| عفيف عثمان
في عصر بات يدير فيه الإنترنت حياتنا اليومية، كيف أصبحت العلاقة بين الأنظمة والشعوب؟ وهل بتنا في عصر “الديمقراطية الإلكترونية”؟
في عصر العولمة وانتشار تكنولوجيا المعلومات والإتصال (Tic) نشهد عالماً “يصاغ من جديد” [1]، تتحكم فيه الشبكات ويؤدي الأنترنت دوراً رئيساً في إدارة شؤون الحياة اليومية [2]، وإذا كان هذا الدور محط نقاش وجدل واعتراض في أحيان كثيرة، فإن الخطاب المتفائل بأثره في المجتمع يرى إنه يجدد عناصر 3 أساسية: الديموقراطية والرخاء والرابط الاجتماعي.
ويقع تجديد الديموقراطية في منحيين: المشاركة الواسعة في التصويت وتعزيز الحقوق الليبرالية المتحصلة وخصوصاً حرية الكلام والنفاذ بطريقة عادلة أكثر إلى “الحيز العام الكوني”، فإذا كانت الديمقراطية الالكترونية هي الشكل السياسي لمجتمع المعلومات، فإنها تملك إمكانية التخلص من التراتبية المعتمدة حالياً في إتخاذ القرار، ما يسمح لكل فرد في المشاركة السياسية [3].
يحدّد الفيلسوف الفرنسي مارسيل غوشيه (Marcel Gauchet) الديمقراطية بثلاثة عناصر: “السياسة، أي الإطار الذي يندرج فيه مجموع من البشر ويتحكمون في مصيرهم، والقانون الذي يوفر مبدأ شرعية هذا الإطار، والتاريخ الذي يعبر عن الاهتمام بالمستقبل” [4].
وقد كتب بيير روزانفالون (Pierre Rosanvallon) عن الديمقراطية أنها وعد ومشكلة في نفس الوقت. وعد، بمعنى أنه لا يمكن تحقيقه أبداً. ومشكلة، لأنه يتعين علينا دائماً العثور على إجابات جديدة للاستجابة للمثل الأعلى الذي تجسده[5].
في كتابه “الديمقراطية في أميركا” (De la démocratie en Amérique) (1835)، أكد ألكسي. دي توكفيل (A. de Tocqueville) أن الديمقراطية تتوافق مع العبادة شبه الدينية للجمهور. سيكون الجمهور في قلب الديمقراطية. سيكون الجمهور حجر الزاوية في ظاهرة الديمقراطية.
وقد رأى الباحث المصري نبيل علي (1938) الصلة بين المعلوماتية والديموقراطية ونقل عن بعض الباحثين زعمهم “أن الأنترنت سيفضي إلى إعادة النظر في مفهوم الديمقراطية من أساسه، إذ وفر الإنترنت ساحة جديدة للرأي تسمح بظهور أشكال جديدة للممارسات الديمقراطية سواء في عملية إتخاذ القرارات أو متابعة ما ينجم عنها من نتائج إيجابية أو سلبية على مستوى السياسة العالمية”، ويتساءل عن إمكانية التفاؤل بسقوط الحلقات الوسيطة للتمثيل السياسي، وتحقيق نوع جديد من الديمقراطية المباشرة يشارك الجميع من خلالها في عملية إتخاذ القرار [6]. واليوم يمتلك المواطنون الوسائل العملية للمشاركة في إعداد وتهيئة الفعل السياسي عبر المناقشة وإبداء الرأي والتحرك من أجل تأييد وجهة نظرهم الخاصة.
فمنذ العام 1990 تغيرت الأفكار حول الديمقراطية. الاحتمالات الجديدة التي أتاحها الإنترنت تعمل على تغيير الأسئلة ووجهات النظر حولها. ونتيجة لذلك، لم تستطع الديمقراطية الابتعاد عن تطور شبكة الإنترنت التي غيرت من المعيش اليومي للناس المهني والخاص في آن. إذ أن “الاستغناء عن الطابع المادي والفورية، وهي من خصائص وسائل الإعلام الإلكترونية، من المرجح أن تقلب بعض الممارسات الديمقراطية، وربما تجلب الديمقراطية إلى عصر جديد”[7]. بالنسبة لبنيامين لوفلوك (Benjamin Loveluck)، في “الإنترنت نحو الديمقراطية الراديكالية؟”، يعيد الإنترنت الاتصال بالديمقراطية بعدة طرائق. يُقدس الكلام بطريقة جديدة، ويعزز عقيدة المساواة، ويُعلي من شأن المشاركة المباشرة للمواطنين والشفافية[8].
بيد أن التطور التكنولوجي ليس أحادي الجانب، فهو يحمل معه مخاطر عدة، وله تداعيات. ولدينا مثل عالم الرياضيات الأميركي نوربيرت وينر (Norbert Wiener) (1964 – 1894) مفكر السيبرانية (cybernetics) الذي حذر منها، ورأى أن عدداً من التنظيمات يبقى ضرورياً لإضفاء طابع اجتماعي على تداعيات العلم والتقنية. ويأخذ وينر الديمقراطية على محمل الجد ويتسم نقده للمجتمع، وتحديداً المجتمع الأميركي، باسم مثال (idéal) ديمقراطي[9].
وهو لا يُنكر الفوائد المترتبة على العلوم والتكنولوجيا، لكنه وجد أن وسائل الإتصال الحديثة التي يمكن أن تساعد في عملية توحيد الكوكب، قد أدت أيضاً الى عواقب منحرفة عن الديمقراطية، ضارة ومؤذية لها [10]، والخطر الأكبر، في زعمه، يكمن في تفويض القرار للآلة [11].
مجتمع الغد
كان مجتمع الغد موضع تفكر المجلس البرلماني الأوروبي، التابع للمجلس الأوروبي المؤسس في العام 1949، والأوسع من بين المجالس الأوروبية (يضم ممثلين لأربعين برلمان وطني)، تفكر بلسان أبرز الباحثين لذلك المجتمع الذي بدأت ترسم ملامحه الثورة التقانية وثمرة المعلوماتية والإتصال. فمن مهمات هذا المجلس استشراف بعض المسائل ذات الصلة بمشاكل المجتمعات الأوروبية والقضايا السياسية الدولية على مدار 4 جلسات في العام الواحد، وخلاصات مناقشاته توجه أعمال لجنة الوزراء الأوروبيين وتُمارس تأثيراً في الحكومات [12].
وهذا التفكر ذو الطبيعة السياسية والفلسفية يحمُل على ما قد يُصيب الديمقراطية، وما قد يطرأ من تحولات ثقافية (ثقافة الشاشة) [13] تطاول المجتمع بفعل عالم الإتصالات الكوني الجديد، وبعبارة أخرى مآل الإنسان أمام الشبكات.
اذ إن التحول القادم سيًغيّر في استراتيجيات المؤسسات والعلاقات في ما بينها، وفي أدوات الوظيفة السياسية والمواطنة، وفي صيغ اكتساب المعارف، وفي أوقات وأشكال التسلية، وفي مضمون سيادة الدول. والتحول هذا يعلن نهاية عهد الجموع (الجماهير) التي ستنتظم شيئاً فشيئاً في شبكات، متجاوزة الوحدات التقليدية للمكان والزمان والأنشطة والأنشطة الإنسانية للتعبير عن هذا الوضع المستجد. ورغم هذا، ثمة تمسك بالديمقراطية وقيمها، وبالتقدم الإجتماعي ودولة القانون، كما بالموقع المحوريّ للإنسان كمعنى وغاية للفعل السياسي [14]، وصوناً لمبدأ العدالة بين المواطنين، يجب إتاحة فرص عادلة للوصول الى الشبكات، تتولاها الإدارات والسلطات المحلية، أي العمل على دمقرطة عملية النفاذ إلى الشبكات.
والسؤال الرئيس، هل ستدخلنا الشبكات عصر “الديمقراطية الإلكترونية”؟ أو على نحو آخر: أي صلة ستنعقد بين الديمقراطية والتكنولوجيات الجديدة؟ فهذه الأخيرة قد تُستخدم على وجه غير محمود لصالح الهيمنة والإستغلال، وقد توضع أيضاً في خدمة الديمقراطية والحرية والمسؤولية والتضامن [15]. ويتوجب على رجال السياسة، وضع أواليات تتيح التقاسم العادل والمفيد للثروات المُنتجة في سبيل تقديم فرص للعمل، وعوائد تُتيح العيش الكريم، وتؤمن مساكن وإطاراً ملموساً لحقوق الإنسان.
فالخطر على الديمقراطية يتأتى من إخفاقات العيش اليومي للناس، أي من: البطالة والفقر، والتهميش وضيق العيش والأوضاع الإجتماعية الهشة والتفاوت والصراعات الوطنية والإثنية [16]. ويخلق هذا الوضع هوّة بين الناس وبين ممثليهم المنتخبين وفق “الديمقراطية التمثيلية”، ما يفرض مصالحة معطيات المجتمع الحديث مع متطلبات المواطنين، كي يشتركوا على نحو أفضل في الشأن العام. فحقل السياسة يتوسع في شكل هائل، ويتعدى الأمة المحل التقليدي للفعل السياسي، بسبب إمحاء الحدود وتنظيم السوق العالمي وتكاثر السلطات: السلطة السياسية والسلطة المالية والسلطة التكنوقراطية وسلطة الإعلام [17].
هكذا، تجد الديمقراطية التعدّدية نفسها في خطر إذا أخلت مكانها للديمقراطية الإلكترونية المعتمدة استطلاعات الرأي من خلال الفرد المنعزل خلف حاسوبه والمتصل بالشبكة العنكبوتية. فالخطر الداهم هو تناقص عدد المواطنين لصالح تزايد أعداد المُستخدمين للشبكات. ما يقتضي إعادة الإعلاء من شأن الوظيفة السياسية بتحديد غايات هذه التكنولوجيا الجديدة، وجعلها وسائل لخدمة الناس. وبإمكان مجتمع المعلومات إعطاء دفعة جديدة للديمقراطية بخلقه مجالاً إفتراضياً للتغيير. وميّزة العصر الرقمي أنه حامل لسبع خطايا: الفصل بين الأغنياء والفقراء في المعلومات، تبليد عقل عدد كبير من الناس من خلال ألعاب الفيديو، تهديد الحياة الخاصة، تفكيك المتحدات بانقسام الجمهور، التناقص في الجانب الديمقراطي من خلال حملات الترويج الإعلامي، طغيان الشركات الكبرى، وأخيراً، خسارة قيم القطاع العام والمسؤولية الإجتماعية. والوجه الآخر لمجتمع المعلومات أنه مُجتمع مراقبة. لكن، تبقى الديمقراطية العامل القيمي الأساسي الواجب الحفاظ عليه.
عودة “الأغورا”
استخدم مصطلح الفضاء الإلكتروني (cyberespace) في ثمانينيات القرن المنصرم، ولا سيّما من قبل الباحث الأميركي – الكندي وليم جيبسون (W. Gibson). وهو يعرّفه بأنه “مجموعة من البيانات الرقمية وسط محيط كبير من المعلومات والإتصالات، في حال من الترابط العالمي لأجهزة الكمبيوتر”[18].
في التسعينيات، كانت الديمقراطية الإلكترونية في تطور كامل، وغالباً ما كان يتم تقديم الإنترنت على أنها “أغورا إلكترونية جديدة”[19].
من جهته، قارن الكاتب الأميركي هوارد راينجولد (Howard Rheingold)، المتخصص في العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيات الجديدة، الإنترنت بـ “فضاء هابرماس العام” [20]. إذ يشجع هذا الفضاء التبادلات والمناقشات بين مستخدمي شبكة الإنترنت. ويجد هؤلاء أنفسهم في نمط من الديمقراطية التشاركية، المتحررة من الإعلام التقليدي. فالمعلومات متوافرة للمواطنين مباشرة على الفضاء الرقمي، ويمكن أن تجري كل مناقشة في مكان مفتوح للكل.
وفي العام 1995 نشر الفرنسي برنارد مانين (B. Manin) كتاباً أشار فيه إلى ظهور شكل جديد من الديمقراطية: “ديمقراطية الجمهور”[21] . فالشؤون العامة لم تعد تناقش في البرلمان وحده، بل تعرض على الناس أيضاً. فوفاقاً له “يتميز شكل الحكم التمثيلي البازغ حديثاً بظهور بطل جديد متحدر من المداولات العامة،هو الناخب المُطلع والمُستنير، وهناك منتدى جديد لهذه المداولات، هو الإعلام”[22]. لكن، ثمة وجه اعتراض، فحتى لو كانت الشبكات الإلكترونية حاملاً لإحدى أكثر الافكار الديمقراطية قوة، وهي فكرة مجتمع مؤسسس على التواصل الحر، إلا أنها لا تستطيع بلورة اهتمامات مشتركة أو مناظرات متقاربة التوجه، رغم أنها تمثل القيمة الديمقراطية الاكبر :”الحرية”، وهي حرية غير مسبوقة في تاريخ البشرية.
