مستوى الحراك السياسي بين الأحزاب اللبنانية بات عال المستوى عشية جلسة مجلس النواب المقررة صباح الغد لانتخاب رئيس للجمهورية، الكل في لبنان ينتظر ماذا سوف يسفر عن هذه الجلسة مع وجود مرشحين لشغل المقعد الرئاسي، وقد أعلنت كتلة القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب وبعض النواب ممن يطلقون على انفسهم “تغييرين” بالإضافة الى كتلة اللقاء الديمقراطي “جنبلاط” التصويت لصالح “جهاد ازعور”، بينما اعلن حزب الله وحركة امل مع كتل أخرى التصويت لصالح “سليمان فرنجية”، وقد اعلن حزب الله ان “ازعور” بمثابة مرشح تحدي، لكن في ذهن الحزب ما هو ابعد، اذ يبدو ان لدى حزب الله شكوك ان توليفة جمع الاخصام المسيحيين “التيار والقوات والكتائب” مع بعض النواب على ازعور ليس الا طبخة أمريكية، وبالتالي “ازعور” مرشح الولايات المتحدة عبر ما استطاعت جمعه من حلفاء محليين، وهذا بنظر الحزب وحلفائه في لبنان يمثل معركة على مستوى الخيار الاستراتيجي في عموم المنطقة تتجاوز اسم رئيس الجمهورية المقبل.
بالمقابل يعتبر الطرف الآخر ان حزب الله وامل يحاولون فرض فرنجية على باقي اللبنانيين وتحديدا المسيحيين، وبالتالي ينظرون الى فرنجية كرمز لهيمنة حزب الله على لبنان.
حسب اغلب الأوساط السياسية اللبنانية فان جلسة الغد لن تشهد انتخاب رئيس للجمهورية، ولن يتمكن أيا من المرشحين في الدورة الأولى من جمع أصوات 65 نائبا، التقديرات تقول ان فرنجية قد يحصل على 50 صوتا، مقابل ان يحصل ازعور على 55 صوتا، ومن المتوقع ان لا يتم الذهاب الى دورة ثانية والتي يحتاج فيها المرشح للنصف زائد واحد بشرط حضور ثلثي أعضاء المجلس النيابي، لان الدورة الثانية سيتم تطيير نصابها القانوني. وبالتالي لن تحسم جلسة الغد اسم الرئيس المقبل، لكنها ستكشف الاحجام وميزان القوى داخل المجلس النيابي.
من جانبه أكّد تكتل “الجمهورية القوية”، “ضرورة أن تكون جلسة الانتخابات الرّئاسيّة المزمع انعقادها غدًا، الجلسة النّهائيّة الّتي تُفضي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، وتحميل كلّ مَن يُفقِد النّصاب مسؤوليّة استمرار الشّغور، وانعكاساته على البلد على الصعيدين المالي والسياسي”.
وأعرب، عقب اجتماعه الدوري برئاسة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، عن إدانته “الكلام التهويلي الصادر عن بعض القوى السياسية التي تريد فرض مرشحها، خلافا لموازين القوى النيابية، وتتحدّث عن مؤامرة واستهداف وعزل”، موضحًا أنّ “المؤامرة تكمن في تعطيل الاستحقاق الرئاسي وضرب الاستقرار والانتظام، بينما الاستهداف يشمل كلّ مواطن لبناني يريد العيش في كنف الدولة، أمّا العزل الفعلي فيتمثّل بما يتعرّض له لبنان بفعل سياسات هذا الفريق، التي عزلت لبنان عن العالم”.
وشدّد التكتل على “إلزاميّة التصويت لهذا المرشّح أو ذاك من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد والخروج من دوامة الشغور المفتوح، والتذرُّع بأنّ الدستور يتيح للنائب الاقتراع بـ”ورقة بيضاء” أو “لمن يشاء من أسماء”، فهذا أمرٌ ليس في محله إطلاقًا، باعتبار أن المهلة المنصوص عليها في الدستور ليست ترفًا، إنما مهلة ملزمة، ومن مسؤوليّة النائب الدستوريّة والوطنيّة انتخاب رئيس للجمهورية، ولا سيّما بعد ثمانية أشهر على الشغور الرئاسي”، معتبرا أنّ “من يتلكأ بحجج واهية، يتحمّل أمام جميع اللبنانيين، مسؤولية استمرار هذا الشغور”.
وتوجّه رئيس حزب “القوّات اللّبنانيّة” سمير جعجع، في تصريح عبر مواقع التوّاصل الاجتماعي، إلى رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، قائلًا: “الحوار لا يكون بأن يقوم فريق بعينه في اختيار مرشّح على ذوقه، ودعوة كلّ الآخرين للحوار لانتخابه. من جهة ثانية، نحن بصدد انتخابات رئاسيّة، وليس تفاهمات عشائريّة”.
وفي ظل انشغال الأوساط السياسية والإعلامية اللبنانية بجلسة الغد، يغيب السؤال عن ما بعد جلسة الأربعاء، هل سيتمسك كل طرف بمرشحه في ظل استمرار الفراغ الرئاسي، وهنا لا بد من الدخول الى عمق مواقف القوى السياسية من مسألة تبني الترشيح، فالنسبة للتيار الوطني الحر، فانه بعد الجلسة امام مازق الافتراق عن حليفه حزب الله، مقابل الانضمام لخصومه وخصوم الحزب الذين لا يثقون به ولا يثق بهم. كما ان التيار بات يعاني من الاعتراضات الداخلية لترشيح ازعور، اذ يعتبر عدد من نواب التيار ان “ازعور” جزء من منظومة فاسدة أدت الى انهيار لبنان اقتصاديا عبر عن ذلك التيار بكتابه الشهير ” البراء المستحيل ” والذي يذكر جهاد ازعور بالاسم باعتباره جزء ممن يتبرأ التيار منهم. فكيف يفرض رئيس التيار جبران باسيل ازعور على تياره ورفاقه.
اما الحزب التقدمي الاشتراكي بزعمة جنبلاط فقد وضع العلاقة التاريخية بينه وبين حركة امل والرئيس نبيه بري على المحك، كل ذلك يترافق مع أجواء عدم ثقة واضحة بين الأطراف التي دعمت ترشيح ازعور خاصة بين جعجع وباسيل، اذ يخشى جعجع ان يكون باسيل يقوم بمناورة لتحقيق مكاسب من خلال التقاطع معه لترشيح ازعور، ولا يخفى في لبنان ان باسيل اقدم على تبني ترشيح ازعور ليس اقناعا به بقدر الرغبة بالتخلص من فرنجية.
وبالخلاصة يبدو التعويل على التقاطعات الخارجية بين القوى الدولية والإقليمية لايجاد حل لازمة الفراغ الرئاسي هي الأقرب والأكثر فعالية بعد جلسة الغد، لان الفراغ مستمر ولا حلول محلية ذاتية بالافق.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم