| خالد عرنوس
سيكون ختام الموسم الأوروبي على مستوى الأندية مسكاً من خلال نهائي دوري الأبطال بنسختها الثامنة والستين الذي سيحتضنه ملعب أتاتورك في مدينة إسطنبول التركية ويجمع إنتر ميلانو الإيطالي صاحب الجولات والصولات القارية مع مانشستر سيتي الإنكليزي زعيم العقد الأخير في بلاده والطامح لارتداء التاج الأوروبي الأول بتاريخه، وتقام المباراة النهائية في ملعب أتاتورك الذي سبق أن شهد نهائياً خالداً قبل ثمانية عشر عاماً بين زعيمي الأندية (قارياً) في البلدين (إنكلترا وإيطاليا) ليفربول وميلان، وعلى وقع ذكريات تلك الأمسية الميلودرامية يسعى بيب غوارديولا لاستعادة ذكرياته الخاصة مع الكأس ذات الأذنين في حقبة إشرافه على برشلونة وكتابة تاريخ السيتيزينز الخاص على مستوى أقوى بطولات الأندية في العالم، وعلى العكس تماماً يقف المدرب سيميوني إنزاغي على حافة المجد الشخصي الأول ويأمل بإعادة النييرازوري إلى عرش الكرة الأوروبية للمرة الأولى منذ حقبة المدرب البرتغالي الشهير جوزيه مورينو، ويقود الموقعة الحكم البولندي شيمون مارسينياك الذي سبق أن قاد نهائي مونديال 2022.
عودة مظفرة
يمكن وصف لقاء إنتر ميلانو مع مان سيتي بأنه مواجهة بين التاريخ والحاضر، فالسيتي هو سيد الأندية في بلاده في العقد الأخير وبطل البريميرليغ في الموسمين وبطل الثنائية المحلية (دوري وكأس) في الموسم الحالي، وحاول كتابة تاريخه الخاص أوروبياً خلال هذه الفترة وفرض نفسه كلاعب كبير بدوري الأبطال ولم يغب عنها في 12 موسماً أخيراً فبلغ نصف النهائي في أربعة مواسم من السبعة الأخيرة ولامس اللقب قبل عامين لكنه خسر النهائي أمام مواطنه تشيلسي بهدف، وها هو يعود بشكل أفضل هذا الموسم وبصورة فريق قادم ليصبح البطل الثالث والعشرين في المسابقة وخاصة أنه لم يخسر أي مباراة وقدم أداء هجومياً رفيعاً ترجم على أرض الواقع والأرقام كأفضل هجوم وأفضل دفاع، وبالتالي حقق عودة قريبة ليخوض مباراة التتويج للمرة الثانية في تاريخه.
وعلى الجهة المقابلة يعد إنتر من الأبطال القدامى للمسابقة فهو أول فريق فاز باللقب مرتين بعد ريال مدريد إلا أنه غاب عن النهائي لمدة 38 عاماً ليعود من الباب العريض باللقب الثالث عام 2010 ويومها حقق الثلاثية التاريخية بفضل جوزيه مورينو وجيل رائع من اللاعبين، لكن الأوضاع ساءت بعدها مباشرة فغاب ستة مواسم كاملة عن دوري الأبطال وانتظر ليكتمل الموسم الحادي عشر ليبلغ أدوار الإقصاء فيها فاكتفى بالدور الـ16 في العام الماضي لكنه عاد إلى النهائي السادس بتاريخه بكل جدارة باحثاً عن لقب رابع.