والحال، تحفز الشبكات صيغاً من العمل التعاوني، وهي تشكل البنية التحتية للذكاء الجمعي وتشكل كما يقول الفيلسوف الفرنسي، المولود في تونس، بيار ليفي (pierre lèvy) أساس مشروع حضارة مرادف لإعادة خلق الرابط الاجتماعي من خلال تبادل المعرفة والإعتراف والإنصات وتثمين الخصوصيات (الفرادات)، وخلق ديمقراطية أكثر انفتاحاً وأكثر مباشرة وأكثر تشاركيّة [23].
في عصر الشبكات والديمقراطية الإلكترونية التي هي أقرب إلى الديمقراطية المباشرة يقوم الإنترنت بإنقاذ “الحيِّز العام” (أو الفضاء العام) بإفساحه المجال لساحات النقاش في الوقت الحقيقي وبتقديمه مصدراً للمعلومات الواسعة الشفافة والكونية. وبهذا يقدم إمكانية التوحيد السياسي، كما في المدينة الإغريقية بين المجتمع المدني والسياسة بتقديمه الفرصة التكنولوجية المناسبة لإحلال ولو جزئي للديمقراطية المباشرة “على الخط” بدلاً من الديمقراطية التمثيلية [24].
يرى ليفي في الإنترنت فضاء تواصل، حاوٍ، شفاف وكوني، قاد إلى التجديد العميق لشروط الحياة العامة في اتجاه حرية ومسؤولية متعاظمة للمواطنين. إذ أن نماء “الفضاء الألكتروني” قد حفز ممارسات سياسية جديدة، أُخذت على أنها الخطوات الأولى في “الديمقراطية الإلكترونية”[25]. فالمجموعات الإفتراضية ذات العمق الأرضي والتي هي القرى والبلدات خلقت ديمقراطية محلية من الشبكة أكثر تشاركيّة. وأتاحت الأغورا الجديدة (Agoras) التي سمح بها الأنترنت قيام ضروب من المعلومات ومن المداولة السياسية، الأمر الذي ربط الديمقراطية مع “مجتمع المعلومات”، وتساهم هذه “الأغورا” الإفتراضيّة في نماء ثقافة الحوار، حيث يتبادل الأفراد الآراء بلباقة مع وجود الإختلاف في وجهات النظر، وهذا الحوار ملائم تماماً للعقلية الديمقراطية [26].
وتحوز “الدائرة العامة” الجديدة 3 خصائص أساسية هي: الإشتمال والشفافية والعالمية (الكونية)، فهي:
1 – تسمح بالتعبير العام لكل الأفراد والمجموعات والمؤسسات والجماعات. فقد اختفت الحواجز الجغرافية والاقتصادية والثقافية والسياسية أمام حرية التعبير. ويظهر مستخدمو الإنترنت كمواطنين جيّدي الإطلاع وأكثر فاعلية سياسياً وأكثر وعي إجتماعياً، وهو ما يفقد بعض النخب السياسية حظوتها وإمتيازاتها.
2 – تتيح النفاذ مباشرة إلى المعلومات السياسية والطبية أو القانونية وخصوصاً من خلال الإتصال/التواصل مع أشخاص آخرين عازمين على فهم ما يدور حولهم. وهذه الشفافية المتنامية للمجتمع إزاء نفسه تقتضي موجبات سياسية جديدة.
فممارسة الحوار داخل التجمعات الإفتراضية عوّد الأفراد على المناقشة والمداولة في الشأن العام. وإذ بينوا قدرتهم على التعبير، فإنهم يتوقعون أن يكونوا مسموعي الكلمة. نحن كما يقول ليفي أمام “عرق جديد من المواطنين”: متعلم وواسع الإطلاع، مُعتاد على التعبير، شغيلة الفكر والإتصال في الاقتصاد الجديد، وما رجال السياسة والموظفون بالنسبة إليهم إلا شغيلة للفكر مثلهم، وهذا العرق في حاجة إلى أشكال جديدة من الحاكمية أو الحكم الرشيد.
