زينب حمود
على ما يبدو، فإن اقتراح قانون «عدم إعطاء الجنسية اللبنانية لمكتومي القيد مواليد عام 2011 وما بعد» الذي قدّمه النائب جورج عطالله، لن يبصر النور بالفظاظة التي قُدّم بها. إذ تدرس لجنة الإدارة والعدل النيابية «تلطيفه» وإرفاقه باستثناءات تحول دون تعدّيه على قانون الجنسية اللبنانية ما يدفع إلى التساؤل عن الهدف من قانون لا يضيف جديداً إلى القوانين النافذة؟
ad
بعد أكثر من سنة ونصف سنة على تقدُّم النائب جورج عطالله باقتراح قانون يمنع إعطاء مكتومي القيد من مواليد عام 2011 وما بعد الجنسية اللبنانية ربطاً بـ«شهادات مكتومي قيد يبيعها مخاتير لمواليد النازحين السوريين»، بدأت لجنة الإدارة والعدل مناقشة الاقتراح في 2 أيار الماضي، وأدخلت اللجنة الفرعية المنبثقة تعديلات عليه، رفعتها إلى اللجنة.
اقتراح القانون مؤلّف من مادّة واحدة فقط تنصّ على «منع إعطاء مكتومي القيد من مواليد عام 2011 وما بعد الجنسية أو الإقامة اللبنانية تحت أيّ عذر أو بسبب أي ظرف آخر لا قضائياً ولا إدارياً ولا بموجب أي مرسوم جمهوري». أما الأسباب الموجبة فتتلخّص في «الاختناق من النزوح السوري»، إذ «تزداد أعداد الولادات بوتيرة سريعة في صفوف النازحين السوريين، حتى صارت تشكل 52% من مجمل الولادات على الأراضي اللبنانية بحسب آخر الإحصاءات لعام 2018. وعدم تسجيل عدد كبير منها لا في لبنان ولا في سوريا، يضعهم في خانة مكتومي القيد مع مكتومي قيد ذوي أصول لبنانية، ما يسمح بإعطائهم الجنسية اللبنانية».
ad
جاء اقتراح القانون فضفاضاً ومبهماً، ما أثار حفيظة جمعيّات حقوقية. فبدلاً من تنظيم تسجيل الولادات بين النازحين السوريين، اختار المشرّع طريقاً أسهل، وهو حرمان كل مكتومي القيد الذين ولدوا في فترة النزوح من الجنسية، ضارباً عرض الحائط بقوانين نافذة، ولا سيّما قانون الجنسية اللبنانية الذي يعطي الحق بالجنسية لمكتومي القيد وفق حالات معينة، أبرزها من وُلدوا من أب لبناني، ومجهولو الوالدين الذين ولدوا على الأراضي اللبنانية.
مسؤولة المناصرة في جمعية «روّاد الحقوق» برنا حبيب عدّدت مآخذَ كثيرة على اقتراح القانون، فهو «غير محدّد بزمن، أي أن كل من ولدوا بعد 2011 إلى أجل غير مسمّى ممنوعون من الحصول على الهوية، كما يعتبر كل مكتومي القيد في لبنان سوريين، علماً أنّه وفقاً لدراسة ميدانية حول ملامح مكتومي القيد في لبنان أجريناها عام 2012 ولم تُنشر نتائجها بعد، يُقدّر عدد مكتومي القيد من أصول لبنانية بـ 50 إلى 60 ألفاً».
ad
ما الغاية من قانون لا يضيف إلى القوانين النافذة أيّ تفصيل؟
وتسأل المحامية نورما حلاوي عن «مصير 47 حالة مكتومي قيد ولدوا من عائلات لبنانية بعد عام 2011 توكّلت الدفاع عنها في الأشهر الستة الأخيرة». وتلفت إلى أنه وفق قانون الجنسية اللبنانية، حتى ولو استحصل النازح السوري على بطاقة تعريف من المختار بأنه مكتوم قيد، فإنه لن يحصل على الجنسية. إذ أن «هناك إجراءات طويلة ودقيقة يعتمدها القضاء اللبناني قبل منح الجنسية، أولها طلب وثيقة ولادة والتحقّق من رابطة الدّم عبر فحص الحمض النووي لإثبات أنّ المتقدم بالطلب من أب لبناني. أما إذا ادّعى النازح السوري بأنّه من والدين مجهولين ووُلد على الأراضي اللبنانية للاستفادة من الهوية فلن يحصل عليها بسهولة، إذ تجري تحقيقات طويلة حول تاريخ الولادة، ومكانها والفترة التي قضاها مقدّم الطلب».
ad
ما الهدف إذاً من إصدار قانون يمنع الجنسية عمّن لا يستطيع نيلها؟ يجيب عضو لجنة الإدارة والعدل النائب حسن عز الدين بأن «القانون يحلّ مشكلة قد تقع في المستقبل. فعندما يتخذ رئيس الجمهورية قرار التجنيس سنكون أمام أعداد كبيرة من مكتومي القيد يصعب تصنيفهم». وعن الظلم الذي يلحقه بمكتومي قيد ذوي أصول لبنانية، يشير إلى أنّه «تمّت صياغة اقتراح القانون من جديد واستثنينا من له حق في الجنسية بموجب القوانين المرعية الإجراء مع التقيّد بما نصّ عليه الدستور لجهة صلاحية رئيس الجمهورية في إصدار مراسيم التجنيس». وبما أنه لا يوجد في النظام اللبناني تعريف واضح لمكتومي القيد، «وضعت قاضية من وزارة العدل مطالعة فصّلت خلالها تصنيفات مكتومي القيد، وعلى أساسه وضعنا معايير علمية لإثبات رابطة الدم أمام المحكمة من خلال فحص الحمض النووي والتثبّت من تاريخ الولادة».
ad
ومع افتراض أنّ الاستثناءات التي تحدّث عنها عزّ الدين ستشمل كلّ الحالات التي لحظها قانون الجنسية ولن تتعدّى على صلاحية التجنيس المطلقة لرئيس الجمهورية، فما الغاية من قانون لا يضيف إلى القوانين النافذة أيّ تفصيل؟ هل هي «فشة» خلق أمام العجز عن ضبط النزوح السوري فعلاً، أم أنها فوبيا «تجنيس السوريين»؟
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية