آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » قدر أم بوصلة ..؟

قدر أم بوصلة ..؟

 

سعاد سليمان

يجلس عدد من الأطفال ..
لا يتجاوز عمر الواحد منهم العشر سنوات كما يبدو للناظر ..
يجلسون على كراسي بلاستيكية , وحول طاولة بلاستيكية أيضاً , فوق رصيف وجد للمشاة , وقد تحول إلى مقهى رصيف ..
ظاهرة تنتشر في كل مكان هذه الأيام !!
كل طفل منهم يحمل سيجارة بيده , ينفث دخانها , وكأنه يصنع الاعجاز حيث تبدو ملامحه العجيبة !!
يتحدث الأولاد بصوت مرتفع ..
حديثهم لا يخلو من الضحك , والشتم , والصياح , مع نفخ السيجارة بعمق قبل أن تنتهي ..
أما أعقاب السجائر فيرمونها بثقة أمامهم على الرصيف , بينما يظهر بعضهم ابداعاته برميها بعيداً على اسفلت الشارع , فيبدو للرائي , وكأنهم أبطال في لعبة كرة السلة حيث يصيب الرامي الهدف , ويضحك معلنا انتصاره !!
مشهد أنقله بدقة , وأنا انتظر مرور سيرفيس فيه مقعد فارغ لراكب ..
كل السرافيس التي تمر تحمل أكثر من طاقة استيعابها , ولا يهم أن يركب المضطر في حضن راكب آخر , فالغاية تبرر الوسيلة , والحلم بحل هذه الأزمات صار حلم ابليس في الجنة !!
في السرفيس الذي وجدت فيه مكاناً فارغاً , بعد طول انتظار , (راتبي العظيم يمنعني من ركوب تاكسي , ودفع سبعة آلاف على الأقل) لأصل إلى مركز المدينة وأخيرا .. وجدت الكنز .
كان مقعدي بجانب شابين يتحدثان بصوت مرتفع , يضحكان , يثرثران , جعفر يسأل , وحمزة يجيب , والعكس صحيح .
كان الشابان يشتمان بعضهما , ويضحكان , وكأنهما يحكيان النكت ..
والحقيقة أن الحديث جذاب , وجميل , فالشتائم تتحول إلى مديح حين تترافق بالضحكات ..
هكذا يراها المشاهد فالمحبة ظاهرة , والصدق جميل , وقد عرفت أنهما طالبان في الجامعة ..
وعرفت اسميهما لأنني تدخلت في حوارهما اللطيف , وأسئلة عن العنقاء , وخضراء الدمن , والزير سالم , أسئلة تدعوك للتدخل , أو الضحك من أجوبة هي ابنة اللحظة !!
ثم تجدهما يدخلان , وبسرعة البرق , وعبر الهاتف الذكي إلى الانترنت , ويجدون الأجوبة بكبسة زر .
الجميل ..كان في الضحك المتواصل حين يكتشفان أن الأجوبة لا تمت لأجوبتهم بصلة !!
أتدخل كعادتي , وطبعي , وأخبرهما سراً : أن أفضل العمر هذه السنوات التي يعيشانها ..
يؤكدان ما أقول بمحبة , ولطف ..أتركهما , وأنزل حين أصل إلى محطتي , وأنا أبتسم بعدما ترك وجودهما في قلبي سعادة نادرة في أيامنا الغادرة ..
صورتان متضاربتان لمجتمع يعيش الصراع , والضياع ..
فحين نفقد البوصلة لا بد أن يلعب القدر لعبته .. أو نلعبها , ونقول : القدر !
(سيرياهوم نيوز4-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

محاكم التفتيش المارونية الحديثة

هيام القصيفي   باتت بعض القوى المارونية تتصرّف، في الآونة الأخيرة، على قاعدة العمل على «توحيد الرأي»، في سعي للقبض على المجتمع المسيحي، بحيث لا ...