3 – تضعنا في الكونية: فالإنترنت نظام الإتصال الأول متعدد الوسائط التفاعلية والعابر للحدود، يساهم مع عوامل أخرى تقنية واقتصادية وبيئية في الحد من ضغط الحدود الخاصة بالدول – الأمم والتجمعات الجيوبوليتيكية مثل الإتحاد الأوروبي.
والحال، يدعو ليفي إلى ثورة ثقافية فعلية ترافق الإنتقال إلى الحكومة الإلكترونية تقوم على:
1- ـ تخفيض المستويات التراتبية
2 – إنفتاح مؤسسات الخدمات العامة على بعضها والتدفق المرن للمعلومات
3 – التعبئة من أجل خدمة المواطن – الزبون على مثال شركات الإقتصاد الجديد
ويضيف ليفي أن الثورة العالمية للحكومة الإلكترونية يمكن أن ترتبط بتغير على مستوى كبير يفضِّل سياسات القدرة على سياسات السُلطان، فالسياسات القديمة كما تمارس في البلدان المحرومة من التقاليد الديمقراطية أو في بعض الديمقراطيات الفاسدة، تميل إلى تركيز السلطة بين أيدي فئة قليلة وجعل أوضاع “الرعايا” شفافة لهذه السلطة وإخفاء المعلومات الخاصة بهذه الدوائر الحاكمة. وإحدى النتائج الرئيسية لسياسات السلطان هي لجم الذكاء الجمعي (وأيضاً القدرة) للمجتمعات (أو التجمعات) الخاضعة لها.
وفي الواقع، فإن القدرة المعاصرة لا تحصل إلا بتحفيز الذكاء الجمعي للمنظمات والمؤسسات والمناطق والأمم. ويتطلب هذا الذكاء الجمعي كي يعمل، مناخاً من الثقة المعممة وغياب الفساد والشفافية في كل المعلومات المناسبة وتواصلاً فاعلاً والتعبئة الطوعية لكل الكفاءات[27] .
لقد أحدثت تكنولوجيا المعلومـات والإتصـال تغيـراً عميقـاً فـي الحيـّز العام وفي أوالية اشتغال الدولة وفي الحياة في المدينة وفي التواصل والحوار. وجعلت الفعل الأساسي في الديمقراطية ليس التصويت فحسب، بل المداولـة، أي ممارسـة الذكـاء الجمعـي فـي تهيـئة وإعداد القوانـين والقرارات السيـاسية الكبيـرة.
المراجع
[1] نبيل علي، العرب وعصر المعلومات، (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، ،2001 العدد 184)، ص 509.[2] يشير بيار ليفي في كتابه عالمنا الإفتراضي: ما هو؟ وما علاقته بالواقع؟ إلى أن ظهور التقانات الفكرية أو انتشارها لا يُحدد تلقائياً هذا النمط أو ذاك من المعرفة أو التنظيم الإجتماعي. إذ يجب التمييز بين أفعال تسبّب وتحتم من ناحية، وأفعال تكيّف وتتيح من ناحية أخرى. إن التقنيات لا تحتم، بل تُنظم الأشياء. انها تفتح مجالاً كبيراً لإمكانات جديدة، يتم انتقاء عدد صغير منها فحسب، أو اصطفاؤه من اللاعبين الإجتماعيين. (المنامة، هيئة البحرين للثقافة والآثار، 2018). ترجمة د. رياض الكحال. ص 123.
[3] Sylvie lafortune, points de vue sur internet, (1950-2002). نص متوافر على الإنترنت
[4] M. Gauchet, L’avènement de la démocratie, ( Paris, Ed. Gallimard, 2007). P. 12.
[5] Pierre Rosanvallon, La Légitimité démocratique, les théories de l’intérêt général, ( Paris, Ed. Seuil, 2008).
[6] د. نبيل علي، الثقافة العربية وعصر المعلومات، (الكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد ،265 يناير 2001)، الفصل الأول، ص 15.
[7] E. Forey et C. Geslot, Internet, machines à voter et démocratie, (Paris, L’Harmattan, 2011). p. 7.
[8] B. Loveluck, « Internet, vers la démocratie radicale ? », Le Débat, 2008/4 n° 151, p. 150-166.
