لست محبطاً، لكن دعونا نفكر جميعاً بما عشنا لأجله.. وبما كنا نمني النفس به.. هل تحقق؟ هل وصلنا إليه؟ هل عشناه؟
دائماً كان المستقبل هاجسنا في كل شيء.. في دراستنا، عملنا، صبرنا، معاناتنا، والتحايل على واقعنا.
ومع أننا كنا نتقدم في العمر، إلا أن المستقبل بقي بعيداً عنا.. أو أصبح يبعد عنا أكثر مما كان، رغم أن البعض لا يزال “يتعشم” بالمستقبل، ويمني النفس بتحققه لأسباب كثيرة.
لكن لا أحد يمكنه منع الآخرين من التفاؤل بالمستقبل، فعلى الأقل هناك شيء نتفاءل به أو نعمل لأجله في هذه الحياة.. حتى لو كان سراباً، أو أمراً تدور حول مصداقيته شكوك عديدة.
ومستقبل كل منا ليس بذلك الشيء المعقد.. على الأقل على المستوى الشخصي، في حين أن المستقبل على المستوى العام يكتنفه غموض وتحديات كثيرة، وتالياً قد تتعاقب عدة أجيال من دون أن يأتي ذلك المستقبل.
على المستوى الشخصي، لا يخرج المستقبل المنتظر عن الرغبة بحياة كريمة وهانئة، مساواة اجتماعية واقتصادية، إنصاف مهني، ومناخ يسمح بالإبداع والتميز..
أما على المستوى العام، فإن المستقبل المأمول يجسده طموح المجتمع العصري، المتقدم، الطارد للفساد والفاسدين، الجاذب للكفاءات والخبرات، والضامن لحقوق أبنائه وممتلكاتهم.
وكل ما أخشاه، أنا وغيري، ألا يعيش أولادنا أيضاً ذلك المستقبل، فإذا كانت سنوات الرخاء لم تجعلنا نعيش ذلك المستقبل كما يفترض.. فهل سيكون ذلك متاحاً مع سنوات الحرب والحصار والفقر؟
أما لماذا لم يأت ذلك المستقبل، فإن الإجابة على ذلك لا يمكن حصرها بوجهة نظر محددة بالنظر إلى تداخل العوامل الشخصية مع البيئة العامة، إنما هناك مسألة على غاية من الأهمية، وتتمثل في الإدارة المتبعة غالباً، والتي همها الأساسي فقط تجاوز المرحلة الحالية بأي ثمن..
فمنذ سنوات طويلة، والمواطن يسمع من مسؤوليه عن تحديات المرحلة الراهنة، عن المرحلة المصيرية التي تمر بها البلاد، عن المرحلة غير التقليدية.. وما إن تتجاوز البلاد مرحلة، حتى تبدأ مرحلة أخرى بالتشكل، فكانت حياتنا كلها عبارة عن “تقطيع مراحل” على المستوى العام.. ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على الحياة الخاصة!
وسياسة “تقطيع المراحل” هذه كان لها دوماً رجالاتها ومستثمروها، الذين كانوا ينشدون مستقبلاً حققوه بأسرع مما يتوقع.. مستقبل جوهره مراكمة ثروات وأموال من دون أي محاسبة، فكنا كمواطنين وللأسف مجرد مرحلة يقطعها البعض نحو مستقبله الفاسد!
(سيرياهوم نيوز-تشرين)