الطريق إلى النهائي
خاض كل من الفريقين 12 مباراة خلال مشوارهما نحو إسطنبول وتميز السيتي بأنه لم يخسر مسجلاً 7 انتصارات و5 تعادلات، في حين حقق إنتر العدد ذاته من الانتصارات إلا أنه اكتفى بثلاثة تعادلات بعد تلقيه هزيمتين كانتا أمام بايرن ميونيخ الألماني في دور المجموعات وجاءتا بنتيجة واحدة صفر/2 وتأهل ثانياً عقب فوزه على فيكتوريا بلزن التشيكي 2/صفر و4/صفر وفاز على برشلونة الإسباني بهدف ثم تعادلا 3/3، وفي دور الـ16 فاز على بورتو البرتغالي بهدف قبل أن يتعادلا إياباً من دون أهداف وفي ربع النهائي فاز على بنفيكا في لشبونة 2/صفر ثم تعادلا 3/3 في ميلانو ليضرب موعداً مع جاره ميلان ففاز عليه بهدفين ثم بهدف ليحافظ على نظافة شباكه في 8 مباريات لكنه تلقى 10 أهداف وسجل لاعبوه 19 هدفاً.
أما مان سيتي فقد بدأ حملته بالفوز على أرض إشبيلية الإسباني 4/صفر وغلبه فيما بعد 3/1 وفاز على دروتموند الألماني 2/1 ذهاباً وتعادلا إياباً سلباً وفاز على كوبنهاغن الدانماركي 5/صفر وتعادلا سلباً، وفي ثمن النهائي تعادل على أرض لايبزيغ الألماني 1/1 قبل أن يكتسحه إياباً 7/صفر، وفي ربع النهائي واجه البايرن وغلبه 3/صفر قبل أن يتعادلا في ميونيخ 1/1، ثم جرد البطل ريال مدريد من لقبه في دور نصف النهائي بعدما تعادلا ذهاباً 1/1 والفوز عليه إياباً بالأربعة، وسجل لاعبوه 31 هدفاً مقابل 5 أهداف فقط بمرماه.
من دون فلسفة
بعيداً عن لقب الفيلسوف الذي يطلقه النقاد على المدرب الإسباني بيب غوارديولا (52 عاماً) فإنه طوّع الأدوات والمال الذي ضخه ملاك مان سيتي ليصنع فريقاً مهاب الجانب يهوى السيطرة والاستحواذ واللعب الهجومي، وخلال حقبة بسيطة سجل العديد من الأرقام القياسية على مستوى المسابقة على الرغم من إخفاقه بالوصول إلى اللقب، ولم يتغير الأمر كثيراً في الموسم الحالي عن المواسم السابقة لغوارديولا الطامح للدخول من الباب الواسع للمدربين (35 لقباً خلال 14 موسماً) على الرغم من التبديلات الكثيرة التي طرأت على التشكيلة منذ وصوله إلى ملعب الاتحاد عام 2016، وفي الموسم الحالي ومع مجيء هالاند وألفاريز أصبح الفريق أكثر رعباً.
ومازال البلجيكي كيفن دي بروين ورفاقه في خط الوسط الألماني إلكاي غوندوغان والبرتغالي برناردو سيلفا والإسباني رودري والجزائري رياض محرز والإنكليز جاك غريليش وفيل فودين وكالفن فيليبس يشكلون رمانة الميزان في الفريق حيث تتركز طريقة (بيب) في السيطرة على خط الوسط وقد أبدع هؤلاء النجوم في صناعة الكثير من الفرص قد ترجموا بأنفسهم عدداً من إلى الأهداف، ومازال البرازيلي إيدرسون مورايس الحارس المعتمد، وفي الدفاع هناك الإنكليز كايل وولكر وجون ستونز ورييس لويس والهولندي ناثان أكي والسويسري مانويل أكانجي والإسبانيان إيمريك لابورت وسيرجيو غوميز، أما في الهجوم فهناك الدبابة الهولندية إيرلينغ هالاند والأرجنتيني يوليان ألفاريز وغالباً ما يعتمد على الأول الذي سجل أرقاماً خيالية في موسمه الأول (52 هدفاً في 52 مباراة) فتوج هدافاً للدوريات الأوروبية الكبرى وتوج بالحذاء الذهبي (36 هدفاً) وكذلك قريب من لقب هداف الشامبيونزليغ (12 هدفاً).
على طريقة الكبار
لم يكن سيميوني إنزاغي (47 عاماً) صاحب بصمات كبيرة في عامل كرة القدم بالنظر إلى ما حققه شقيقه فيليبو الذي توج قاد ميلان إلى اللقب 2007 وتوج مع اليوفي عام 1996، لكنه يبدو أنه على طريق الأمجاد مدرباً فها هو يقود النييرازروي إلى نهائي دوري الأبطال في موسمه الثاني فقط، وعلى الرغم من تراجع الفريق على مستوى السييرا A من بطل عام 2021 إلى وصيف عام 2022 ثم ثالث في الموسم المنصرم لكن يشفع له تتويجه مرتين بالكأس والأهم الوقوف على حافة اللقب الأوروبي، فقد أعاد الهيبة القارية للإنتر من خلال إعادته للنهائي وتفوقه على بعض الأندية الكبيرة ولاسيما برشلونة وقطبا البرتغال علماً أنه تبادل الفوز مع ليفربول يوم أقصاه الأخير من ثمن نهائي الموسم الماضي وهاهو قريب من أن يصبح أول مدرب إيطالي يتوج باللقب مع الإنتر وفي سجله 7 ألقاب محلية.
وبالطبع لم تكن هذه النتائج لتتحقق لولا جودة اللاعبين الذين يعتمد عليهم إنزاغي وفي مقدمتهم الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز صاحب الكلمة الفصل في كثير من الأحيان وقد سجل 28 هدفاً في كل المسابقات هذا الموسم (3 أهداف في الشامبيونز) وإلى جانبه في الهجوم مواطنه خواكين كوريا أو البلجيكي روميلو لوكاكو أو البوسني إيدين دزيكو وهذا الأخير سبق له أن مثل السيتي لمواسم عديدة في بداية طفرته الأخيرة، وفي خط الوسط هناك الإيطاليان نيكولا باريللا وروبرتو غاليارديني والأرميني هنريك مختيريان والتركي هاكان شالهان أوغلو والأرجنتيني فالنتين كاربوني، أما في الدفاع فتبقى الصبغة الإيطالية غالبة بوجود دانيللو دي أمبروزيو ووفرانسيسكو إيتشيربي وفيدريكو دي ماركو وماتيو دارميان، ومعهم السلوفاكي ميلان سكرنيار والهولنديان ستيفان دو فري ودينزبل دومفريس والألماني روبن جوسينس، ومن وراء هؤلاء جميعاً الحارس الكاميروني أندريه أونانا.
مواجهات سابقة
لم يسبق للفريقين أن تواجها رسمياً من قبل، ولعب السيتي 16 مباراة أمام الأندية الإيطالية ففاز بـ6 منها مقابل 6 تعادلات و4 هزائم والهزائم الأربع كانت أمام اليوفي 3 مرات ونابولي مرة، في حين لعب الإنتر أمام الإنكليز 34 مباراة ففاز بـ16 منها مقابل 14 هزيمة و4 تعادلات، وآخر المواجهات كانت أمام ليفربول في دور الـ16 للموسم الماضي فخسر في ميلانو صفر/2 وردّ في أنفيلد بهدف.
وسبق لأندية إيطاليا وإنكلترا أن اجتمعت في 10 نهائيات أوروبية في مختلف المسابقات بما فيها نهائي مسابقة دوري المؤتمر وبالمجمل قبل لقاء الأمس تفوق الطليان بواقع 6 انتصارات مقابل 3 للإنكليز بما فيها نهائيان على صعيد دوري الأبطال حسمهما ليفربول الإنكليزي بركلات الترجيح (روما 1984 وميلان 2005).
والنهائي هو الخامس بين فرق البلدين بدوري الأبطال والمصادفة أن نهائي 1984 جمع فريقي روما وليفربول في أول مواجهة رسمية وكذلك التقى ليفربول مع يوفنتوس في العام التالي في أول مواجهة بينهما في المسابقة، وفي 2005 تقابل ليفربول مع ميلان في أول مواجهة رسمية بينهما وهاهما طرفا نهائي 2023 مان سيتي وإنتر يتقابلان للمرة الأولى.
سيرياهوم نيوز1-الوطن