| أحمد يوسف داود
في تَجلّي حَداثةٍ مُنشَغلةٍ بالثُّقوبِ على المستوى التّعبيريِّ فقطْ:
تَنصبُّ كؤوسُ العَرقِ أوّلاً
على شَرفِ المُؤخِّراتِ التي كأنّها من مَطّاطْ.. وتُصفُّ الصُحونُ منَ الهَراءِ الايروتيكيِّ
والشتائمِ البَليغةِ الناطِقةِ باسمِ الحُرّيّةْ..
وحينَ تَتقصّفُ أضلاعُ الأسِرّةِ الماجِنةِ تَخرجِ نِطافِ القَصيدةِ
مُؤْذنةً بافتِتاحِ التبادُلِ الحَيويِّ للألقابْ!.
وبالطَبْعْ، لامفَرَّ منَ كؤوسِ العَرقِ هُنا معَ بلاغَةِ الشّتائِمِ البَلديّةْ.. فلقد انقضى زَمنُ الفودكا وغابَ فُرسانُهْ.. أمّا الويسكي الأصيلُ فثَمنُهُ أكبرُ من حُلُمْ..
وأمّا المُعبّأُ في الجِوارِ فهو يَنتَهكُ حُرمةَ التّجريبِ بالكثيرِ منَ الفواتِحِ والخواتيمِ الأيديولوجيّةِ الرّثّةْ!.. وَيَظلُّ الكَلامُ على طريقةِ (اليانكي)
هوَ وحدَهُ الرّخيصَ المُعبِّرَ عنِ حَداثَةِ (بلا ضِفافْ) بشَرطِ أن يظلَّ (الخَيارُ) مُستقيماً كما لوْ أنّهُ مِزرابْ!.
وللإنصافِ، إنّها حالٌ مُدهِشَةٌ جدّاً هذه الحَداثةُ المُنشغِلةُ بالثُّقوبِ!.. حالٌ مُدهِشةٌ رَغمَ أنّها ليستْ عاليةَ الجَودةْ،
حتّى أنَّ المَجاريرَ كلُّها – على رَداءَةِ تصريفها – ترفُضُ ابتِلاعَها..
ويُقالُ إنّها قد تُصيبُها بالزُّكام!.
ولا أحدَ يَعرفُ أينَ يَضع (اليانكي) قدمَيهِ بينَ راقِصيها.. ولا كيف يًهِزُّ التُّراثُ خَصرَهُ أمامَ العَرَقْ!..
أمّا المُؤكّدُ وَحدَهُ، فهو أنّ عباقرةَ “التّناطُحِ الثقافيّْ” لابُدّ لهم من أَنْ يَتبادَلوا جميعاً نَظَراتِ التّقزُّزِ معَ قَهوةِ الصّباحْ، حينَ يستيقظونَ وقد عَرِفوا جيداً أَنّهم لم يكونوا أكثرَ من
سُكارى بائِسين يَدّعونَ أَنّهم يَعيشونَ مابعدَ الحَداثَةْ!.
هل تُجيدُ هذه ال(ما بعدَ الحَداثةِ) مَعاركَ الأسِرّةِ فِعلاً؟!..
وهل فُقهاءُ قَصائِدِها وَحدَهم هُم مَنْ يملِكونَ الإجابةَ المُقنِعةْ؟!.
كلُّ المُراقِبينَ يَضحكونَ بلؤمٍ واستِخفافٍ منْ هذا السُّؤالْ.. أمّا الأهمُّ هُنا فهو أنّهُ لاأحدَ من الذينَ كانوا في تلك السَّهرَةِ قد (يَذبحَ ناقتَهُ لِلعَذارى) كما قالً امْرؤ القيسْ في مُعَلّقتِه.. كي يَدخلَ، مُتسَلِّلاً، خِدرِ عُنَيزةْ!. فالطَّريقُ عَبرَ الحَداثةِ واضِحةْ في نَظَرِ المُتعَبقِرين الجّدُدْ، حَيثُ هم يُؤكِّدونَ ضِمنيّاً على أَنَّ:
كُلَّ (عُنيزةٍ) جاهزةٌ كيْ تَستَلقيَ في أَوّلِ سَريرٍ فارغٍ تَراهْ!.. وأَنَّ شتائِمَ الصّباحِ حُرّةٌ دائِماً، ومَكفولةْ في شِرعةِ الأُممِ المتّحِدَةِ ذاتِها، بنِعمةٍ منَ اللهْ.. حَسبَما هُم يَدّعونْ!.
(سيرياهوم نيوز ٣-خاص)