يمكن القول بان واحدة من المساحات السياسية التي سيبحثها وفد حركة حماس الذي يزور طهران حاليا هي تلك المتعلقة بإعادة ترسيم العلاقة بمعناها السياسي وإنعكاس ذلك على التكتيك والميداني من جهة حماس على الأقل للاحتفاظ بعلاقة متزنة ومتوازنة مع الجمهورية الإيرانية باعتبارها الطرف الاقليمي القوي عمليا الذي يقدم دعما سياسيا للمقاومة بصرف النظر عن الاختلاف مع الايرانيين سواء في طهران او في بيروت حول بعض تفاصيل تواقيت وسيناريوهات الاشتباك مع العدو الاسرائيلي.
وهي مساحة للتباين ظهرت عدة مرات مؤخرا وحصرا في اطار المواجهتين العسكريتين الذين خاضتهما المقاومة في اشتباك مباشر مع الاسرائيليين وعناصر حركة الجهاد الاسلامي.
ويعتقد ان التجاذبات والتباينات في إطار التوقيت والتكتيك العسكري على الاقل اوانعكاس اي عمل عسكري مقاوم على اهالي قطاع غزة برمتهم هي مساحات شهدت بعض التجاذبات والنقاشات وهو الامر الذي استدعي حصول لقاء لقادة حركتي الجهاد الاسلامي وحماس في الخارج وعلى اساس القناعة بان قيادات الداخل اصلا منسجمة وتعرف الوقائع الاجتماعية والسيسيولوجية كما هي في القطاع و يمكن الالتزام المطلق بين ممثلي الحركتين في داخل قطاع غزة في اطار تفاهمات الغرفة المشتركة التي ظهرت.
وعلى هذا الأساس تكشف أوساط مطلعة بان لقاء القاهره التصالحي الذي كان مهما في رعاية المخابرات المصرية و بحضورها عمليا كان الهدف منه اجتماعي وبناء حالة كيمياء بين قيادي الخارج الذين لا يعرفون بعضهم البعض كثيرا بين الحركتين اكثر من كونه لقاء للمصافحة والسلام فقط او لقاء للتفاهم على شيء جديد يمكن ان تقدمه السلطات المصرية في اطار هوسها الكبير بان تكون جاهزة للتهدئة والوساطة في حال اندلاع اي مواجهات عسكرية الطابع.
وما حصل مع حركة الجهاد الاسلامي في الاعتداء الاسرائيلي العسكري الاخير والذي قدمت خلاله حركة حماس اطارا من التنسيق ووضعت امكاناتها في يد المجموعات المقاومة العسكرية لحركة الجهاد الاسلامي هو الذي تطلب على الأرجح التوقف في اطار مصارحات مباشرة من القيادات السياسية للحركتين في مصر.
وهو امر طبعا دعمته السلطات الامنية المصرية حتى تواصل استثمار مصر في الورقة الفلسطينية لا بل بورقة قطاع غزة عمليا.
ومن المرجح ان لقاءات القاهرة والتي أعقبت إتصالات بين حركة حماس و ممثلين لحركة مع جهات الايرانية واخرى لبنانية في بيروت قبل عدة اسابيع هي التي ادت الى بناء حالة تفاهم تكتيكية وميدانية تتضمن التزامات وقرارات بوقائع الامر على الارض و في الميدان.
وإحتاج الأمر على الأرجح هنا لفتح حوار مع الإيرانيين زيارة قام بها وفد من حركة حماس رفيع المستوى في طهران منذ ثلاثة ايام وهو وفد سيسعى على الارجح حسب مصادر فلسطينية مطلعة الى اعادة العلاقات مع الايرانيين بموجب ما اتفق عليه سواء في بيروت سابقا او في القاهرة لاحقا.
ولدي حركة حماس طبعا مع بعض الاسئلة والاستفسارات من الجانب الايراني ورغبة حقيقية في الحفاظ على العلاقة المتزنة مع الايرانيين.
لكن على اساس ان عناصر الاشتباك مع العدو الاسرائيلي في الميدان مسالة بوصلتها مرتبطة بالامكانات والقدرات والتواقيت الفلسطينية وبصورة مستقلة عن اي تواقيت اخرى خلافا لان القناعة راسخة بان الجمهورية الايرانية ايضا لديها تواقيتها سواء في الاشتباك او في فتح قنوات و ابواب الحوار مع حركة حماس وليس مع اشخاص حركة حماس.
يبدو ان وجود وفد من حركة حماس على رأسه الشيخ اسماعيل هنية في طهران هذه الايام محاولة للتفاهم والتحاور والتقارب وتبادل وجهات النظر مع قيادات حماس السياسية في الخارج لان الحلقات الايرانية تجد طريقها طبعا في التواصل مع حركة حماس في الداخل خصوصا وان حركة حماس تبدو اكثر انسجاما ونضجا هذه الايام في اطار العلاقة ما بين الميدانيين والعسكريين داخل القطاع والقيادات السياسية خارج القطاع.
وزاد تأثير حركة حماس في الواقع الفلسطيني لا بل في الواقع الاقليمي.
وفتحت بعض الدول في المجتمع الدولي نوافذ للتواصل وتبادل الملاحظات ومن هنا يمكن النظر لوقفة قيادة حماس في طهران هذه الايام باعتبارها محطة اساسية لاعادة تجديد وتمكين العلاقة على اساس استراتيجي سياسي ودون التطرق للتفاصيل المرتبطة بتواقيت الاشتباك سواء عبر الاطلالة اللبنانية او عبر الواقع الموضوعي وحركة الجهاد الاسلامي في الداخل الفلسطيني.
وتتحدث اوساط قريبة من طهران عن ان التقارب بين حماس الخارج السياسية و بين قيادات سياسية في المؤسسة الايرانية من العناصر التي يمكن ان تدفع التشكيلات الميدانية في الداخل قطاع غزة لحركة الجهاد الاسلامي لقدر اكبر من الاسترخاء.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم