آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب الأسبوع » الجسد السردي التشاركي”.. لناظم مهنا

الجسد السردي التشاركي”.. لناظم مهنا

| مايا سلامي

صدر عن وزارة الثقافة- الهيئة العامة للكتاب دراسة بعنوان «الجسد السردي التشاركي»، تأليف ناظم مهنا، تقع في 383 صفحة من القطع الكبير، وتهدف هذه الدراسة إلى الحديث عن السرد بأشكاله المختلفة وبمفهومه الواسع والعام بوصفه فاعلية دنيوية شاملة يحتوي كل فاعلية جزئية أو كلية. فالسرد ليس ديانة جديدة أو عقيدة حتمية بل حقيقة نسبية لها امتداد زماني ومكاني وأفق هو الصيرورة النقدية، كما أن اللغة والحكاية والسرد والنص والقارئ كلها عناصر تتداخل وفق آلية تشاركية تجعل السرد كأنه كتاب عملاق يبتلع كل شيء. حيث يحتوي السرد الكلام والصمت، الحكايات والقصص والأحداث التاريخية والأساطير والعقائد وتاريخ الحضارات، وتاريخ العلم، والحياة اليومية للأشخاص والجماعات، الواقع والحلم. والسرد هو ثقافة العالم القابلة للقراءة والنقد والتحليل والتركيب، وفي هذا الأفق العام تندرج مقالات هذا الكتاب التي قد تبدو جزراً منفصلة ومتباعدة، إلا أنها تنتظم في فضاء السرد وتجلياته.

 

السرد العربي

 

وفي البداية يتحدث الكاتب عن أفق السرد العربي الذي تجاوز محليته وحلق في آفاق العالم مستشهداً بكتاب الحكايات «ألف ليلة وليلة» العابر للقوميات بترجماته المتعددة والمكانة التي حظي بها في اللغات الأوروبية، ما يجعل العرب بفضل هذا الكتاب شركاء كونيين في تأسيس السرد المتعدد الجنسيات وذوي مكانة في خريطة السرد المعولم.

 

ويشير إلى أن حكايات الليالي ترجمت إلى الفرنسية في عام 1704 أي في فجر الرومانطيقية، وكانت أول ترجمة أوروبية قام بها المستشرق الفرنسي أنطون غالان في 12 مجلداً، ويقال إنها غير دقيقة فقد أضاف إليها غالان بعض الحكايات.

 

ويوضح أنه من المحتمل أن تكون الحكايات قد وصلت إلى الأوروبيين بشكل ما قبل ترجمة غالان بكثير، حيث توجد إشارات تدل على أن الأوروبيين قد عرفوا هذه الحكايات على نطاق ضيق في منتصف القرن الرابع عشر، فيذكر ناظم في دراسته: «يرى الألماني فريدريش فون دير لاين مؤلف كتاب (الحكايات الخرافية) أن المخطوط العربي الذي اعتمد عليه غالان بصفة أساسية يرجع إلى القرن الرابع عشر ميلادي، ويقال إن غالان استمد حكايات الجزء الرابع من مخطوط عربي من خلال السوري حنا الماروني، وحسب هذا الكاتب فإن الحكايات أقدم من القرن الرابع عشر فشواهدها الأولى ترجع إلى القرن العاشر».

 

شعرية الآثار

 

وانطلاقاً من شمولية السرد لتاريخ الحضارات والحياة اليومية للأشخاص والجماعات، يتطرق الكاتب إلى ظاهرة البكاء على الأطلال بصورتها الشعرية والتاريخية، فيؤكد أن تعلق الإنسان بالأطلال ظاهرة موجودة وقديمة من حضارتي مصر والرافدين مروراً بالإغريق والرومان، وصولاً إلى أيامنا هذه، والإنسان يطارد الطلل كما يطارده ظله. ويبين ناظم أن عالم الآثار الفرنسي آلان شناب يرى أن التأمل في الأطلال شيء موجود في كل الثقافات وأن العلاقة بين الإنسان والآثار ظاهرة كونية قديمة، وأن للآثار المندثرة جاذبية في أي مكان من العالم إضافة إلى الشعرية التي تختزلها والخيال الذي تنعشه.

 

ويوضح الكاتب أن اهتمام الإنسان بالزمن والتاريخ والماضي أمر يتعدى شهرية الآثار وله معنى بالوجود، وهذا ما دفع شعراءنا القدامى إلى محاكاة الأطلال في قصائدهم، فيقول: «سخر أبو نواس (الحسن بن هانئ) من كثرة البكاء على الأطلال لدى الشعراء العرب الذين سبقوه وكانت هذه ردة فعل مسوّغة على التقليد الذي ألزم به الشعراء أنفسهم ولو لم يكونوا ممن وقفوا وقفة امرئ القيس وغيره من الشعراء الجاهليين، لكن الوقوف على الأطلال لم يكن محصوراً بالشعراء العرب بل هو موضوع إنساني كوني عرفته كل الشعوب القديمة والحديثة».

 

وفي حديثه عن سرديات الميديا الجديدة يسلط الكاتب الضوء على السينما وعلاقتها الوثيقة بالشعر، فيذكر: «على الرغم من أن اللغتين مختلفتان إلا أن ثمة تواشجاً وتداخلاً بين الفنين، وفي كثير من الأحيان حين نسمع تعليقاً على فيلم جميل من معلق أو ناقد أو حتى مشاهد تتردد العبارة الآتية (الفيلم قصيدة شعرية مدهشة كلها شفافية وعذوبة) والشعر كما هو معروف من الفنون القديمة جداً والسينما من الفنون الحديثة جداً، وبالمقابل تعتمد على تقنيات وآلات وعمل جماعي خلاف الشعر الذي هو عمل فردي».

 

الشعر والسينما

 

وفي تساؤله عن العلاقة التي تجمع بين الشعر والسينما يشير ناظم إلى أن كاتبة السيناريو التشيلية عشتار ياسين من أصل عراقي، رأت أن السينما ارتبطت منذ بداياتها بالشعر وترد ذلك إلى أن الثقافة الشعرية ثقافة مهيمنة تعود بجذورها إلى آلاف السنين، منذ أول نص استطاعت ذاكرة الإنسان استعادته أو تمثله ولاسيما في الطقوس والميثالوجيات.

 

ويبين ياسين: عادت بالعلاقة بين الشعر والسينما إلى ملحمة جلجامش حين تحدثت عن التواصلية في الفنون البصرية الجديدة وعلى رأسها فن السينما.

 

ويوضح ناظم أن الكتابة السينمائية أو اللغة السينمائية تعبر عن الفكرة بالصورة فهي كتابة عالمية فكرية تعود إلى أول عصور البشرية، وحسب أيزنشتاين الفيلم= كتابة بالصور، مشيراً إلى أن السينما لا تعرف اللغات والحروف فهي تخاطب كل فرد على أساس أنه خطاب بينهما مستندة إلى اللغة ومتجاوزة لها من خلال إعادة إنتاج خطاب متطور يعتمد الصور ويمكن عده وريث تدهور الأساطير والقصائد مستخلصاً منها حاجاته الأساسية.

(سيرياهوم نيوز3-الوطن)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فعالية”

      يتضمن الكتاب دروساً فعالة في التغيير الشخصي ويتناول مفهوم الفعالية الشخصية والتأثير الإيجابي للعادات الصحيحة على حياة الفرد. يركز الكتاب على تطوير ...