| د. بسام الخالد
” الاحتراق النفسي” .. مصطلح يحمل في طياته معاني عميقة عن تشعبات ودهاليز النفس البشرية.. فهل ثمة احتراق نفسي للإنسان، وهل تتعرض النفس البشرية للاحتراق تماماً مثل كل الأشياء الأخرى التي تحترق؟!
بعد التعمق في هذا المصطلح ومطالعة نصوص عديدة في الصحة النفسية، عرفت أن هناك “نيراناً نفسية” تنتجها الضغوط والتوترات والصعوبات الحياتية والإحساس بعدم قدرة الإنسان السيطرة عليها، تلك الضغوط تستهلك موارد البشر الداخلية وصلابتهم النفسية مهما كانت قوية، وبفعل هذه النيران الضاغطة يتشكل الخواء الداخلي وتحترق النفس!
لقد خلّفت الحرب ثقافة دخيلة على مجتمعنا، وإن كان بعضها موجوداً سابقاً، كالفساد والرشوة والأتاوات، لكننا بتنا نشهد حالات غريبة أقلها الخوف من المجهول !
في معمعة الحرب كنا نؤمّن احتياجاتنا اليومية أولاً بأول، إذ لا أزمة غاز أو مازوت أو كهرباء أو مواد غذائية أو خبز، أو غلاء مرتبط بالقطع الأجنبي بشكل يومي، والذي أفرز حالات هستيرية من الجشع، ناهيك عن الفواتير والضرائب التي تستهلك ضعفي الدخل الشهري للفرد.
أما تداعيات الحرب القذرة التي عاشها المجتمع السوري، منذ أكثر من عشر سنوات بكوارثها المتلاحقة والضغوط التي تعرض لها المواطن والمتغيرات الدراماتيكية، خلخلت الأمن النفسي وبنية العلاقات الاجتماعية، وزادها الحصار الاقتصادي وغلاء المعيشة الفاحش والسلوكيات الدخيلة على المجتمع السوري تدهوراً، الأمر الذي جعلنا جميعاً في حالة قلق نفسي أقرب إلى الاحتراق وهذا يحتاج إلى علاج سريع وليس إلى مسكنات، وإلا فنحن ننتظر عود ثقاب!
(سيرياهوم نيوز ٣-خاص)