاهتمام بهذا البلد العريق العملاق الذي لا يكف لحظة واحدة عن النمو، فصرت أشتري المطبوعات الصينية باللغتين العربية والإنجليزية، وقد استوقفني خبر نشرته صحيفة “الشعب” اليومية في 24 كانون الأول 2010 عن انخفاض عدد الفقراء في المناطق الريفية، وأذكر بوضوح أن الخبر كان ينتهي بعبارة قاطعة مفادها أن الصين بحلول عام 2020 “سوف تقضي على الفقر المطلق نهائيا.”
وبما أن العام الموعود لم يبق منه سوى شهرين فقد رحت أبحث بمساعدة العم غوغول فيما تم تحقيقه من وعد الحكومة الصينية لمواطنيها الريفيين بشأن تأمين الغذاء والكساء والمسكن والتعليم الإلزامي والعلاج الأساسي، وإليكم خلاصة ما توصلت إليه.
تفيد وكالة أنباء رويترز البريطانية أنه قد “تم إنشاء نقاط تجريبية للتخلص من الفقر بتطوير وتعميم التجارة الإلكترونية في 428 محافظة فقيرة، صار المواطنون المحليون الفقراء يبيعون منتجاتهم البسيطة من العسل والبيض والجوز وغيرها، عبر المنصات الإلكترونية التي ساعدت الأجهزة الحكومية المعنية في توفيرها وتعميمها. بينما بدأت الحكومة في عام 2016 الأعمال التجريبية للتخلص من الفقر بتطوير صناعة الألواح الضوئية في ثلاثين محافظة، بست مقاطعات.”
وتفيد إحصاءات البنك الدولي أن الصين هي صاحبة الفضل الأكبر في خفض عدد البشر الذين يعيشون تحت خط الفقر خلال الأربعين سنة الماضية، فقد انخفض عدد السكان الذين يعانون الفقر في الصين بمقدار 250 مليون نسمة منذ عام 1978 و”استطاعت الصين خلال السنوات الست الماضية فقط محو وصمة الفقر عن جبين أكثر من ثمانين مليون فرد من سكان الريف و80 بالمئة من القرى الفقيرة وأكثر من نصف المحافظات الفقيرة.”
وقد نشرت وكالة أنباء (رويترز) أن الصين أنفقت ما يفوق 140 مليار دولار على برامج الحد من الفقر، ويبدو أن الحكومة الصينية قد برت بالوعد الذي قطعته لمواطنيها، فالدراسات الغربية ترجح أنه لم يعد في الصين من دخله دون الخط العالمي للفقر المدقع أي 1.90 دولار أميركي في اليوم. وقد جاء في تقرير نشرته مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية، للكاتب غراهام أليسون: إن صندوق النقد الدولي قد ذكر في عرض توقعاته الاقتصادية العالمية لعام 2020، أن الدولار الواحد يشتري في الصين ضعف ما يشتريه تقريباً في الولايات المتحدة، وبناء على ذلك فإن الاقتصاد الصيني اليوم يعد أكبر بمقدار السدس من الاقتصاد الأميركي.
وما يعزز صحة ما سبق، أن هناك بحثاً نشرته مجلّة “شؤون خارجية” الأميركية في عددها الأخير، لمستشارة الأمن القومي الأميركي للشؤون الاستراتيجية ناديا شادلو جاء فيه: “يجب على واشنطن التخلي عن الأوهام القديمة” يقول المثل الصيني: “إذا أدرت أن تزرع لسنة فازرع قمحاً، وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة. أما إذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع إنسانا” وقد زرع الصينيون الإنسان وهاهم يحصدون ثمار ما زرعوه، العقبى لنا.

 

سيرياهوم نيوز 5 – الوطن 25/10/2020

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اليوم التالي بعد الحرب…..

  باسل علي الخطيب دعونا نتفق اولاً ان عاموس هوكشتاين ليس وسيطاً، انا لا اناقش هنا المضمون وأقصد النزاهة من عدمها، أنا اناقش من حيث ...