مسرّب وثائق البنتاغون حول حرب فييتنام.. دانييل إلسبرغ يرحل عن عمر 92 عاماً

توفي، أمس الجمعة، المحلل العسكري الأميركي، دانييل إلسبرغ، عن عمر ناهز 92 عاماً، إثر إصابته بمرض السرطان، كما أعلنت عائلته في بيان.

إلسبرغ الذي وصفه وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كسينجر، بـ”أخطر رجل في الولايات المتحدة، الذي يجب إيقافه مهما كلف الأمر”، استطاع أن يؤثّر عميقاً في السياسة الأميركية والتاريخ العسكري والصحافة، عبر تسريبه وثائق سرية للبنتاغون، تحتوي تفاصيل عن أكاذيب الحكومة الأميركية بشأن حرب فييتنام عام 1971.

وكشف تسريب إلسبرغ لوثائق البنتاغون، “كيف ذهبت واشنطن إلى فييتنام، وعلقت هناك، وسلّط الضوء على خداع قادة الولايات المتحدة بشأن السبب الذي يموت أبناء الأميركيين لأجله”، كما أوردت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية.

وأشارت الصحيفة، إلى أن نشر هذه الأوراق أدى إلى معركة قضائية حادة بشأن حرية الصحافة، ودفعت فريق الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون نحو “الطريق المظلم تجاه فضيحة الـ “Water Gate”.

كذلك، سرّب إلسبرغ أجزاء من تقرير سري مؤلف من 7000 صفحة، يعرض بالتفصيل تاريخ التدخل الأميركي في “الهند الصينية”، منذ الحرب العالمية الثانية وحتى عام 1968.

وعام 1973، قاضت الحكومة الأميركية المحلل العسكري بتهم السرقة والمؤامرة، بموجب “قانون التجسس”، بإجمالي 115 عاماً في السجن، إلا أن هذه التهم أسقطت عنه لاحقاً في العام نفسه، بسبب سوء سلوك الحكومة وعدم قانونية جمع الأدلة.

وحتى وفاته، عارض إلسبرغ استخدام “قانون التجسس”، وظل مدافعاً عن حقوق “whisleblowers” أي كاشفي الأنشطة والسياسات غير القانونية، كجوليان أسانج وإدوارد سنودن، اللذان سرّبا “وثائق مصنَّفة سرية”، تكشف تجاوزات الحكومة الأميركية، كالمراقبة الجماعية غير القانونية وقتل المدنيين في الحروب المختلفة التي خاضتها واشنطن.

بالإضافة إلى ذلك، عارض إلسبرغ بشدة الأسلحة النووية، حتى إن نشاطه ضدها على مدى عقود أدى إلى اعتقاله عدة مرات.

وفي كتابه الذي نُشر عام 2017، “آلة يوم القيامة: اعترافات مخطط الحرب النووية”، فصّل إلسبرغ مخاطر الأسلحة النووية، بالإضافة إلى مكانتها في الأمن القومي الأميركي، بناءً على تجربته كمحلل عسكري عمل على القضايا النووية بين 1958 و1971.

وفي الكتاب، يصف إلسبرغ لحظة قراءته ورقة حكومية تتضمن تقديراً بوفاة نحو 600 مليون شخص قد يقتلون في الهجوم النووي الأميركي الأول على الاتحاد السوفياتي، ويقول: “هذه الورقة يجب ألا تكون موجودة… لا في الولايات المتحدة، ولا في أي مكان آخر أبداً”.

وولد دانييل إلسبرغ في نيسان/أبريل 1931، وقُتلت أمه وأخته في حادث سيارة في 1946، عندما نام والده على مقود السيارة. ويقول إلسبرغ إن هذه الحادثة تركت أثراً فيه: “شخص تحبه أو تحترمه، كوالدي – وهو سلطة – قد يغط في النوم على المقود، ويجب الانتباه إليه”.

وحصل إلسبرغ على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد عام 1952. ومن عام 1954 إلى عام 1957 شغل منصب ضابط في سلاح مشاة البحرية الأميركية. كذلك، عمل كمحلل عسكري لقضايا الأمن القومي للبنتاغون ومؤسسة “راند”.

سيرياهوم نيوز3 – الميادين