2020-10-31
دمشق-غنوة مية
أكد السفير الجزائري بدمشق لحسن تهامي أن العلاقات بين بلاده وسورية اتسمت دوماً بالتميز نظراً للتلاحم الشعبي المدعوم بجاليتين كبيرتين ورصيد تاريخي تعزز بالمآثر البطولية والفكرية الإنسانية للأمير عبد القادر الجزائري طيلة إقامته في بلاد الشام وموقف الشعب السوري وقيادته الداعمة والمناصرة للثورة التحريرية في الجزائر.
وفي حديث لـ سانا بمناسبة الذكرى الـ 66 لاندلاع الثورة التحريرية الجزائرية أشار تهامي إلى حرص الجزائر وسورية على تعزيز جسور التواصل بينهما وتفعيل التشاور والزيارات المتبادلة بين المسؤولين من الجانبين والتأكيد على الرغبة الصادقة والمشتركة في تقوية العلاقات الثنائية على مختلف الصعد والبحث عن فرص الشراكة المتاحة بينهما.
وبين تهامي أن موقف بلاده من الأزمة في سورية تميز منذ البداية بوضوح في الرؤية حيث دعت الجزائر إلى إيجاد حل سياسي عبر الحوار الوطني بين السوريين يخدم مصالحهم ويحفظ سيادة سورية واستقرارها ووحدتها كما أكدت دائماً على ضرورة احترام قرارات الشرعية الدولية بما فيها قرارات الأمم المتحدة التي ترفض احتلال الجولان السوري.
ولفت السفير الجزائري إلى أن التعاون بين الجزائر وسورية مر بعدة محطات تاريخية مهمة حيث انعقدت دورات عدة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين ترأسها عدد من الوزراء من الجانبين وتمخض عنها تجسيد التعاون في عدد من المجالات الاقتصادية والثقافية مشيراً إلى أنه تم فيما بعد رفع مستوى اللجنة لتصبح اللجنة العليا المشتركة للتعاون برئاسة رئيسي حكومتي البلدين وتمخض عن دورتيها الأولى والثانية التوقيع على عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم والبرامج المختلفة شملت قطاعات اقتصادية وثقافية عديدة.
وأوضح تهامي أنه من أجل تجسيد قرارات وتوصيات أعمال اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين تم تشكيل لجنة للمتابعة عقدت اجتماعها الثاني بدمشق في آذار 2016 على مستوى وزاري وتم الاتفاق على بذل الجهود الممكنة لتعزيز وتوسيع التعاون بين البلدين في المجال التجاري والمالي والمصرفي والجمركي والصناعي والاستثماري والطاقة والنقل والتعليم العالي والبحث العلمي.
وأشار تهامي إلى تمسك بلاده بالمبادئ العامة لسياستها الخارجية القائمة على مبدأ احترام استقلال وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ومبدأ حل الأزمات والنزاعات والمشاكل بالطرق السلمية والحوار والمصالحة بعيداً عن الحلول العسكرية والأجندات الخارجية بالتركيز على العمل متعدد الأطراف والدور المحوري لمنظمة الأمم المتحدة وجهود العديد من المنظمات الإقليمية في التوصل إلى الحلول السياسية للمشاكل والتحديات التي تواجه دول العالم.
وعن دور بلاده عربياً وإقليمياً ودولياً بين تهامي أن الجزائر اتخذت مبادرات عديدة في سبيل إيجاد حلول سياسية تفاوضية للعديد من الأزمات بالمنطقة وتواصل دعمها للقضية الفلسطينية وهي مهتمة بإيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا وتبذل جهوداً حثيثة من خلال الاتصالات المكثفة التي يجريها كل من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير الشؤون الخارجية صبري بوقدوم على المستويات الإقليمية والدولية ولدى كل الأطراف الليبية “وفق مقاربة تهدف إلى إيقاف نزيف الدم في هذا البلد الشقيق”.
وعلى الصعيد الداخلي أوضح السفير الجزائري أن بلاده تواصل مسيرة التشييد والبناء وتشهد تطورات مهمة ميزتها الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس تبون وما يطرحه برنامجه المنفتح على الجميع والهادف إلى بناء الجزائر الجديدة بمشاركة جميع أبنائها انطلاقاً من صياغة دستور توافقي جديد وطرح قوانين تنظيمية جديدة للحياة السياسية والاقتصادية وطرح خطة وطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي وربط الجزائر بتاريخها المجيد عبر إحياء ملف الذاكرة الوطنية وهو ملف يتعلق باستعادة الأرشيف التاريخي للجزائر من حقبة الاستعمار الفرنسي.
وبين تهامي أن للاحتفال بذكرى اندلاع الثورة الجزائرية هذا العام طابعاً خاصاً نظراً لاقترانه بموعد مصيري بالنسبة للجزائر حيث سيقول الشعب الجزائري كلمته في الاستحقاق الجديد المتعلق بالاستفتاء على مشروع تعديل الدستور والذي سيجري تحت مراقبة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي تتولى حصرياً مهمة تحضير وتنظيم وتسيير الانتخابات وعمليات الاستفتاء والإشراف عليها.
واعتبر تهامي أن اختيار هذا اليوم التاريخي يحمل إشارة بليغة إلى أن التعديل الدستوري سينقلنا إلى الجزائر الجديدة استجابة لمطلب الحراك الشعبي السلمي في البلاد داعياً أبناء الجالية الجزائرية المقيمين في سورية إلى الإدلاء بأصواتهم بديمقراطية مبيناً أن السفارة الجزائرية بدمشق اتخذت كل الإجراءات والتدابير الاحترازية والوقائية اللازمة على مستواها وفقاً لبروتوكول صحي وإجراءات صارمة للوقاية من كورونا وتم تجهيز ما يلزم من موارد بشرية ومادية لضمان نجاح ذاك الاستحقاق الوطني.
السفير تهامي شدد على أن ثورة الفاتح من تشرين الثاني عام 1954 ستبقى منبع إلهام لكل الجزائريين ومصدر قوة عزيمتهم وذاكرتهم التاريخية التي رسمتها قوافل الشهداء فأصبحت مثلاً اقتدت به العديد من شعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية في مسيرتها التحريرية وأسهمت الجزائر بذلك في إرساء قيم الحرية والعدالة والمساواة في الحقوق بين الشعوب ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها.
(سيرياهوم نيوز-سانا)