[9] غي لاكروا “السيبرانية والمجتمع: نوربرت وينر أو نكسة فكر متمرد”، ضمن كتاب الإنسان في مهب التقنية ، من الإنسان الى ما بعده (تونس، مطبعة بلال، 2019). اختار النصوص وجمعها وترجمها محمد أسليم.. ص 181. ( من ص 177 الى ص 202).
[10] المصدر السابق نفسه، ص 183.
[11] المصدر نفسه، ص 185.
[12] Groupe de Chercheurs, L’univers virtuel: Miracle ou Mythe? (Assemblée Parlementaire, Débats). (Strasbourg, Ed. Du conseil de l’europe, 1998).P. 6.
[13] للتوسع، أنظر: جيل ليبوفيتسكي وجان سيرو، شاشة العالم: ثقافة – وسائل إعلام وسينما في عصر الحداثة الفائقة (القاهرة، المركز القومي للترجمة، 2012). ترجمة وتقديم راوية صادق.
[14] L’univers virtuel: Miracle ou Mythe?, op. cit, P 28.
[15] op. cit, P 125.
[16] op. cit, P. 126.
[17] op. cit, P. 127 et p. 128. يؤكد رولان كايرول بدوره على الدور الرئيس الذي تؤديه وسائط الإعلام في حياة الديمقراطية، وليس أقلها مساهمتها في تسليط الضوء على القضايا الساخنة، وإبقاء بعض المسائل حيّة في ذهن الجمهور. Roland Cayrol, Médias et Démocratie (Paris, Presses de sciences Po, 1997).
[18] William. Gibson, Burning Chrome, Omni, 1982, p. 53.
[19] P. Flichy,« Internet, un outil de la démocratie ? », La Vie des idées, 2105-3030, 14 janvier 2008.
[20] R. Howard, Les communautés virtuelles, Addison-Wesley, France, 1995, p. 6.
[21] Bernard. Manin, Principes du gouvernement représentatif, ( Paris, Ed. Champ Flammarion, 1996). p. 259.
[22] Ibid., p. 299.
[23] pierre lèvy, vers la cybèrdémocratie, نص متوافر على الإنترنت. ولمزيد من التفصيل أنظر كتابه ( La cybèrdémocratie (Paris, éd. odile Jacob, 2002.
[24] Fèlix weygand, Démocratie électronique ou espace public. نص متوافر على الإنترنت.
[25] تبشر الديمقراطية الإلكترونية في زعم ليفي بظهور ديمقراطية جديدة معممة. فهو يتحدث عن “مجتمع مدني كوكبي” حقيقي. لكن، ماذا تعني “الديمقراطية الإلكترونية”؟ مصطلح حديث جداً نشأ من المصطلح الأميركي “Cyberdemocracy”، إنه يشير إلى فكرة أن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (TIC) مثل الأنترنت يمكن أن يحسن الديمقراطية من خلال المشاركة المباشرة والفاعلة للمواطنين في عملية صنع القرار الديمقراطي. يمكن أن يمتد تطبيقه إلى مستوى الكواكب، كما يتحدث ليفي عن “فضاء جديد للتواصل، شامل وشفاف وعالمي، يؤدي إلى تجديد عميق لظروف الحياة العامة بمعنى الحرية وزيادة مسؤولية المواطنين”.
[26] يوجد في مفهوم الديمقراطية كل من فكرة الحقوق والحريات التي تعني الكرامة الساميّة للمواطن (النسخة السياسية للفرد)، وفكرة التداول والنقاش والبحث المشترك عن قوانين أفضل، وبالتالي للذكاء الجمعي في أسمى صوره: الهدف من حكم كوني عادل وغير متحيّز. باختصار، تحتوي الديمقراطية على فكرة الحرية والذكاء الجمعي. ومع ذلك، يوفر الفضاء السيبراني أيضاً قدراً أكبر من حرية التعبير والتنقل في مجال المعلومات أكثر من أي وسائط أخرى سابقة، في نفس الوقت كأداة غير مسبوقة للذكاء الجمعي. pierre lèvy, vers la cybèrdémocratie.( Paris, Ed. Odile Jacob, 2002). P. 32.
[27] pierre lèvy, vers la cybèrdémocratie.( Paris, Ed. Odile Jacob, 2002).
سيرياهوم نيوز3 – الميادين